حلت هذا الشهر الذكري السنوية الخامسة لاعتقال 11 عضواً سابقاً في البرلمان و10 صحفيين ومئات من الرجال والنساء الآخرين دون تهمة أو محاكمة، ممن قُبض عليهم في حملة قمع ضد منتقدي الحكومة الذين دعوا إلي إجراء إصلاحات ديمقراطية في سبتمبر 2001.
وقد جري علناً تداول مزاعم في الآونة الأخيرة تفيد أن عدداً من كبار الشخصيات الحكومية السابقة الأحد عشر الذين اعتُقلوا في سجن سري وبعض الصحفيين الذين قيل إنهم محتجزون معهم، قد توفوا رهن الاعتقال بسبب الظروف القاسية وحرمانهم من العلاج الطبي. وزُعم مثلاً، من دون أن يصدر رد عن السلطات الحكومية يمكن التحقق من صحته، أن الجنرال أوجبه أبرها، رئيس أركان الجيش السابق توفي في يوليو 2002 متأثراً بجروح أصيب بها نتيجة محاولة انتحار فاشلة، برغم تقديم العلاج الطبي له. وزُعم أن الوفيات الأخري حدثت في السنوات الأخيرة عقب إصابة المعتقلين بالمرض. ولم تتمكن منظمة العفو الدولية من الحصول علي تأكيد لهذه المزاعم وهي تجري مزيداً من التحريات. وبرغم المناشدات العديدة التي قُدِّمت علي مر السنين والقلق الدولي إزاء اعتقالهم، لم تفصح السلطات قط عن مكان وجودهم أو أوضاع اعتقالهم أو تسمح لأحد بمقابلتهم.
ولتوضيح وضع هؤلاء المعتقلين الذين اختفوا فعلياً عقب توقيفهم، تدعو منظمة العفو الدولية الحكومة إلي تشكيل فريق تحقيق مستقل وحيادي لزيارة السجن السري الذي يُحتجز فيه المعتقلون، وإجراء مقابلات معهم علي انفراد، ورفع تقرير علني حول وضعهم وأوضاع اعتقالهم وصحتهم. وتحث منظمة العفو الدولية مجدداً علي وجوب جعل الاعتقالات تتماشي مع إطار النصوص الدستورية والقانونية الإريترية، فضلاً عن المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان التي صدقت عليها إريتريا، بما فيها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يحظر الاعتقال التعسفي وبمعزل عن العالم الخارجي والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة للسجناء والمحاكمات الجائرة.
وكان الأعضاء الأحد عشر في البرلمان (المعروفون أيضاً بأعضاء مجموعة الخمسة عشر ومن ضمنهم وزراء سابقون في الحكومة) قد اتُهموا علناً بالخيانة خلال الحرب مع إثيوبيا، واتُهم الصحفيون المعتقلون بمساندتهم من خلال مطبوعاتهم بوصفهم جواسيس ومرتزقة . ولم تُوجَّه إليهم أية تهم أو يمثلوا أمام المحكمة. وتعتبرهم منظمة العفو الدولية سجناء رأي سُجنوا لمجرد تعبيرهم عن آرائهم وانتقادهم للحكومة. وتجدد المنظمة مناشدتها المستمرة للإفراج غير المشروط عنهم، فضلاً عن الإفراج عن جميع سجناء الرأي الآخرين، بمن فيهم أولئك المسجونون بسبب معتقداتهم الدينية.
ويُحتجز معظم آلاف السجناء السياسيين والدينيين في إريتريا بمعزل عن العالم الخارجي في سجون سرية أمنية أو عسكرية، بدون أن توجه إليهم تهم أو يمثلوا أمام المحكمة. وغالباً ما لا تعرف العائلات مكان احتجازهم أو حتي ما إذا كانوا علي قيد الحياة. وقد قالت لهم السلطات إنه لا يحق لكم أن تسألوا . والعلاج الطبي رديء للغاية. واستمر نمط سوء المعاملة، الأوضاع القاسية غالباً في حاويات شحن معدنية، علي حاله دون تغيير عاماً بعد عام. ويتواصل استخدام التعذيب بصورة منتظمة كعقاب لسجناء، مثل المجندين في الجيش والسجناء الدينيين.
استمرار الاضطهاد الديني
يتواصل نمط الاضطهاد الديني الذي أشارت إليه منظمة العفو الدولية في ديسمبر 2005. وبحسب ما ورد قُبض علي حوالي 50 طالباً في مايو 2006 بسبب عدم مشاركتهم في مهرجان أقيم في يوم الاستقلال. وقُبض علي 29 مصلياً في اجتماعات منزلية لأداء الصلاة بالعاصمة أسمرة وبلدة كرين وميناء مصوع في منتصف شهر أغسطس 2006.
ويُحتجز ما مجموعه نحو 2000 رجل وامرأة وطفل، بينهم 35 قسيساً ينتمون إلي الكنائس المسيحية الإنجيلية التي أُغلقت في العام 2002 في حوالي 14 سجناً في مختلف أنحاء البلاد. وتظل منشدة الإنجيل هلين برهان التي قُدمت آلاف المناشدات العالمية من أجلها، من دون أية استجابة من قبل الحكومة، محتجزة بمعزل عن العالم الخارجي طوال أكثر من عامين لدي الجيش. وبرغم أنه عُرض عليهم الإفراج إذا وقعوا علي إفادة يوافقون فيها علي التخلي عن عقيدتهم والكف عن التعبد السري، إلا قلة منهم فعلت ذلك، حتي عندما تعرضوا للتعذيب.
كذلك يُعتقل 31 من شهود يهوا، ثلاثة منهم دخلوا الآن عامهم الثالث عشر في السجن، فضلاً عن أربعة رجال دين ينتمون إلي الكنيسة الأرثوذكسية الإريترية التي ورد أن كبير أساقفتها (بطريركها) موضوع قيد الإقامة الجبرية.
ويُعتقل زهاء 70 عضواً في جماعة إسلامية منشقة بدون تهمة أو محاكمة منذ سنتين.
خلفية
نالت إريتريا استقلالها رسمياً في 24 مايو 1993، عقب استفتاء أجرته الأمم المتحدة وسنتين من الاستقلال الفعلي عن الحكم الإثيوبي في العام 1991، عندما شكلت الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا حكومة جديدة. ومنذ النزاع الحدودي الذي نشب مع إثيوبيا في الأعوام 1998-2000، فإن عيسياس أفورقي الزعيم السابق للجبهة الشعبية لتحرير إريتريا والرئيس الحالي وزعيم الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة أرجأ إلي أجل غير مسمي العمل بنظام تعدد الأحزاب والانتخابات اللذين يشكلان جزأين رئيسيين من دستور العام 1997. وتظل قضية الحدود الإريترية – الإثيوبية دون تسوية وتسبب توتراً إقليمياً شديداً. وفي مطلع سبتمبر 2006، انتقدت الأمم المتحدة مجدداً القيود التي تفرضها الحكومة الإريترية علي أعمال المراقبة التي تقوم بها بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في المنطقة الحدودية وترحيل خمسة موظفين دوليين وإلقاء القبض علي متطوع تابع للأمم المتحدة.
ولا يُسمح بعمل أحزاب المعارضة والمنظمات المستقلة للمجتمع المدني أو مجموعات الدفاع عن حقوق الإنسان. وأُغلقت وسائل الإعلام غير الرسمية منذ سبتمبر 2001 ويُعتقل ما مجموعه 14 صحفياً. ويتم قمع الانتقادات الموجهة للحكومة بشدة. وتُمنع العبادة الدينية من جانب المجموعات الدينية التي رُفض تسجيلها الرسمي (أي جميعها باستثناء الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية واللوثرية والإسلام)، علي نحو يتعارض مع الحماية التي يوفرها الدستور للحق في حرية المعتقد.
وقد فر عدة آلاف من الرجال والنساء من إريتريا منذ العام 2001. وتعرض الذين أُعيدوا قسراً من مالطا في العام 2002 وليبيا في العام 2004 للاعتقال والتعذيب. ورفضت الدول الغربية طلبات اللجوء التي قدمها عدة طالبي لجوء إريتريين، ويوجد بعضهم قيد الاعتقال بانتظار إمكانية إبعادهم إلي إريتريا. وحتي الآن كانت هناك مراعاة عامة للمبادئ التوجيهية للمفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة التي تعارض إعادة طالبي اللجوء المرفوضين إلي إريتريا بسبب سوء أوضاع حقوق الإنسان فيها. واعتُقل 300 طالب لجوء إريتري في ليبيا كانوا قد فروا إليها من السودان، ومن ضمنهم 80 امرأة وثلاثة أطفال صغار، في ليبيا في أغسطس 2006 ويواجهون إمكانية إعادتهم القسرية إلي إريتريا.