ينبغي علي الحكومة الأمريكية توضيح مصير ومكان وجود جميع الأشخاص الذين اعتقلوا سراً وضمان إجراء محاكمات عادلة لجميع الأشخاص المحتجزين، علي حد ما قالته منظمة العفو الدولية.
وقالت أيرين خان الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية إن الرئيس بوش أقر أخيراً بما كانت تتناقله الأخبار منذ زمن طويل وهو أن الولايات المتحدة ما برحت تلجأ في الحرب علي الإرهاب إلي الاعتقالات السرية والاختفاء القسري الذي يشكل جريمة بموجب القانون الدولي .
وكانت المنظمة ترد علي إعلان الرئيس بوش أمس الذي ذكر فيه أن 14 رجلاً محتجزين في الاعتقال السري لدي السي آي إيه قد نُقلوا إلي غوانتنامو. وفي الخطاب الذي ألقاه أشار الرئيس بوش إلي أن الأشخاص الأربعة عشر قد يُقدَّمون إلي المحاكمة.
ويلح الرئيس بوش علي الكونغرس الأمريكي لإصدار تشريع يجيز استخدام اللجان العسكرية لمحاكمة المتهمين بالإرهاب، في أعقاب الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا الأمريكية في يونيو والذي قضي بأن اللجان التي شكَّلها غير قانونية.
وقالت أيرين خان إنه لا يجوز للكونغرس أن يأذن بأي شيء – إجراءات جائرة للمحاكمة أو اعتقال تنفيذي إلي أجل غير مسمي أو إفلات من العقاب علي انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة يتعارض مع القانون أو المعايير الدولية ، وأضافت عليه أن يضمن المساءلة الكاملة عن الأفعال الماضية والقانونية الكاملة للأفعال المستقبلية .
وتملك الولايات المتحدة حق وواجب تقديم أي شخص مسؤول عن ارتكاب جرائم، بما فيها الجرائم ضد الإنسانية التي ارتُكبت في 11 سبتمبر 2001 إلي العدالة. وعليها أن تفعل ذلك علي نحو يحترم حقوق الإنسان وسيادة القانون. فالاعتقال السري؛ والاختفاء القسري؛ والتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والاعتقال إلي أجل غير مسمي بدون تهمة؛ والمحاكمات الجائرة جميعها ممنوعة بموجب القانون الدولي.
وقالت أيرين خان إن منظمة العفو الدولية ما فتئت تدعو لتشكيل لجنة تحقيق تتمتع بالاستقلال التام، مع إسهام من خبراء دوليين، في كافة ممارسات الاعتقال والاستجواب في الحرب علي الإرهاب التي تشنها الولايات المتحدة الأمريكية. ويسلط اعتراف الرئيس بوش بأن حكومة الولايات المتحدة استخدمت الاعتقال السري الضوء علي الحاجة الملحة لمثل هذا التحقيق، وليس إلي قوانين جديدة تضفي الشرعية علي هذه الأفعال.
كذلك يجب تعيين نائب عام مكلف خصيصاً بإجراء تحقيق جنائي في سلوك أي موظفين رسميين أمريكيين، بمن فيهم مسؤولو الإدارة، ممن تتوافر أدلة علي مشاركتهم في جرائم ارتُكبت في الحرب علي الإرهاب . ولا يكفي بأن يقول الرئيس إن الولايات المتحدة الأمريكية لا تمارس التعذيب.
تدعو منظمة العفو الدولية الحكومة الأمريكية إلي ضمان محاكمات عادلة لجميع المعتقلين المحتجزين في إطار الحرب علي الإرهاب ، وبخاصة حقهم في:
افتراض براءتهم إلي أن تثبت إدانتهم؛ تمثيلهم من جانب محامٍ يختارونه بأنفسهم؛ حضور محاكمتهم وتمكُّنهم من مواجهة الأدلة المتوافرة ضدهم؛ استبعاد أية أدلة من المحاكمة تكون قد انتُزعت تحت وطأة التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، إلا إذا قُدِّمت ضد المسؤولين عن ممارسة هذا التعذيب أو سوء المعاملة. تقديم استئناف إلي هيئة قضائية أعلي.
وتكرر منظمة العفو الدولية معارضتها لاستخدام عقوبة الإعدام تحت أي ظرف من الظروف.
ويأتي خطاب الرئيس بوش في أعقاب قرار المحكمة العليا الأمريكية الصادر في 29 يونيو في قضية حمدان ضد رامسفلد والذي منعت فيه المحكمة المحاكمات أمام اللجان العسكرية التي اقترحتها الإدارة، حيث تبين لها أنها لم تُؤسس وفقاً للقانون الأمريكي وأن إجراءاتها انتهكت القانون الوطني والدولي علي السواء. كذلك تبين لها أن المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف التي تكفل المحاكمة العادلة والمعاملة الإنسانية في أوضاع النزاع المسلح تنطبق علي القضية التي أُحيلت إليها.
ويجعل حالياً القانون الأمريكي الخاص بجرائم الحرب انتهاكات المادة 3 المشتركة قابلة للمقاضاة في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد شعرت منظمة العفو الدولية بالقلق من أنه من جملة المقترحات التي قدمها الرئيس بوش إلي الكونغرس، نصوصاً تسعي إلي حماية الموظفين الرسميين الأمريكيين من المقاضاة علي انتهاكات المادة 3 المشتركة. كما أعلن الرئيس بوش أنه أرسل إلي الكونغرس اقتراحاً للسماح بنسخة جديدة من المحاكمات أمام اللجان العسكرية.
وبينما لم يكشف الرئيس بوش النقاب عن أساليب الاستجواب البديلة التي تستخدمها السي آي إيه ضد المعتقلين في الحجز السري، إلا أن الأنباء المتكررة تشير إلي أن الإغراق الكاذب و ترك المعتقلين عراة في زنزانة باردة والرش المتكرر بالماء البارد هما ضمن هذه الأساليب.
ويضع توقيت تصريح الرئيس بوش قضية الاعتقالات والاستجوابات والمحاكمات الخاصة بالمعتقلين في الحرب علي الإرهاب في السياق المباشر لانتخابات الكونغرس التي تجري في 7 نوفمبر. وتحث منظمة العفو الدولية السلطات الأمريكية علي تجاوز السياسة الحزبية في ضمان احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون في كافة التدابير المتخذة لحماية الناس من الإرهاب.