كشفت منظمة العفو الدولية النقاب اليوم عن أن الأشخاص الذين توجه إليهم تهم بمقتضي تشريع مكافحة الإرهاب في تركيا ما زالوا يواجهون محاكمات لا تنتهي، حيث مضي علي اعتقال بعض من يحاكمون أمامها أكثر من عقد من الزمن.
ففي تقريرها المعنون، تركيا: تأخير للعدالة وحرمان منها، تشير المنظمة إلي أن مثل هذه المحاكمات كثيراً ما تستند إلي أدلة قديمة تم الحصول عليها من خلال التعذيب.
وقالت نيكولا داكويرث، مديرة برنامج أوروبا وآسيا الوسطي في منظمة العفو الدولية، إن المحاكمات الجائرة لا تزال تلقي بظلال قاتمة علي سجل تركيا في مضمار حقوق الإنسان. ومجرد نظرة علي المحاكمات المطولة والمثلومة لمن توجه إليهم تهم بموجب تشريع مكافحة الإرهاب تشير علي نحو صارخ إلي مدي تردي مستوي القضاء في تركيا اليوم .
إن الحكومة التركية تدعي بأنها ملتزمة باستئصال شأفة التعذيب، ومع ذلك فإن مما يبعث علي الصدمة اكتشاف أن الأدلة المنتزعة عبر استخدام التعذيب لا تزال مقبولة في المحاكم الخاصة بالجنايات الثقيلة، بينما يواصل القضاة رفض عدم الاعتداد بها .
ويحاكم من توجه إليهم تهم بمقتضي تشريع مكافحة الإرهاب اليوم أمام محاكم خاصة بالجنايات الثقيلة حلت محل محاكم أمن الدولة في يونيو 2004. بيد أن النمط نفسه من إجراءات المحاكمة الجائرة لا يزال متبعاً:
فما زال أشخاص وجهت إليهم التهم في وقت يعود إلي العام 1993 وراء القضبان بعد حرمانهم من فرصة الدفاع الفعال أو إعادة المحاكمة الحقيقية، حتي في الحالات التي قضت فيها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن قضاياهم ووجدت أن تركيا قد خرقت واجبات المحاكمة العادلة فيما أصدرته من أحكام بحقهم.
وكثيراً ما يكون القضاة والمدعون العامون هم أنفسهم الأشخاص الذين ترأسوا المحاكمات السابقة في القضايا نفسها أيام محاكم أمن الدولة، معيدين بذلك إنتاج النمط القديم نفسه من جور المحاكمة في ظل النظام الجديد؛
وينتهك الحق في دفاع فعال علي أيدي قضاة يمتنعون بصورة روتينية وتعسفية عن استدعاء الشهود للإداء بشهاداتهم والإجابة علي أسئلة محاميي الدفاع؛
وحتي بعد إتاحة السلطات التركية إمكانية إعادة محاكمة الأشخاص إثر صدور قرارات عن المحكمة الأوروبية وجدت أن تركيا قد خرقت مبادئ المحاكمة العادلة، فإن عمليات إعادة المحاكمة التي جرت حتي الآن لم تنطو علي إعادة نظر جديدة ودقيقة وغير متحيزة فيما قدم من أدلة.
وتعليقاً علي ذلك، قالت نيكولا داكويرث: من حيث القانون، يحق لبعض الأشخاص الذين أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أحكاماً في صالحهم أن يحاكموا من جديد. بيد أن إجراءات إعادة المحاكمة قد ظلت حتي الآن، إذا ما بوشر بها أصلاً، أقرب إلي زواريب كافكا حيث يزيح القضاة والمدعون العامون أبطال المحاكمات السابقة هم أنفسهم الغبار عن ملفاتهم السابقة ويتوصلون، كما هو متوقع، إليالقرار نفسه الذي وجهت المحكمة الأوروبية سهامها إليه في المرتبة الأولي. ولا تتضمن المحاكمات الجديدة أي رد للأدلة القديمة المطعون بها، والتي غالباً ما تكون قد انتُزعت من خلال التعذيب.
وفضلاً عن ذلك، فقد أقرت الحكومة في منحها للحق في إعادة المحاكمة بناء علي قرارات المحكمة الأوروبية التي تُبين بموجبها أن تركيا قد خرقت حقوق المحاكمة العادلة فقرة مَهرباً تمكنها من سد الطريق أمام إمكان إعادة محاكمة أي شخص كانت المحكمة الأوروبية لا تزال تنظر في قضيته في 4 فبراير 2003. والدافع وراء ذلك هو إيجاد سبيل لتجنب إعادة محاكمة عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني. وبذا يكون هذا التدبير كذلك ذا أثر تمييزي علي جميع القضايا الأخري المعروضة علي المحكمة الأوروبية، التي كانت لا تزال قيد النظر في الموعد نفسه.
وتضيف نيكولا داكويرثي قائلة: يتعين علي السلطات التركية أن تجري، كأمر يتمتع بالأولوية الملحة، مراجعة منهجية لجميع الإجراءات الجنائية التي ما زالت قيد النظر كيما تتخذ قراراً بشأن جميع القضايا التي أثيرت حولها مزاعم باستخدام التعذيب أو غيره من صنوف إساءة المعاملة أثناء عمليات الاستنطاق المتعلقة بها لانتزاع أقوال من المشتبه بهم/ المتهمين بصورة غير مشروعة. ويتعين عليها القيام بخطوات لإسقاط جميع الدعاوي التي تحوم حولها شبهات جيدة الإسناد بأن الدليل الرئيسي ضد المتهم يقوم علي اعترافات انتزعت، بحسب ما يزعم، بالقوة .
إن منظمة العفو الدولية تدعو السلطات التركية إلي التقيد بالمعايير الدولية للمحاكمات العادلة وإلي أن تتعهد بإجراء تحقيق واف في جميع مزاعم التعذيب؛ وكذلك إلي أن تضع حداً لجميع أشكال استخدام الأدلة المنتزعة تحت التعذيب في المحاكم؛ وإلي ضمان الحق في دفاع فعال؛ ووضع حد للاعتقال المطول السابق علي المحاكمة وللإجراءات الجنائية المطولة.