بعد إغلاق الحكومة أعينها عما يحدث بالصفد


 بقلم: جدعون ليفي (هآرتس) ..فكّروا في بلدة في النمسا أو ربما في فرنسا. مدينة لواء جبلية قديمة في مركزها معهد. يُنظم كاهن البلدة “اجتماعا طارئا”، يُنفق عليه من ميزانية الحكومة ويتم في “قصر الثقافة” للبلدة، بمشاركة 400 مواطن موالٍ فيهم 18 كاهنا من المحيط المجاور تحت الدعوة إلى عدم ايجار الطلاب اليهود شققا.يؤيد نائب رئيس المدينة الاجتماع.


ويقول الكاهن بكلام عذب: “ليس عندي شيء على اليهود لكن لا يسكنن بلدتنا. ليتعلموا في مدارسهم الدينية لا عندنا”. يشكو سكان البلدة قائلين: “لا يحترم اليهود المكان في أيام الأحد”؛ وقد أصبحت الحديقة العامة التي يجتمعون بها “وكرا”، وأصبح المشفى الذي يعملون فيه “مكانا خطرا”.


إن ايجار اليهود الشقق كما يهدد الكاهن سيُفضي إلى خفض قيمتها وثمة خطر أن يُبدل أبناؤنا الأطهار دينهم. يُنكل عدد من الشبان باليهود ويضربونهم. ويقول اليهود انهم يعيشون في خوف كبير.يبدو هذا بالفرنسية وبالالمانية سيئا. لكن كل هذا حدث في صفد في وجه العرب. لو أن هذا حدث في اوروبا، لأقامت المنظمات اليهودية العالم ولم تُقعده، ولكانت اسرائيل أعادت سفيرها للمشاورة.


ولكان يسارع رئيس الدولة الفرنسي أو النمساوي إلى زيارة البلدة الموبوءة، ويخرجان عن طوريهما لتسكين النفوس. ولكانا اعتذرا للطلاب اليهود وأمرا الشرطة بأن تهتم بأمنهم. ولكان الكاهن حوكِم بسبب معاداة السامية.قبل نحو من عشر سنين دُفعت إلى صفد لاحتفال بلوغ. فجأة ظهر إزائي رجل قوي وقال لي بنغمة تهديدية: “لمصلحتك، أُخرج من المدينة، لا نريدك هنا”.


 منذ أن زرت صفد عند قصفها في حرب لبنان الثانية وفي مهرجان الغناء الحسيدي الحبيب إلي، أخذ الوضع في المدينة يزداد سوءا. إن خليطا قابلا للانفجار من الفقر والتدين، والخواء والشعور القومي القوي، جعل المدينة الجميلة أقبح مدن اسرائيل.


وتحولت من قرية الفنانين إلى قرية القوميين. وأصبح الجُبن الصفدي الشهير عفناً، لقد أصابه عفن فظيع. إنها مدينة مختلطة في الماضي، اضطر سكانها العرب إلى الهرب منها في 1948 بلا عودة، وفيهم اللاجئ محمود عباس، تاركين وراءهم بيوتهم الحجرية الجميلة التي أصبحت حوانيت بيتزا وخِربا، وأصبحت المدينة الأكثر عنصرية في البلاد.


هكذا تكون الحال عندما نصمت ونغفر. قبل نحو من اربع سنين ألغت الدولة لائحة اتهام على حاخام المدينة، شموئيل الياهو، الذي اتُهم بالتحريض على العنصرية، بعد أن دعا الى عدم ايجار العرب شققا والى عدم تمكين الطلاب العرب من الدراسة في كلية صفد.


طُلب الى الحاخام آنذاك أن يعود عن كلامه. قبل عدة ايام عاد اليهم وعلى نحو كبير في “الاجتماع الطاريء” الذي أنفق عليه المجلس الديني وتم في “قصر الثقافة” باسم يغئال ألون – وهو رجل عرف شيئا أو شيئين ايضا عن طرد العرب.


أصدر الحاخام الياهو فتوى وحذّر من “انخفاض قيمة الشقق” ومن “الذوبان في غير اليهود”، مع هتاف الجمهور المُحرَّض. يمكن أن تظل صفد تتعفن في عنصريتها فليست هي جوهر المشكلة. ففي دول كثيرة توجد مراكز أورام خبيثة كهذه. المشكلة هي في رد المجتمع والحكومة في اسرائيل. لا يوجد للعرب “رابطة مقاومة التشهير” ولا يوجد مُشترون لنضال العنصرية الواقعة عليهم مثل التحذير من معاداة السامية الذي يهز القلوب في العالم.