بقلم : أحمد مصطفى الغر ..
“أهمّ أمر في القيادة المثاليّة هو أن تبادر بالقيام بالفعل حتى يسهل على الآخرين تطبيقه” بهذه الكلمات يعبّر رئيس الأوروجواي خوسيه موخيكا عن تبرّعه بـ 90 % من راتبه لصالح الأعمال الخيرية، وهو ما جعله يحصد لقب “أفقر رئيس في العالم وأكثرهم سخاءً”، فالرجل لا يملك حسابات مصرفية ولا ديونًا.
المبلغ الذي يتركه لنفسه يكفيه ليعيش حياة كريمة، وبحسب حديث له أجراه مع إحدى الصحف الفرنسية “يجب أن يكفيه.. خاصة أن العديد من أفراد شعبه يعيشون بأقل من ذلك بكثير”، رجل بهذه العقلية يحكم بلاده بهذه الطريقة.. كان لا بد من أن يكون مؤشر منظمة الشفافية العالمية في صالحه، فمعدّل الفساد في الأوروجواي انخفض بشكل كبير خلال ولايته للبلاد، إذ يحتل المرتبة الثانية في قائمة الدول الأقل فسادًا في أمريكا اللاتينية.
في بلادنا نعيش على وقع الشعارات، أينما ذهبت تجد “العدل أساس المُلك”، وغيرها من المقولات حتى باتت شعارات نراها ونحفظها.. دون حتى أن نسأل عن معانيها، التاريخ الإسلامي مليء بمن هم أعدل وأفضل من “خوسيه موخيكا”، وصلت في عهده الدولة إلى أرقى حال، فاطمأن الحاكم وسعدت الرعية، وهذا ما دفع رسول كسرى إلى قول قولته الشهيرة عندما رأى الفاروق عمر بن الخطاب: (حَكَمت.. فعَدلت.. فأمِنت.. فنِمت.. يا عمر).
فيا أمة أمرها الله بإقامة العدل.. لا تضيّعوا العدل، قال حسن القصار – رحمه الله -: كنت أحلب الغنمَ في خلافة عمر، فمررت براعٍ وفي غنمه نحو من ثلاثين ذئبًا حسبتهم كلابًا، ولم أكن رأيتُ الذئابَ من قبل، فقلت: يا راعي، ما ترجو بكل هذه الكلاب؟ فقال: يا بُني، إنها ليست كلابًا، وإنما هي ذئاب، يا بُني، إذا صلح الرأس، فليس على الجسد بأس.