محمد الأنصاري
اُكتُشف النفط في قطر في العام ١٩٣٩ بعد أن كان الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني قد وقع اتفاقية امتياز للتنقيب عن النفط في عام ١٩٣٥، وقبل ذلك كان السكان في قطر يعتمدون اعتمادًا شبه كامل في معيشتهم على خيرات البحر ومصايد اللؤلؤ كما كان أهل الخليج.
لكن بعد اكتشاف الذهب الأسود تغيّر حال الناس وأحوالهم وتبدلت الأمور إلى الأحسن وبدأ التطور والنهضة والعمران التي عاشتها الدولة ومازالت تسير أمام أعيننا في يومنا هذا. الرابط في الأمر أنه في العام 2008 شاء القدر أن أذهب لشراء سيارة من إحدى الوكالات المعروفة في الدولة لكن ما أدهشني في ذلك الوقت هو فرق زيادة السعر الكبير الذي كان مختلفا عن العام الذي يسبقه، ما جعلني استفسر عن هذا الفرق رغم أن مواصفات تلك السيارة لم تتغير كثيرا عن شقيقتها الجديدة إلا بتغيرات طفيفة جاءت بحكم اختلاف السنة ،وعند استعلامي تبين أن السبب هو ارتفاع أسعار النفط والتي كسرت حاجز الـــ 140 دولارًا تقريبا وأكثر، عندها أيقنت تمامًا أنه “إذا عُرف السبب بطل العجب”.
الآن ورغم مرور شهور على انخفاض أسعار النفط إلا أنني ألاحظ أن ارتفاع الأسعار مازال مستمرا خصوصا في قيمة السيارات وتذاكر الطيران والتي كان يعزو فيها حكام السماء زيادة أسعار التذاكر بسبب ارتفاع سعر النفط وبالتالي وبما أننا دولة نفطية فإن ارتفاعه يصاحبه ارتفاع في كافة مناحي الحياة.
وعلى الرغم من الأسعار الحالية إلا أننا كمواطنين ومقيمين لا نلمس استقرارا في سعر السلع وإنما الارتفاع الجنوني من قبل الشركات التجارية هو السائد والأمثلة السالفة ما هي إلا غيض من فيض . ففي إعلان إحدى شركات الطيران التي سارعت خلال الفترة الماضية الى نشر عروض ترويجية لكي تسد الطريق على أمثالي ، سارعت شخصيا الى الاتصال لحجز تذاكر سفر العطلة ولكن خاب أملي لأن الأسعار الخيالية كانت على مقاعد محدودة جدا وفي أوقات معينة وضمن فترة معينة ، فتبين أن غالبية أسعار التذاكر المتوفرة كانت بالأسعار النفطية للعام 2008 وكأن الساعة الزمنية عند أهل المال متوقفة تماما.
أتفهم موقف الشركات الكبرى حين تزيد الأسعار لأن زيادة سعر المحروقات تكلفهم الكثير، لكن في نفس الوقت أستغرب موقفها عند انخفاض الأسعار وكأن الأمر لا يعنيها لا من قريب ولا من بعيد وكأن شماعة الذهب الأسود أصبحت كذبة أو حجة تستغلها الشركات الكبرى لزيادة أسعارها، خاصة مع ارتفاع أسعار النفط التدريجي والطفيف وتعافيه من الانخفاض، فهل سنرى أو نسمع مسؤولا شجاعا من الزمن الغابر في إحدى الشركات يعلن عن خصومات بسبب انخفاض أسعار النفط ؟.. لننتظر ونرى وإن غدًا لناظره لقريب.
twitter@mohdaalansari
– مصدر بعض المعلومات: مكتبة قطر الرقمية