دعوة الأمير لحوار خليجي – إيراني بداية للتعاون البناء
متفائلون بالمبادرة ونوليها أهمية خاصة لأنها تصب في صالح المنطقة برمتها
نتفق مع الرؤية القطرية أن اختلافات الآراء ليس لها أساس ديني
الحوار أفضل الطرق للتفاهم بين الدول التي يجمعها مصير مشترك
لا توجد أي أرضية للنزاع بين إيران ودول المنطقة
نأمل بعد إزالة العقوبات أن تظهر أرضية جيدة للتعاون بيننا ودول المنطقة

حوار- إبراهيم بدوي :
ثمن سعادة السيد محمد جواد آسايش سفير إيران في الدوحة، دعوة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، لاستضافة الدوحة حواراً خليجياً- إيرانياً معرباً عن أمله أن تشكل هذه الدعوة بداية طريق من التعاون البناء لصالح شعوب المنطقة.
وأعرب السفير الإيراني في حوار مع الراية عن تفاؤله بمبادرة سمو الأمير لأن الحوار وخاصة بين دول الجوار التي تجمعها وشائج وأواصر وطيدة هي أفضل الطرق للتفاهم والتواصل والتعاون مشيراً إلى أن بلاده تولي أهمية خاصة وكبيرة لهذه المبادرة لأنها تأتي خلال رئاسة قطر للدورة الحالية لدول مجلس التعاون وتصب في صالح المنطقة برمتها.
وقال السفير آسايش، إن إيران لديها رغبة أكيدة في توطيد علاقاتها مع دول المنطقة ولذلك كان الترحيب بالدعوة الكريمة التي تفضل بها حضرة صاحب السمو أمير دولة قطر الشقيقة وأعلنا استعدادنا لذلك.
وأكد سفير إيران لدى الدوحة أن المنطقة في الظروف الحساسة الراهنة بحاجة ماسة إلى الأمن والاستقرار والهدوء والتعاون المثمر والمكثف بين الجميع. كما تحدث عن الملف النووي الإيراني ومستقبل العلاقات مع دول المنطقة وغيرها من التفاصيل في السطور التالية:
> أعلن سمو الأمير عن استعداد الدوحة لاستضافة حوار خليجي-إيراني.. كيف ترون هذه المبادرة وأهميتها؟
– إيران ترحب بالدعوة التي تفضل بها صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر الشقيقة لإجراء حوار بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي. ونأمل أن تتوفر أرضيات هذا العمل بأسرع وقت لأننا نرحب دائماً بهذه الحوارات وعلى استعداد كامل لها.
> هل توجد اتصالات أو مباحثات جارية للإعداد لهذا الحوار بالتنسيق مع السفارة الإيرانية في الدوحة؟
– لا يوجد إجراء خاص تقوم به السفارة وأعلنا أننا على استعداد كامل للحوار بين دول مجلس التعاون وإيران، وكانت هناك مباحثات سابقة تمت في هذا المجال، وعلى العموم يتعلق هذا بالإجراءات التي ستقوم بها دولة قطر لاستضافة الحوار وبقية دول التعاون. وهذه الدعوة تمت من قبل صاحب السمو أمير دولة قطر في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ونرحب بها وطبعا كانت هناك مباحثات.
> كانت هناك مباحثات سابقة لإجراء الحوار …إلى أي مدى يمكن أن تعزز دعوة قطر هذه المرة من فرص نجاح هذه المباحثات؟
– مبادرة سمو الأمير مبادرة طيبة ومشكور عليها لأن الحوار وخاصة بين دول الجوار التي تجمعها وشائج وأواصر وطيدة هي أفضل الطرق للتفاهم والتواصل والتعاون ثم إن التوتر لا سمح الله بين هذه الدول التي لها مصير واحد وتعايش مشترك سوف يؤدي بالضرر على دول المنطقة وشعوبها قاطبة ونحن نولي أهمية خاصة وكبيرة لهذه المبادرة لأنها تأتي في رئاسة قطر للدورة الحالية لمجلس التعاون ونأمل أن يستجيب لها الجميع لأنها في صالح المنطقة برمتها.
ونحن متفائلون بهذه المبادرة وإن شاء الله تكلل بالنجاح لأن المنطقة في الظروف الحساسة الراهنة بحاجة ماسة إلى الأمن والاستقرار والهدوء والتعاون المثمر والمكثف بين دول المنطقة كافة.
> أكد سمو الأمير في خطابه أن الخلافات بين إيران ودول الخليج ليست دينية ويمكن حلها بالحوار .. ما موقف إيران من ذلك؟
– نتفق مع الرؤية القطرية أنه لا توجد أي مشاكل ذات طابع ديني وأن الاختلافات في الآراء هي اختلافات سياسية بين مراكز القوى في المنطقة وليست مسألة نزاع ديني أو اختلاف بين السنة والشيعة.
> أبدى الخطاب الأميري رغبة صادقة في إقامة علاقات تقوم على التعاون وحسن الجوار ..هل لدى إيران نفس النوايا الحسنة تجاه قطر ودول الخليج؟
– لدينا حسن النية لتوسيع وتعزيز العلاقات مع جميع دول المنطقة ودول الجوار. وأرجو البعد عن الدعايات ضد إيران لان لدينا رغبة أكيدة في توطيد علاقاتنا مع دول المنطقة ولذلك كان الترحيب بالدعوة الكريمة التي تفضل بها حضرة صاحب السمو أمير دولة قطر الشقيقة وأعلنا استعدادنا لذلك.
> البعض يشير إلى اضطرابات المنطقة وعدم دعم إيران للسنة مقابل دعمها لفصائل شيعية؟
– إيران تدعم غزة وهي ليست شيعية ورغم الذكريات غير الطيبة خلال الحرب الإيرانية-العراقية إلا أننا رفضنا غزو العراق لأرض الكويت وهي سنية. وخلال عملي سفيراً لبلادي في البوسنة في فترة ما قبل وبعد مجزرة سربرينتشا، قدمنا مساعدات كبيرة لأهل البوسنة وكلهم من الأحناف. نحن نريد العزة والرفعة لجميع المسلمين في العالم سواء كانوا شيعة أو سنة ويجب أن تكون هناك وحدة وتعاون وتضامن بين جميع فئات المسلمين على اختلاف مذاهبهم ويجب أن نضع نصب أعيننا الآية الكريمة “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا” لأنه أمر معيب وسيئ أن كل الحروب تقع في الدول الإسلامية ويقتل المسلمون بعضهم الآخر.
> ماذا عن الدعم الإيراني للحوثيين في اليمن والنظام العلوي في سوريا؟
– إيران تدافع عن أي إنسان تراه مظلوماً، ولم نقل أننا نذهب لمساعدة المظلومين لأنهم فصيل من الشيعة، وتاريخيا تساعد إيران الشعوب المظلومة وعلى سبيل المثال، إسرائيل تمارس الظلم والاضطهاد ضد الشعب الفلسطيني ولذلك ندعم القضية الفلسطينية.
> الثورة السورية استمرت 6 أشهر سلمية قبل أن يقمعها الأسد بالرصاص الحي؟
– كل طرف يستدل بأشياء ولكن إذا نظرنا إلى المسألة بنظرة علمية فإنه يجب ألا نكيل بمكيالين. فلا يوجد قتل جيد وقتل سيئ وموقف إيران أن قتل المسلم للمسلم حرام. وإذا ما توافرت النوايا الحسنة فإنه يمكن حل جميع الأزمات بالتوكل على الله وتدبر القرآن ونسيان التعصب فلا توجد مشكلة لا يمكن حلها في الإسلام الذي يدعو للأخوة والمودة.
> هل المطلوب من دول الخليج تغيير مواقفها تجاه سوريا؟
– أملنا وطلبنا أن تكون العلاقات الإقليمية وخاصة بين إيران ودول المنطقة على أحسن حال ولا توجد أي مسائل يمكن حلها بين ليلة وضحاها ويحتاج ذلك إلى وقت وبحث وحوار وعلينا أن نقوم باتخاذ الخطوات اللازمة للتقارب ودول المنطقة جارة لنا وكل الأشياء قابلة للحل بالتفاوض والحوار. نريد العزة والتآزر والتلاحم بين جميع الدول الإسلامية وخاصة دول الجوار.
> لكن البعض يرى أن هناك رغبة إيرانية إقليمية للهيمنة والتمدد على حساب الآخرين؟
– تاريخياً سواء قبل أو بعد انتصار الثورة الإسلامية، فرضت علينا الحروب وهذا ما حدث خلال الحرب التي فرضها صدام حسين على إيران. ورغم دعم القيادة الفلسطينية آنذاك، لهذه الحرب ضدنا لم نتخل عن القضية الفلسطينية. وأهم المشاكل التي نعانيها مع المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية سببها دفاعنا ودعمنا للقضية الفلسطينية.
إنها ادعاءات ليس لها أساس وكان الشاه في العهد البائد حول إيران إلى بلد صديق لإسرائيل وعدو للعرب، ولكن عندما انتصرت الثورة الإسلامية أصبحت دولة صديقة للعرب وضد إسرائيل وتدعم القضية الفلسطينية.
> تبقى المأساة السورية الأفظع إنسانيا، والبعض يرى أن إيران تتجاهل السبب الأساسي للأزمة وهو الرئيس الأسد الذي بدأ بقتل شعبه؟
– لو كانت الدول، انتهجت طريق الحوار لكان أفضل للتوصل إلى حل في سوريا.
> الثورة بدأت سلمية لمدة 6 أشهر؟
– سوريا من دول محور المقاومة لإسرائيل والآن نرى بها جماعات إرهابية يتم تسليحها.
> لم يكن هناك إرهاب قبل استخدام الأسد للسلاح؟
– هذا الأمر يحتاج إلى دراسة ويجب على كافة الأطراف السورية أن يجلسوا على طاولة واحدة للوصول إلى حل وعلينا جميعا مساعدتهم على ذلك. ولا يعني وجود علاقات بين بلدين، مسؤولية أحدهما عن كل تصرفات الدولة الأخرى. ونأمل ألا تكون هناك مشكلات في أي دولة إسلامية على العموم، حتى في مصر أو ليبيا وهي دول ليست شيعية.
> وماذا عن العراق؟
– كذلك في العراق لا نريد مشكلات وكانت هناك ارتدادات لما حدث في سوريا، انتقلت للعراق ولكن إيران من أكثر الدول التي تساعد الأكراد على سبيل المثال وهم ليسوا شيعة وكلهم إخواننا ولدينا أهل السنة في إيران. وهذه المسائل والأزمات لا تتعلق بالسنة والشيعة وإنما بالمتطرفين. ونحن لا ننظر للأشياء بمنظار طائفي أو مذهبي لأننا كلنا مسلمون في النهاية.
> إذا كنا نتحدث بهذه المثالية.. فمن أين تأتي هذه الاضطرابات؟
– السبب في الابتعاد عن تعاليم القرآن الكريم، فبدلا من الاعتصام بحبل الله والوحدة والتضامن ذهب البعض للاعتصام بمصالحه الخاصة. ويجب أن تكون لدى كل الأطراف الرغبة وحسن النوايا لحل المشكلات.
> هل يمكن أن يدفع الاتفاق النووي بإيران إلى شراكة أكبر مع دول المنطقة أم إلى الهيمنة والتسلط؟
– بالعكس، أرى أنه سوف يؤدي إلى زيادة التعاون والشراكة بين إيران ودول المنطقة لأن الكثير من دول المنطقة لديها رغبة في التعاون مع إيران وكان يمنعهم الحظر والعقوبات التي كانت مفروضة على إيران جراء هذا الملف النووي.
> لديكم علاقات تجارية كبيرة مع بعض دول التعاون مثل الإمارات رغم نزاع سياسي حول جزر ثلاث ..هل يمكن البناء على ذلك في الحوار الخليجي الإيراني بسلوك سبل الحوار والتفاوض دون إيقاف للتعاون المشترك؟
– علاقاتنا جيدة على جميع الصعد مع الإمارات وحجم تجارتنا معها أكبر من أي بلد إسلامي آخر ولم تكن مشكلة الجزر عائقاً في تعزيز التعاون بيننا وهناك سوء فهم لهذه القضية ويتم التباحث بشأنها على حدة بين الطرفين.
> إلى أي مدى يمكن استثمار رفع العقوبات عن إيران في خلق مصالح اقتصادية مشتركة تجنب المنطقة شبح الصراعات والحروب؟
– لم يكن موجوداً بين إيران ودول الجوار أي صراع على مدى التاريخ ولن يكون أبداً. ولا توجد أرضية للنزاع والصراع بين إيران ودول مجلس التعاون. والولايات المتحدة الأمريكية استغلت خلافاتها مع إيران لتخويف دول المنطقة من إيران وأن إيران تشكل تهديدا لها.
> ربما لا يكون التهديد مباشراً ولكن عبر وكلاء؟
– لننظر إلى أصل العلاقات وجوهرها الذي يؤكد أنه لا يوجد صراع وليس هناك اختلاف بيننا يمكن على أساسه أن تثار حروب. ونأمل بعد إزالة العقوبات أن تظهر أرضية جيدة للتعاون بيننا ودول المنطقة على مختلف الصعد وخاصة الاقتصادية والتجارية وتكون دعوة صاحب السمو أمير دولة قطر الشقيقة بداية طريق من التعاون البناء لصالح شعوب المنطقة.