بعض البشر تجده يفهم في كل شيء، ومن الممكن أن يتحدّث في أي تخصص، في الرياضة أو الهندسة أو التعليم أو الصحة أو أي مجال من المجالات، ما عليك إلا أن تطرح موضوعًا لتجده يتحدّث بإسهاب وبتخصّص، ومن الممكن أن يحاججك ويعارضك، ومن المستحيل أن يقبل رأيك حتى لو كان ذلك مجال تخصصك، بمعنى أنه لا يقبل الرأي الآخر، لأنه دائمًا على حقّ، ليغرّد في شتّى الموضوعات، كعالم كرة القدم مثلاً، فممكن أن يتحول هذا الشخص إلى مدرب أو لاعب أو حتى مُحلل كُروي يتحدث من بيته في التكتيك، ويبدي رأيه بتعصب في الخطط، ومن الممكن أن يغيّر تشكيل فريق رياضي كامل لأشهر نوادي العالم ويخالف به أساطير كرة القدم ولكن في النهاية هو الصحّ.
خلال الأيام الماضية خرج رئيس هيئة الأشغال العامة /أشغال/ أكثر من مرّة في الصحف المحلية لتبرير الأخطاء التي ظهرت على السطح في عددٍ من مشاريع الدولة، إما بسبب الأمطار، أو بسبب تأخير المقاول المنفذ لتلك المشاريع حسب تصريحه، أو بسبب هنا أو هناك، وفي النهاية المتأثر والمتأفف من المشاكل كلها كل من يعيش على هذه الأرض من مواطن ومقيم.
مما لاشك فيه أن العاملين في الهيئة يعملون ليل نهار وبكل جهد واجتهاد، وهذا جهد ملاحظ من خلال ورشة العمل التي تدور في الدولة، وإن ذلك يسير على قدم وساق، ولكن !! هنا نضع مجموعة من الأسئلة التي يطرحها الشارع القطري وباستغراب، (أين الخلل؟، ليش ؟، ماهي المشكلة ؟، أين القصور ؟، أين الخطأ؟، لماذا تظهر هذه المشاكل في المشاريع في دولتنا ولا تظهر في الدول المجاورة برغم اشتراكنا في العوامل الطبيعية من مناخ والطبقة الصخرية أو أيدٍ عاملة وغيرها من الأسباب التي تعوقنا هنا وتسايرهم هناك ؟، ليش عندنا هذه المشاكل غير الموجودة هناك؟)
لو سرت في شوارع الدولة وكان معك أحد الأشخاص الذين أشرت لهم في بداية المقال لاستمعت منه إلى حلول لو طبقت لوجدتها يمكن أن تكون ناجعة بالفعل، وأي مهندس حديث التخرج يمكن أن يبدي رأيه في حجم الجزر الموجودة بين الشوارع أو حلول الترقيع المؤقتة التي نشاهدها؛ لأن “الشق أكبر من الرقعة”، كحلّ الإشارات التي غزت البلد في كل مكان حتى وضعت قبل الجسور بمئة متر، ما يجعل العالم البيروني يعتزل الهندسة. حتى الطرق الرئيسية لم تسلم، فتمّ اقتطاعها لوضع إشارات أربكت المرور وزادت الطين بله، وإذا كنت في زيارة لإحدى المدن الخليجية بواسطة السيارة، وعندما تتجاوز منعطف الطريق فإنك تحتاج إلى وقت طويل لتتمكن من العودة إلى نفس الطريق، لأن الخطوط السريعة هناك ليس بها إشارات، ولا تقاطعات، ولا تحويلات، ترفع الضغط وتجلب جميع الأمراض المزمنة، وإنما تتوفر لديهم الجسور والأنفاق والشوارع ذات الـ 8 و10 حارات، وهذه الأخيرة تعد من ضمن الأحلام بالنسبة لنا.
بما أننا نفتح صفحة جديدة، فإن الاختبار يكمن في المشاريع اللاحقة وليست السابقة لأن قطر تستحقّ الأفضل كما هو شعار الهيئة، (وعلشان ما نغرقش في شبر ميه على قولة إخواننا في أم الدنيا)، فلابد لمهندسي الهيئة من إبداء الرأي في التخطيط وليس الإشراف على التنفيذ فقط، حتى يأتي اليوم الذي تمتلك فيه الدولة شركة بناء وطنية ضخمة تقوم بكافة المشاريع…لمَ لا، إنها فكرة مطروحة وقابلة للتطبيق. والله من وراء القصد.
Twitter@mohdaalansari