كتاب الراية

علوم لبلاد .. فرمانات الشؤون الإدارية والمالية

سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، قال في خطابه في افتتاح دور انعقاد مجلس الشــــورى الأخير”إن الانخفاض الكبير والمستمر في أسعار الطاقة يدعو للحيطة والحذر، وأؤكد هنا يدعو للحيطة والحذر وليس للخوف. والفرق مهم، فالحذر واقعي ومفيد في السياسات العامة، أما الخوف فغير واقعي ومضرّ، ولا يساعد على وضع السياسات الصحيحة، إذ يشيع مناخات تؤثر هي بذاتها سلباً على الاقتصاد والاستثمار، فيصبح مثل نبوءة كاذبة تحقق ذاتها”.

بدأت مقالي بمقتطف من كلمة سمو أمير البلاد المفدى، لأن ذلك هو النبراس الذي يجب أن تمشي عليه كل أجهزة الدولة، إلا أن عدداً من المسؤولين سلكوا طريق الخوف وبدأت السياسة التي تحدث عنها سموه وهي الخوف المضرّ، والذي لا يساعد على وضع السياسات الصحيحة، فسياسة معالجة البذخ والهدر مطلوبة في جميع الأوقات حتى في وقت الرخاء، وحسن استغلال الموارد مطلب على مدار السنة وليس في أوقات التقشف.

وقد زادت مؤخراً القرارات التي تصدرها عدد من الجهات الحكومية وغير الحكومية لتبلغ بها موظفيها بقطع العلاوة الفلانية أو وقف البدل العلاني، وكل ذلك بداعي التقشف وشد الحزام، ادعاءً سببه ما تعانيه المنطقة بشكل عام وقطر بشكل خاص من مشكلة اقتصادية سببها انخفاض أسعار النفط، فسارعت أجهزة الشؤون الإدارية والمالية وبإيعاز من الوزير أو المدير في كافة الجهات إلى مراجعة حساباتها لتسل سيوف القطع والإيقاف لعدد من البدلات والمكافآت التشجيعية بهدف تخفيض الميزانية وترشيد الإنفاق في أسلوب فرمانات السلاطين التي لا تقبل المناقشة.

الكل يعلم أن صرف بدل العمل الإضافي لا يكون إلا للموظف الذي يحتم صميم عمله العمل على مدار الساعة، كما العاملين في طوارئ الكهرباء والماء والمستشفيات والشوارع وغيرهم، بحيث يكونون رهن اتصال الاستدعاء والاستجابة “أون كول” كما نقوله بلسان الخواجات.

الإخوة في أغلب الشؤون الإدارية والمالية عندما سلوا سيوفهم بفكرة قطع كثير من العلاوات أو البدلات، لتقليل النفقات وخفض ميزانيات الصرف، كان كل ذلك بدون تخطيط أو دراسة وهي سياسة ارتجالية خاطئة راح ضحيتها الموظف البسيط أو العامل الذي يعتبر أهم شخص في سلم العمل من الناحية المهنية، أما أبوعيون زرق ومن على شاكلته فظلت الرواتب خيالية لأنهم.. خبراء.

أسئلة عديدة تطرح نفسها وهي، لماذا لا يبدأ مُصدر القرار كالوزير مثلاً أو المدير بوقف بدلاته هو شخصياً أولاً ؟ من باب “إذا أردت التغييـر فابدأ بنفسـك أولاً”، ولماذا لا توقف عضوية اللجان والاجتماعات الخارجية ؟ التي تصرف لها بدلات للمسؤولين لو جمعت لغطت رواتب العمال وأجورهم جمعاء!.

إن السياسة المتبعة الآن هي سياسة عقاب وقطع خدمات ضرورية في كثير من الأحيان وهي سياسة خاطئة تؤثر على الأداء الوظيفي وبالتالي ستؤثر على الأداء الحكومي، وفي اعتقادي الشخصي المطلوب هو تفعيل الرقابة الدائمة وحسن استخدام الموارد وإدارتها بشكل أمثل مع عدم ارتجال القرارات التي لا تصب في الصالح العام.

خلاصة القول: إن الحيطة والحذر المطلوبين لا يأتيان بوقف صرف قناني مياه الشرب أو وقف صرف الصحف للموظفين كما قامت به بعض الجهات الحكومية..


والله من وراء القصد

[email protected]

twitter@mohdaalansari

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X