هذا الربيع الجديد.. ما عاد لي قلب..
خرج ذات ليلة متواريا مذعورا..
ولم يعد..
اختبأ بين اللحد، وبين الثوب الأبيض..
توارى هناك تحت الأقدام العابرة..
ولم يجد له مخرجا ليعود..
ولم يعد حتى الآن….
……
العيون كانت جافة.. والدموع شحيحة جدا..
لكن فجأة..
لا أدري من أين تفجرت تلك العيون..
لا أدري كيف تراكمت الحسرات واحدة تلو الأخرى..
وخاصة أنها تعرف أنني لم يعد لي قلب..
تحتويني الكآبة بكل مشارطها وخناجرها..
تطعن في العمر الفاني دون كلل..
تجردني من تلك الأحلام الساكنة النقية..
تمسح بظلالها وظلامها كل ملامح الأمل..
أطبقت فوق كل جوارحي..
فهي الوحيدة التي ما تزال تابعة لجسدي..
فأنا لم يعد لي قلب..
…….
السماء كانت نائمة..
لكنها أوقدت كل النجوم لك..
كانت تستعد لمقدمك..
ولذا فقد سبقتك النجوم إلى السماء..
فرشت طريقك أنوارا وهاجة..
وبسطت لك أذرعها وتيجانها اللؤلؤية..
كي تخطو نحوها بكل قوة وحب..
لكنها نسيت أن تبلغني بالأمر..
فقد كانت تلك الفعالية بغاية السرية..
إلا أنه بقلبي التائه في كل العوالم البعيدة..
المستترة خلف سحب الغيب..
كان أمرها بغاية الوضوح..
حينها.. حقا كان لي قلب..
…….
لم يكن ذلك النهار مشمسا..
بل كان شحيحا بالضوء والحياة..
لا أعلم لماذا لم تكن الشمس تتنفس من حولي..؟؟
ولماذا كانت الأشجار تتألم بشدة..؟
فتتساقط أوراقها مع ابتسامات الربيع..
ولماذا كانت الطيور تصارع بعضها بعضا..؟
لا أعلم إن كان ذلك الفضاء حانقا علينا..؟
أم أنه يوزع الأحزان حولنا من دون وعي..؟
أحاول البحث عن كل الأجوبة الصحيحة ..
لكنها تختفي عني بعيدا، حيث يسكن الأمن والسكينة..
وكأنها تبحث عن مساحة من الوقت لتتنفس فيها..
وتبوح بكل ما قلبها من شجن وحيرة..
فقد أدرك الجميع الآن..
أنني لم يعد لي قلب..
……..
حين ترحل.. خذني معك..
فأنا أعددت حقائبي منذ زمن بعيد..
وضعت فيها كل الذكريات الجميلة والحالمة..
فهناك.. في أي مكان خارج هذا القلب..
سوف أحتاج للارتواء من عيون الحب والحياة..
وسوف أضطر للانغماس في ملكوت النسيان..
ليس بإرادتي.. وليس لي يد في ذلك القرار..
لهذا.. احتجت لأن أحزم البقية الضائعة من الأمس..
لففتها بشرائط ملونة براقة..
حتى أجدها في كل لحظة وكل حين..
وخاصة في تلك اللحظات التي تخونني فيها نفسي..
وأصبح وحدي من دون قلب…