80 % من المتعافين يعودون للإدمان
مطلوب إستراتيجية تشمل تدريس الوقاية في المدارس والجامعات
ضرورة تشجيع البحوث والدراسات الميدانية حول دوافع التعاطي
كتبت – هناء صالح الترك:
دعت دراسة حديثة إلى صياغة إستراتيجية للوقاية من تعاطي المخدرات تشمل إدخال برامج الوقاية ضمن المناهج الدراسية والأنشطة التعليمية، فضلاً تأهيل وإعداد المعلمين وأساتذة الجامعات في قطر لتنفيذ برامج الوقاية.
ركّزت الدراسة التي أعدها د. عبدالله جمعة الكبيسي أستاذ أصول التربية، المدير الأسبق لجامعه قطر، على ظاهرة المخدرات في مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وطالبت باستحداث مقرّر في كلية التربية حول الوقاية من المخدرات، فضلاً عن التوسع في نشاط عقد الندوات والحلقات النقاشية داخل الجامعة وخارجها وتشجيع البحوث والدراسات الميدانية التي تكشف عن العوامل والدوافع المساعدة على التعاطي.
وحذّر من عدم نجاح برامج الوقاية في انتشال المقلعين عن الإدمان، لافتاً إلى الدراسات التي تؤكّد عودة 80 % منهم للمخدرات نتيجة غياب الرقابة والمساندة وعدم استكمال علاجهم بالمصحات المتخصصة.
وأوضح د. الكبيسي في مقدمة الدراسة أن الإستراتيجية الوقائية المطلوب تنفيذها يجب أن يمتد تأثيرها لتشمل الساحة التعليمية بأسرها من جامعات وكليات أجنبية ومدارس خاصة ومعاهد تعليمية، لأن الطلبة في تلك المؤسسات ينتمون إلى جنسيات وثقافات مختلفة قد لاتراعي في بعضها القيم الإسلامية بشكل كبير.
وتطرقت الدراسة إلى جهود إدارة مكافحة المخدرات في إحباط العديد من محاولات إدخال المخدرات إلى البلاد عبر مطار الدوحة الدولي وغيره من المنافذ، وما تقوم به اللجنة الدائمة لشؤون المخدرات والمسكرات في مجال التوعية بخطر تعاطي المخدرات.
وقدم د. الكبيسي عرضاً وتحليلاً للمسار التاريخي للجهود التي بذلت وتبذل في دولة قطر للحد من ظاهرة المخدرات، تلك الظاهرة التي أصبحت واقعاً يستشعر خطره المسؤولون وغيرهم من المهتمين بالشأن العام من المواطنين.
الأسباب والعلاج
وقال د. الكبيسي: إن ظاهرة المخدرات لها أسبابها الكثيرة والمتنوعة وفي حال عدم معالجتها بطريقة علمية قد تؤدي إلى مزيد من فقدان أبناء هذا الوطن، وعماد مستقبله، كما أنها تخلق مشكلات نفسية وعدم استقرار عائلي للأسر التي تعرض أحد أفرادها للإدمان على المخدرات.
وأضاف: قد يعتقد البعض ممن ليس له دراية بخطورة الإدمان على المخدرات، أن المسألة قد تحل من خلال معالجة المدمن في مصحات علاج الإدمان، ولكن المتعاطي قبل أن يصل لمرحلة الإدمان فإن ضحاياه تصبح كثيرة.
كفاءة المكافحة
وأكّد أن الحل يكمن في التركيز على أمرين، أولهما زيادة كفاءة أجهزة مكافحة المخدرات إلى حدودها القصوى لتؤدي وظيفتها في مجال الحد من العرض بحيث تحكم الطوق على رقاب تجار المخدرات الكبار وعلى أعوانهم الذين يقومون بترويج المخدرات في المجتمع، والأمر الثاني الاستمرار بشكل مكثف في مجال التربية الوقائية من خطر المخدرات لتعطي ثمارها المرجوة في خلق قيم رادعة لدى الشباب تجاه المخدرات التي تذهب العقل وتخدش الكرامة وتثبط العزيمة.
وقال: ركزنا بشكل خاص على ظاهرة المخدرات في دول مجلس التعاون، ولايغيب عن اهتمامنا ما تتعرض له باقي المجتمعات العربية من هجمة مقصودة طالت معظم شرائح المجتمع.
-
جهود المكافحة وراء تساقط المهربين
أكّد د. عبد الله جمعة الكبيسي في دراسته أن المشهد الاجتماعي اليوم الذي نعيشه يعد من أخطر المداخل التي تهيئ المناخ لنمو عديد من الظواهر الاجتماعية والسلوكية المنحرفة، مثل ظاهرة الاتجار بالمخدرات وتعاطيها، وظاهرة عصابات غسل الأموال وظاهرة النصابين، والاتجار بالبشر.
وقال: أثمرت جهود مركز المعلومات الجنائية لمكافحة المخدرات في دولة قطر الذي يتولى عملية التنسيق على مستوى دول مجلس التعاون، عن إحباط الكثير من عمليات التهريب للمخدرات والمؤثرات العقلية في دول المجلس وقد تم ضبط كميات كبيرة من المخدرات من الهيروين والكوكايين وحبوب المؤثرات العقلية.
بالإضافة إلى جهود إدارة مكافحة المخدرات في إحباط العديد من محاولات إدخال المخدرات إلى البلاد عبر مطار الدوحة الدولي وغيره من المنافذ، ولاشك أننا نقدر جهود الإدارة في ضبط عمليات التهريب ولكننا في نفس الوقت نشعر بالخوف على أبناء المجتمع، ما قد يتسرب للداخل من كميات وأنواع المخدرات التي لا يعرف حجمها. يضاف إلى ما سبق من تحديات تحدٍ آخر يتمثل في غياب مؤسسات المجتمع المدني، التي تعدّ القنوات الشرعية التي من خلالها يعبرالمواطنون عن قضاياهم واهتماماتهم نحو الأمور العامة، إذ بدون هذه المؤسسات يصبح الباب مشرعاً لتراكم الكثير من المشكلات الاجتماعية والثقافية.
-
إغراق السوق العربي بالمخدرات
أكّد د. الكبيسي أن الدراسات والبحوث التي تناولت ظاهرة المخدرات في الوطن العربي، قد أثارت مجموعة من الحقائق والمؤشرات الإحصائية التي تكشف عن حجم ظاهرة المخدرات أو عن مدى اتساع نطاقها وزيادة آثارها المدمرة بين الشباب منذ مطلع الثمانينيات، ما يثير الشك بأن هناك أهدافاً سياسية من وراء إغراق السوق العربية بالأنواع الخطرة من المخدرات مثل الكوكايين والهيروين وحبوب الهلوسة وغيرها من أنواع المخدرات، وبالإضافة لما تقوم به اللجنة الدائمة لشؤون المخدرات والمسكرات من جهود توعوية بخطر تعاطي المخدرات ولما تصادفه من تحديات على صعيد الواقع الاجتماعي تبرز الحاجة ملحة لدعوة المؤسسات التعليمية للقيام بدور فاعل لتوعية الطلاب والطالبات بالأخطار الجسيمة التي تسببها آفة المخدرات، وأن تتضافر جهودها مع ما تضمنته الإستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات من أهداف ومبادئ وخطط وبرامج وأن تكون لها إستراتيجياتها الفرعية.
-
دور مهم للتوعية في تقليل الطلب
يرى د. الكبيسي أن النظام التربوي العام والنظام الجامعي يستطيعان أن يلعبا دوراً فاعلاً حينما يوجهان نشاطهما بشكل هادف ومنهجي ومستمر نحو توضيح المخاطر لجمهور الطلبة وبخاصة أنهما يضمان طاقات بشرية مؤهلة لها تأثير بالغ إذا ما وظفت جهودها توظيفاً علمياً لخوض معركة الوقاية من المخدرات، وكذلك فإن جهود الطلبة وإشراكهم فعلياً في برامج الوقاية تعد ضرورة ليس لحماية أنفسهم فحسب، وإنما لتعزيز دورهم وطاقاتهم من أجل الإسهام في برامج الوقاية من المخدرات على نطاق واسع يشمل المجتمع كله.
وشدّد على أن الحد من العرض والطلب على المخدرات بشكل كامل هو غاية علينا أن نسعى للعمل على تحقيقها كإستراتيجية على المدى الطويل، وهو أمر ممكن، خاصة أن القيم والتقاليد العربية والمبادئ الإسلامية التي تشكل بناء الشخصية للمواطن، وحداثة ظاهرة المخدرات نسبياً في المجتمع القطري كلها عوامل تساعد على الحد من انتشار ظاهرة المخدرات وبخاصة إذا تضافرت جهود مختلف فئات المجتمع ومؤسساته للعمل على إصلاح الخلل وإزالة العوامل والمؤثرات التي تهيئ البيئة المحيطة بالشباب وتدفع بعضهم للتعاطي.