الانقسام يهدد القضية الفلسطينية ويخدم إسرئيل
غياب المشروع الوطني أثر سلباً على مسار القضية الفلسطينية
حملات المقاطعة تواجه لوبياً صهيونياً قوياً وتفتقر للتحرك العربي
دعوات لعمل عربي فلسطيني لتأطير المقاطعة العالمية للاحتلال
الماليزيون يتساءلون لماذا نقاطع شركات إسرائيلية والعرب يتعاملون معها؟
التنسيق الفلسطيني مع الاحتلال يشرعن جرائمه اليومية في عيون العالم
كتب – سميح الكايد:
حذر خبراء في السياسات الدولية من استمرار الانقسام بين الفصائل والقوى السياسية الفلسطينية وتأثيره على مسار القضية الفلسطينية وحضورها على الساحتين الدولية والإقليمية .
تزامن ذلك التحذير مع تجديد قطر دعوتها للقوى الفلسطينية بإنهاء الانقسام الفلسطيني وتوحيد الصف وتجاوز الخلافات وتغليب المصالحة الفلسطينية للتصدي للتحديات الكبيرة في ظل التصعيد الإسرائيلي المستمر وانتهاكات قوات الاحتلال ضد المدنيين والمقدسات الإسلامية.
ونبه الخبراء الى خطورة تحرك اللوبي الصهيوني في مختلف دول العالم مستغلا الغياب الوطني والرسمي الفلسطيني لحشد التأييد للسياسة الإسرائيلية عبر تقديم صورة مزيفة ومغايرة للحقيقة التي تقوم عليها السياسة العنصرية الإسرائيلية من خلال تبرير جرائم جيش الاحتلال.
جاء ذلك خلال الملتقى الدولي الذي نظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة بالتعاون مع فرعه في تونس تحت عنوان استراتيجية المقاطعة في النضال ضد الاحتلال ونظام الأبارتهايد الإسرائيلي .. الواقع والطموح”.
وأكدوا أن المزاعم الإسرائيلية في الغرب تلقى آذنا صاغية في العديد من الدول جراء غياب الحضور الفلسطيني الرسمي وتقاعصه في عرض جرائم الاحتلال على الجهات الدولية المختصة وانطوائه بعيدا عن التأثير على صورة الاحتلال في الساحة الدولية .
كما حذروا من استمرار التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلية معتبرين ذلك التوجه يضفي صورة شرعية لتلك الممارسات اللاإنسانية من جانب إسرائيل.
ودعا الخبراء لضرورة مساندة عمل حركات مقاطعة إسرائيل سياسيًا وأدبيًا، وخاصة الوعي بأهمية العمل الذي تقوم به على المستوى العالمي في ضوء النجاحات العديدة التي حققتها والخسائر التي ألحقتها بالاقتصاد الإسرائيلي لافتين هنا بشكل ناقد الى ضرورة التحرك العربي الفلسطيني الوطني المشترك لدعم هذه الحركات من أجل تحقيق أهدافها والعمل على كبح جماح اللوبي الصهيوني في هذه المجتمعات ووضعها في الصورة الحقيقية لواقع الشعب الفلسطيني الذي يدافع وفقا للقوانين والأطر الشرعية لنيل استقلاله ودحر الاحتلال العنصري الصهيوني.
وأشاروا إلى أهمية العمل على مزيد من تأطير هذه الحملة وكل المبادرات المماثلة وتوسيع قاعدتها وتجديد أساليب عملها لتحقيق الأهداف المرسومة خاصة في البلدان العربية.
مقاطعة إسرائيل
وفي هذا السياق أشار الباحث السياسي والأكاديمي محمد ناظري إسماعيل من ماليزيا إلى أن حملة مقاطعة إسرائيل في ماليزيا تحظى بتأييد شعبي أكثر منه بين الأوساط الرسمية التي تنظر من زاوية مغايرة لموضوع المقاطعة منها أن هذه الأخيرة قد تكون لها تداعيات سلبية كبيرة على الاقتصاد الماليزي وبخاصة في ضوء رغبة ناشطين ماليزيين أن تشمل هذه المقاطعة الشركات التي تتعامل مع إسرائيل ومنها شركات أمريكية لها استثمارات كبيرة في ماليزيا.
وأكد أن تزايد الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وارتفاع وتيرة الاستيطان أدت إلى زيادة التحركات الشعبية ضد المصالح الاقتصادية لتلك الشركات في ماليزيا، وتأسست لهذا الغرض عدة جمعيات وائتلافات مدنية مناهضة لإسرائيل على غرار “بي دي أس ماليزيا” و”القدس ماليزيا” لتفعيل هذه المقاطعة ودفع الأوساط الرسمية إلى اتخاذ إجراءات فعلية وعملية في هذا الاتجاه.
وقال: “من التحديات المطروحة أمام حركة مقاطعة إسرائيل في ماليزيا الصورة السلبية للعرب في ماليزيا فالماليزيون يتساءلون لماذا نقاطع شركات إسرائيلية ويهودية والعرب يتعاملون معها؟ .. ولماذا نقاطع إسرائيل والعرب لا يفعلون ذلك؟ “والفلسطينييون ينسقون أمنيا مع إسرائيل ؟
وأوضح أن قطاعات مهمة من الرأي العام الماليزي تتساءل اليوم عن البديل في حالة مقاطعة إسرائيل ومن سيعوض الخسائر المترتبة على ذلك؟ فضلًا عن اهتمام الماليزيين بالمشاكل الاقتصادية وصعوبات الحياة وتنامي معدلات المديونية وهي كلها عوامل تحد من انخراطهم في حملات المقاطعة.
تشيلي والعرب
وفي سياق هذه المواقف المتناقضة على خط مسار القضية الفلسطينية أكد الباحث بمركز الدراسات العربية في تشيلي كمال قمصية .” أن علاقة تشيلي بالعرب هي علاقة بالفلسطينيين خصوصًا وذلك نتيجة وجود جالية كبيرة من فلسطين وسوريا ولبنان هناك، وأن حضورهم كان لافتًا، ومن ذلك أن 22 صحيفة دورية ناطقة باللغة العربية تصدر في تشيلي، وأن حراك المجتمع المدني الفلسطيني كان ذا ثقلٍ ووزنٍ أكثر من المجتمع المدني التشيلي الذي تأثر بضغوطات اللوبيات اليهودية.
وأوضح أن إستراتيجية مقاطعة إسرائيل بدأت تتبلور بخاصة بعد اعتداءات عام 2006 وتنامي الوعي بحقوق الفلسطينيين لدى التشيليين الذين بدؤوا يقتنعون بأن تصرفات إسرائيل هي من قبيل التمييز العنصري ومن ثمّ حصل تطور مهم في مواقفهم. وتعرّض إلى سلسلة حوادث شهدتها جامعة تشيلية، والتي أفرزت موقفًا يعد على قدر كبير من الأهمية؛ وهو قرار الطلبة، وبنسبة 64 في المئة، في القيام بمقاطعة الجامعات والأكاديميين الإسرائيليين وقد احترم عميد الجامعة قرار الطلبة ولم يلغه بناء على أصوات طلابية أخرى موالية لليهود وإسرائيل.
وأكد ضرورة دعم علاقات التعاون والتنسيق مع المجتمع المدني في تشيلي لإقناعهم برجاحة مواقف الحركات المساندة للفلسطينيين سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا.
اللوبي الإسرائيلي
قال البروفيسور الأسترالي بيتر سلزاك إن اللوبيات والجمعيات الإسرائيلية تسيطر بشكل كبير على المشهد السياسي والمجتمعي في أستراليا لافتا الى أن هذا يجعل النشاط في هذه البيئة أمرًا صعبًا.
وأشار إلى أن هذا الأمر لم يمنع من بروز مجموعات مساندة للقضية الفلسطينية بوجه عام ولحركة مقاطعة إسرائيل بدرجة أقل إذ تأسست مجموعة فلسطين في مالبو وأخرى في سدني، وكذلك الشبكة الأسترالية لدعم فلسطين التي ضمت شخصيات وناشطين فلسطينيين وأستراليين، وعملت على نشر الوعي في المجتمع الأسترالي حول خطورة السياسات الاستعمارية والاستيطانية لإسرائيل. كما تشكلت شبكة الأكاديميين الأسترالية الفرنسية، وعملت على استقطاب المناصرين لحملة المقاطعة وللقضية الفلسطينية، وبخاصة تجديد أساليب العمل والطرق والآليات المعتمدة سواء في نشر الوعي بحملات المقاطعة أو عدوانية الكيان الصهيوني ضد السكان الفلسطينيين.
وأوضح أن من أبرز التحديات التي يواجهها هذا الجهد وفق تقديره، هو الثقل الذي تمثله اللوبيات اليهودية في أستراليا وتأثيرها في الحكومات الأسترالية المتعاقبة التي لم تخف انحيازها إلى إسرائيل وهذا يستدعي العمل العربي والفلسطيني على المستوى الدبلوماسي لشرح خطورة الممارسات الإسرائيلية لدى الأوساط الأسترالية. لمواجهة التحرك الإسرائيلي الفاعل داخل المجتمع الاسترالي وفضح زيف الصور التي يقدمها لهذا المجتمع لاستقطاب تأييد سياسة إسرائيل.
الانتهاكات الإنسانية
وأكد المشاركون بالملتقى أهمية إبراز الانتهاكات الإنسانية ضد الفلسطينيين والتركيز على أن ممارسات الكيان الصهيوني مخالفة لأبسط حقوق الإنسان، والبحث في مختلف القوانين والتشريعات الوطنية والعالمية بما يخدم هذا التوجه والتركيز بشكل أكبر على المقاطعة الأكاديمية والجامعية والثقافية بسبب الوزن الكبير الذي يمثله الجامعيون والباحثون والمثقفون في صناعة الرأي العام.
ولتحقيق هذه الرؤية اقترحوا تشكيل وحدات أو مراكز بحثية على مستوى الجامعات العربية تهتم بموضوع المقاطعة العربية لإسرائيل وتبحث سبل تطويرها وتفعيلها.
وأشاروا الى أهمية مضاعفة الجهد الرامي لنزع الشرعية الأخلاقية والقانونية عن إسرائيل في المحافل الإقليمية والدولية وفي المنظمات العالمية، وفضح ممارساتها العدوانية وسياسات التمييز العنصري التي تنتهجها ضد الفلسطينيين، مع ضرورة الانتباه إلى محاولات تشويه حركة “بي دي أس” وإلصاق شبهات معاداتها للسامية، وهي أحد محاور عمل إستراتيجية إسرائيل المضادة لحركة المقاطعة.
ودعوا إلى تعزيز حالة الترابط بين حركات المقاطعة ضد إسرائيل في مختلف أنحاء العالم بهدف تحقيق مزيد من النجاعة والفاعلية لتدخلاتها ونشاطاتها محذرين هنا من خطورة استمرار غياب مشروع وطني فلسطيني مما أثر سلبيًا في نجاعة نشاطات حركة المقاطعة مؤكدين ضرورة تنسيق المواقف الرسمية والشعبية والمدنية خدمة لحركة المقاطعة وللقضية الفلسطينية بوجه عام.