كتاب الراية

علوم لبلاد… فن إدارة السياسة

قبل أربع وعشرين ساعة فائتة من الآن، لو سألت أغلب العرب الأمريكان والناس في الوطن العربي عن هوية الفائز بالانتخابات الأمريكية لأكد لك بالدليل القاطع أن مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون هي من ستفوز وستنعم بالعيش في البيت الأبيض لمدة الأربع سنوات القادمة، وذلك اعتماداً على استطلاعات الرأي التي كانت تجرى باستمرار خلال الفترة الماضية.

فاز مرشح الجمهوريين دونالد ترامب بالوقوف على سدة حكم الولايات المتحدة الأمريكية القوة العظمى في العالم، رغم معارضة العديد من صقور الحزب الجمهوري أنفسهم في كفة، ودعم الرئيس الحالي باراك أوباما والديمقراطيين وكثير من المسلمين الأمريكيين والمهاجرين في كفة أخرى، مع كفة العالم العربي الذي كان متعاطفاً مع كلينتون ليس لسبب ما وإنما بسبب المواقف السابقة للرئيس المنتخب وتصريحاته عن المسلمين والمهاجرين.

ما أريد أن أسلط عليه الضوء هو الدرس المعتبر الذي نتعلمه من إحدى أقوى الوسائل الإعلامية في العالم وهو الإعلام الأمريكي 2016 ، فمهما كانت قوة هذا الإعلام ونفوذه وتأثيره وتغلغله في المجتمع، ومهما عُليت درجة ثقافة ووعي وإدراك وفكر العاملين ورموزه في تلك المحطات العملاقة، إلا أن نتائج انتخابات الأمس أثبتت عجز السلطة الرابعة عن قراءة أفكار المواطن العادي ،والتنبؤ بما يجول في عقله، والوصول إلى عمق قناعاته وخياراته وقراراته.

كل استطلاعات الرأي بلا استثناء من مراكز الدراسات الكبرى والصحف والفضائيات كانت تؤكد بشكل حاسم أن الفوز سيكون حليف هيلاري كلينتون، حتى بعد انتهاء المناظرات الثلاث بين المرشحين، والتي تابعتها بنفسي فجراً، كانت تبين حنكة هيلاري الخطابية ودبلوماسيتها المعروفة، لكن ليلة الأربعاء هوت كل النتائج أرضاً كما هوت أسواق المال العالمية، مخالفة نتائج تلك الاستطلاعات وذلك من أثر “الزلزال الترامبي” الذي اجتاح الولايات الأمريكية بمقياس 274 صوتاً، وسيكون من علامات القرن الحادي والعشرين وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

ما حدث في ليلة الأربعاء ليلة الانتخابات الأمريكية شبيه بما حدث بليلة سقوط بغداد، طبعاً مع فروقات الحدث، إلا أن جهل التفاصيل وصدمة التغيير ضد الاستطلاعات والتصريحات التي نشرتها الوسائل الإعلامية، ستبقى محفورة في ذاكرة التاريخ، وسيبقى الرئيس المنتخب رجل الأعمال قد أعطى كثيراً من المحللين والساسة في أنحاء العالم درساً اقتصادياً في فن إدارة الانتخابات.

والله من وراء القصد

twitter@mohdaalansari

[email protected]

                       

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X