كتاب الراية

علوم لبلاد .. العقار لا يمرض ولا يموت

بين كل فينة وأخرى تطالعنا الملاحق الاقتصادية بإعلانات لبيع أراضٍ في ريف بريطانيا، وفي ربوع ألمانيا، أو بين حدائق الزهور في هولندا، وأغلبها بأسعار استثمارية جاذبه تسيل لعاب حيتان الاستثمار وصغار التجار، بل وفي كثير من الأحيان تجذب الناس العاديين، بسبب مواقعها وإطلالتها على البحيرات والحدائق التي لا نراها إلا في أفلام الرسوم المتحركة.

منذ فترة أنا مع بعض الزملاء نتابع أسعار الأراضي في الدولة ونقارن تباين الأسعار بين المناطق، ونتلمس أسعار الأراضي خارج منطقة الدوحة سعياً منا لشراء أرض سعرها مناسب، حتى بدأت شخصياً في متابعة الأراضي في المناطق البعيدة ووصلت إلى متابعة الأراضي في مدينة الشمال وما حولها، وعند مقارنتها مع الأراضي المحاذية لمدينة الضباب لندن وتواجدها في”مزارع هايدي وخرافها التي تلعب بجانب الأنهر” وجدت أن أسعار أراضينا التي لا يزينها إلا نجوم الليل أغلى وأثمن من أراضي الخواجات، ولا أعلم سبب ذلك الغلاء غير المبرر. فأسعار الأراضي ضرب من الخيال، تغذيها وفرة السيولة لدى التجار ومضاربات السماسرة، ما ينبئ بوجود فقاعات عقارية أضرارها بلا شك أكبر من منافعها.

قديماً عندما تم طرح أسهم شركة صناعات قطر للاكتتاب العام وأخذ جميع من كان على هذه الأرض يتناول خبر الأسعار والفوائد التي ستجنى من وراء هذه الأسهم، معظم الناس تهافت على الشراء، إلا الوالد أطال الله في عمره الذي كان ومازال، برغم أنه ليس من تجار العقار، إلا أنه دائماً ما يحثنا على الاستثمار في العقار في حالة توفر السيولة ولا يفضل ولا يتعامل مع الأسهم بتاتاً، لأنه مؤمن بمبدأ” العقار يمرض ولا يموت”وأنا أقول العقار في قطر لا يمرض ولا يموت ولا حتى “تصيده صخونه”، بل دائماً في صعود مستمر كما عربة الفضاء أبولو.

لك عزيزي القارئ أن تتخيل الفرق في السعر بين قطعة أرض بين زهور التوليب أو الزنبق الهولندي وسعر قطعة أرض في فريج الدوحة الجديدة، وبدون آلة حاسبة ستكون القطعة الوطنية أسعارها أضعاف مضاعفة، ويمكن أن تجعل العالم الهولندي فان ليفن هوك يأتي لاستيطان الدوحة الجديدة ويترك اكتشافاته بل ويستدعي الفنان فان غوخ لرسم لوحاته مع إطلالة بائعي السويكة.

منذ فترة ليست ببعيدة كانت أسعار الأراضي بالألوف، والآن أصبحت بالملايين، وما لا أستبعده أن تصبح بعد فترة وجيزة بالبلايين.. لم لا ؟؟، وكل شيء ممكن في هذا الزمن، وإن غداً لناظره قريب، ما لم توضع الضوابط والقيود.

والله من وراء القصد

 

[email protected]

Twitter@mohdaalansari

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X