بين فترة زمنية وأخرى نسمع عن زملاء في العمل أصحاب خبرة وتخصص أحيلوا إلى التقاعد، وذلك لأنهم بلغوا السن القانونية لقانون التقاعد والمعاشات برغم أنهم في أوج عطائهم مع خبرة تخصيصية تراكمية يبحث عنها الجميع من المدير أو المسؤول، ويحتاجها الشباب المنضم للعمل حديثا ليغرف من خبرة وحنكة هذا الخبير الذي علمته السنون والتكرار والتجارب مالم يعلمه أي شخص آخر.
نظام تقاعد الموظف هو نظام عالمي شُرع ليكافأ فيه الموظف على سنوات خدمته ودوره الذي بذله في خدمة مجتمعه، وهو نوع من التقدير والعرفان بالجميل، يسري في كثير من الدول بما يسمى بالموظف “السِنيَر” حيث يمنحون خصومات وأسعارا خاصة للمتقاعدين من الجنسين على تذاكر السفر أو بعض المنتجات “وهذه عندنا مستحيلة طبعا” أو أولوية تخليص المعاملات في الدوائر الحكومية والمستشفيات أو توفير المواقف كنوع من التقدير على سنوات الخدمة، أما عندنا فيخلونها في خانة “الشيمة” وأنت وضميرك إما تحشمه وتحشم الشيب أو تجعله مثل البعض يقف في الطابور مثله مثل غيره وكأن الموضوع لا يتعلق بك، كل تلك الحوافز التقديرية التي تمنحها بعض الدول الغربية “مع الأسف” هي نوع من الشكر كناية عن عبارة “ما قصرت، كفيت ووفيت” .
كثير من المتقاعدين يجد نفسه يمكن أن يعطي أكثر وأكثر، ويمكن أن يواصل الدرب ويخدم مجتمعه، وكأنه كدهن العود كلما مر عليه الزمن زاد تعتيقا وبلغ النضج ويمكن أن ينقل خبرة السنين إلى الشباب الموجود، إلا أن سنوات العمر المتقدمة والحالة الصحية تقف عائقا أمامه أو أمامها فهم بين نارين، نار طلب العمل لمواصلة خدمة المجتمع ونار ظروف السن التي تحكم عليه بعدم الإجهاد والراحة.
قانون التقاعد العسكري يسمح للشخص المتقاعد أن يعمل بمهنة مدنية، تسد له عجز الراتب التقاعدي، بل ويستفيد منه المجتمع المدني في نقل خبراته وهذا شيء ممتاز ويُشكر عليه أهل الاختصاص، فلماذا لا تطبق هذه الفكرة على الموظف المدني؟ بحيث يكون تقاعد الموظف عند بلوغ السن العالمي للتقاعد “الــ 60” اختياريا ، أما بعد ذلك وبما أننا في دولة الكثافة السكانية الوطنية غير مرتفعة إضافة إلى ندرة الموظف القطري في بعض المهن فمن باب أولى فتح باب العمل بشكل اختياري بعد سن الــ 60 على أن تخصص ساعات عمل معينة أو أيام معينة في الأسبوع أو عمل استشاري أو لجان أو استقبال المراجعين وتوجيههم وحل مشاكلهم بدوام جزئي مخفف 3 أو 4 ساعات في اليوم مثلا، وأيام معينة في الأسبوع، وإجازات معينة كذلك، بحيث يتم الاستفادة من هذا الخبير في العمل وبشكل لا يؤثر عليه صحيا خاصة وهو في مرحلة عمرية لا يتحمل الجسم فيها ضغوطات كبيرة، ففي هذه الحالة اصطدت عصفورين بحجر واحد، استفدت من خبرة هذا المتقاعد بعمل محترم ولم أفتح شاغرا يصعب سده بمواطن من ناحية، ووفرت له مبلغا يسد فيه عجز الراتب التقاعدي ووفرت له عملا مناسبا لمرحلته السنية ولم أجعله جليس البيت من ناحية أخرى خاصة أن قلبه غير متقاعد.
أساس التقاعد هو إحلال الشباب محل كبار السن، ومنح الجيل الشاب فرصة للعمل ومعالجة البطالة في المجتمع وهذه كمجتمع قطري لا نعاني منها بشكل كبير والحمدلله ، اضافة الى ان التقاعد مكافأة وتقدير لأصحاب سنوات الخدمة كما أسلفت، ولكن يجب أن لا تعمم على جميع الأشخاص وجميع المهن، فلابد أن تتم بالطريقة والأسلوب الأمثل وبدراسة متأنية، فالاستفادة في جعل الموظف القطري كبير السن يعمل استفادة متبادلة بين جهة العمل والموظف نفسه، وفي نهاية المطاف حتى لا يصبح الموظف القطري في بعض المهن التخصصية مثل بيض الصعو نسمع عنه بس ما نشوفه.
والله من وراء القصد
twitter@mohdaalansari