صحة الإنسان نعمة من أثمن نعم الله سبحانه وتعالى على البشر، فالعافية لا تقدر بثمن، ولا يضاهيها شيء، لأنك ببساطة عزيزي القارئ لا تستطيع بالمال أو الجاه شراء الصحة، فجميعنا سواء صغارا أو كبارا نلجأ للمداوي بعد الخالق سبحانه وتعالى لعلاج مرض أصاب أحد أعضائنا الجسدية أو لصرف دواء يخفف علينا ما أصاب أجسادنا من علة.
المراكز الصحية التي نزورها بشكل دوري طلبا للعلاج كانت في السابق عبارة عن مكتب استقبال وغرف أطباء، وكروت ملونة بأرقام تصرف للمريض يذهب بها لغرفة الطبيب بلون معين، وبعد خروج كل مريض من عند الطبيب ينادي العامل على الرقم التالي، فتدخل على الطبيب ويتم الفحص الشفهي من ثم الفحص السريري بعدها تذهب لأخذ الدواء. هذه ببساطة آلية زيارة مركز صحي سابق لأخذ علاج، أما حاليا، فمراكزنا الصحية أصبحت خمس نجوم، برك سباحة وملاعب وعيادات مجهزة بأفضل التقنيات العلاجية، ومع كل افتتاح ننبهر بالمركز الصحي الجديد، فقد وفرت الدولة كافة الإمكانيات وصرفت الأموال الطائلة من أجل راحة المواطن والمقيم، ومن باب التطور والتنظيم أصبح هنالك رقم هاتفي خاص لحجز موعد مع الطبيب أسوة بالمراكز العلاجية الخاصة، ولكن..رحلة العلاج إلى أي مركز صحي أصبحت رحلة معاناة لكل مريض، فعند الوصول للمركز الصحي يجب أن يحصل المريض على رقم انتظار قبل التوجه للاستقبال، ثم رقم للدخول على الممرضة للفحص وأخذ القراءات الحيوية، ثم رقم للانتظار للدخول على الطبيب ثم رقم للصيدلية.. يعني حياة المريض رقم في رقم في رقم بمعنى آخر عملية انتظار في انتظار في انتظار.
كل ما سبق يقبله العليل على مضض لأنه في النهاية لم يزر المركز الصحي للتنزه،إنما جاء مجبورا طلبا للعلاج، والمشكلة تكمن أن مع طول وقت الزيارة المهدر في الانتظار تجد أن أقصر وقت في الرحلة العلاجية هو الوقت الذي يقضيه الطبيب مع المريض، وذلك لانشغال الأطباء بتسجيل بيانات المريض وإدخال معلومات في جهاز الكمبيوتر أمامه ومتطلبات وإجراءات إدارية تنال حصة الأسد من وقت المريض، فوقت الكشف يكون عبارة عن بيانات يسجلها الطبيب في الجهاز دون الالتفاف للمريض، وقد مررت شخصيا بتجارب كثيرة في زيارة العيادات لمستشفى حمد العام، وأخيرا وليس آخرا زيارة أحد المراكز الصحية وعلى نفس المنوال لم يقض الطبيب دقائق مع المريض وإنما كان مشغولا مع شاشة الكمبيوتر أمامه، وعند طرح السؤال كان الجواب من الطبيب مشابها لجواب الطبيب السابق “شو بدنا نسوي هذا إلي طالبينه منا”!!! يقولون إن التشخيص الصحيح هو نصف العلاج، ولكن مع النظام الحالي والذي أُشغل فيه الطبيب بأمور مكتبية أصبح التشخيص آخر ما يشغل به الطبيب نفسه.. لأنه ببساطة مشغول في أمور أخرى يمكن أن تترك لموظف إداري آخر، لأن السائل يستشعر امتعاض الأطباء من إجاباتهم، لأنهم على حق، فالطب مهنة ممارسة وليست مهنة مكتبية، وأنا على يقين لو علم أمير الأطباء ابن سينا بما يقوم به الطبيب الآن من الانشغال بالإجراءات الإدارية عن المريض نفسه، لذهب وألزم العالم أبوبكر الرازي ليغير اسم كتابه من الحاوي للطب إلى حاوي الطب أي معالج الطب لأن الطب حاليا يحتاج فعلا إلى حاو.
متأكد من أن مؤسسة الرعاية الصحية الأولية التي تعمل على إدارة المراكز الصحية المنتشرة في الدولة أو وزارة الصحة نفسها يهمها ما يعانيه الطبيب أولا وما يترتب عن ذلك على المريض ثانيا لأن في الحالتين، الخاسر الوحيد هو المريض ولو طرحت هذا الموضوع على أي طبيب يعمل في الدولة سواء كان طبيبا عاما أو استشاريا في عيادته، لجاءك التشخيص الصحيح وأعطاك الجواب الشافي المعافي في الحال وهو “خلونا نشتغل يا راجل”. والله من وراء القصد.
Twitter@mohdaalansari