الإيمان مفتاح الخير والنجاح
طغيان النفس قد يكون عائقا في وجه التغيير للافضل

خلق الله سبحانه وتعالى في النفس الاستعداد للتقوى، والاستعداد للفجور، قال تعالى»وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا» الشمس7 ، 10.
وعندما تترك النفس دون مراقبة وتقويتها بالإيمان والتقوى، فإنها ستطغى، ويكون طغيانها لا حدود له، وهذا يكون عائقاً في وجه التغيير الذي نطمح إليه.
ولو تأملنا في النفس البشرية سنجد لديها القابلية للهداية والقابلية للفجور، فلا يولد شخص على ظهر الأرض إلا وفي نفسه الخاصية بل وتظل معه، وليس معنى أن أغلب الناس قد سار وراء هوى نفسه ورغبتها في الفجور أن تنعدم قابليتهم للهداية، ربما قد تضعف بمرور الوقت وطول الأمد، وذلك نتيجة لقسوة القلب والبعد عن طريق الله تعالى، إلا أن هذا لا يعني عدم الرجوع إلى طريق الله تعالى والتوبة، فالله تعالى كما أنه يحيي الأرض بعد موتها، فإنه عزّ وجل يحيي القلوب كذلك، مصداقاً لقوله تعالى: «اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» الحديد 17 .
طغيان النفس قد يكون عائقاً في وجه التغيير، ولا يترك لها مجالاً لاتباع طريق الإيمان والتقوى، ومعرفة الحق وحب الخير للآخرين، بل يكثر فيها الحسد والغل والفجور، ولو تأملنا في كتاب الله تعالى لوجدنا القصص القرآنية التي تتكلم عن طغيان النفس وفجورها، ويشخص لنا الحالات التي ابتعدت عن طريق الله، وتركوا نفوسهم دون تزكية حتى وصلت إلى درجة الطغيان، وهذه قصة سيدنا يوسف عليه السلام وماذا فعلت النفس بإخوته حينما أرادوا أن يقتلوه ويخلو لهم وجه أبيهم، قال تعالى: «وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ» يوسف 18.
وكذلك في قصة السامري، عندما سوّلت له نفسه الأمارة بالسوء «قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي» طه 95 ، 96.
وقد ذكر لنا القرآن الكريم قصة ابنى آدم، فهما أخوان شقيقان تربيا في نفس البيئة، لكن أحدهما ألجم نفسه بلجام الخوف من الله عزّ وجلّ ، والآخر تركها دون هذا اللجام فألجمته وأسرته ثم أرغمته على قتل أخيه انتصاراً لها وتحقيقاً لرغباتها، فأطاعها يقول الله تعالى:»فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ، قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي، فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ» المائدة 30 ، 31.
وأفضل علاج لطغيان النفس وخطورتها هو الإيمان، فالإيمان مفتاح لكل خير، وهو مفتاح النجاح، ويعمل على تغيير ما بالأنفس ويوجهها إلى طريق التقوى ويبعدها عن طريق الفجور، والإيمان بداية الحل لأي مشكلة، والقرآن الكريم يبين لنا أن الإيمان والتقوى طريق الفلاح والنجاح والطريق الذي يقف أمام طغيان النفس وخطورتها، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيم» الأحزاب 70 ، 71.
ويقول تعالى:»وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ» الطلاق 2 ، 3.