التفاؤل مفتاح التغلب على الأزمات
إذا أَحسن الإنسان الظن بِربه فإنه لايعرف طريقاً للفَشَل
بسمة الحَياة ولذَّتها مِن نَصِيب أرباب الأمل وأصْحاب التّفاؤل
كتب – نشأت أمين:
اكد فضيلة الداعية الشيخ ماهر الذبحاني ان المـــُـــؤمِنَ لاَ يَسْخَطُ ولاَ يَقْنَطُ، ولاَ يَيأْسُ ولاَ يُحْبَطُ، لان الحَياةُ كُلُّها ابتِلاءاتٌ، مشيرا الى ان الأَمَلُ والتَّفاؤلُ مَطلَبٌ لِلتَّغلُّبِ عَلَى الأَزَماتِ،يُعْطِي المـــُـــؤمِنَ قُوَّةً وعَزِيمَةً، وطَاقَةً عَظِمَيةً مضيفا انه إِذا أَحْسَنَ الانسان الظَّنَّ بِرَبِّهِ،فإنه لاَ يَعْرِفُ طَرِيقاً لِلفَشَلِ، ولاَ يَدْخُلُه الكَسَلُ والمــَـــلَلُ، ولَوِ استَبْطأَ الفَرَجَ، وكَثُرَ دُعاؤه وتَضَرَّعَه، ولَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ لِلإِجابَةِ،فإنه مع ذلك يَظَلُّ مُتفائِلاً فِي حَياتِهِ
وقال الشيخ ماهر الذبحاني أَنَّ اللهَ تَعالَى قَدْ جَعَلَ الحَياةَ الدُّنْيا مُتَقلِّبَةَ الأَحوالِ، لاَ تَستَقِيمُ أَبداً عَلَى حَالِ، ولاَ تَصفُو لِمَخلُوقٍ مِنَ الكَدَرِ، فَفِيها الخَيْرُ والشَّرُّ، والسُّرورُ والحُزْنُ، ويأْتِي الأَملُ والتَّفاؤلُ شُعاعَيْنِ يُضِيئانِ دَياجِيرَ الظَّلاَمِ، ويَشُقَّانِ دُروبَ الحَياةِ لِلأَنامِ، فَيَبْعثانِ فِي النَّفْسِ الجِدَّ والمــُــــثابَرَةَ.
الامل في النجاح
واوضح ان َالذِي يُغْرِي التَّاجِرَ فِي تِجارَتِهِ أَمَلُهُ فِي الأَربَاحِ، والذِي يَبْعَثُ الطَّالِبَ لِلْجِدِّ فِي دِراسَتِهِ أَمَلُهُ فِي النَّجاحِ، والذِي يَدْعُو المـــُـــؤمِنَ أَنْ يُخالِفَ هَواهُ، ويُطِيعَ مَولاَهُ، أَمَلُهُ فِي الفَوزِ بِجَنَّتِهِ ورِضاهُ، وإِذا تَعَسَّرَ عَلَى المـــُـــؤمِنَ شَيءٌ لَمْ يَنْقطِعْ أَمَلُهُ فِي تَبدُّلِ العُسْرِ إِلى يُسْرٍ، وإِذا اقتَرفَ ذَنْباً لَمْ يَيأَسْ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ ومَغْفِرَتِهِ، بَلْ يَرْجِعُ إِلَى رَبِّهِ فَبِالأَمَلِ يَذُوقُ الإِنْسانُ طَعْمَ السَّعادَةِ، وبِالتَّفاؤلِ يُحِسُّ بِبَهْجتها مشيرا الى ان النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ النَّبِيُّ يُعْجِبُهُ الفَأْلُ، لأَنَّ فِيهِ إِحْسانَ الظَّنِّ بِاللهِ عَزَّ وجَلَّ.
حُسْنِ الظَنِّ بِاللهِ
واضاف : حَقِيقَةَ الأَمَلِ لاَ تَأْتِي مِنْ فَراغٍ، كَما أَنَّ التَّفاؤلَ لاَ يَنشأُ مِنْ عَدَمِ، فالله عز وجل يُبَدِّلُ مِنْ بَعْدِ الخَوفِ أَمْناً، ومِنْ بَعْدِ العُسْرِ يُسْراً، ويَجْعَلُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجاً، ومِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجاً، ولِهذَا كَانَ المـــُـــؤمِنَ عَلَى خَيْرٍ فِي كُلِّ الأَحْوالِ، لِحُسْنِ ظَنِّهِ بِاللهِ الوَاحِدِ المـــُـــتَعالِ، وَتَفاؤُلِهِ لِبُلُوغِ الآمَالِ، فَهُوَ شَاكِرٌ للهِ فِي السَّرَّاءِ، وصَابِرٌ عَلَى ما أَصَابَهُ فِي الضَّرَّاءِ، فَكَانَ أَمْرُهُ كُلُّهُ خَيْرٌ، ولَيسَ ذَلِكَ إِلَّا لِلْمُؤمِنِ المـــُـــتَفائِلِ، فَعَنْ صُهَيْبِ بنِ سِنانٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ‘ : ((عَجَباً لأَمْرِ المُؤمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلُّهُ خَيْرٌ، ولَيسَ ذَلِكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلمُؤمِنِ، إِنْ أصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وإِنْ أَصابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ))، والمـــُـــؤمِنَ دائماً يَضَعُ نُصْبَ عَينَيْهِ قَولَ اللهِ تَعالَى: ((وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ..))، وهُوَ عَلَى يَقِينٍ بِأَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، ومَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيْبَهُ كَما قَالَ النَّبِيُّ ‘ : ((لاَ يُؤمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ، وحَتَّى يَعلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، ومَا أَخْطأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ))، وشَتّانَ مَا بَيْنَ حَالِ المــُـــتفائِلِ والمـــُـــتشَائِمِ، إِذِ المــــُـــتشائِمُ لاَ يَرَى فِي الوُجُودِ إِلَّا الظَّلاَمَ والشَّقاءَ، ولاَ يَرَى الحَياةَ إِلَّا بِنَظْرَةٍ سَوْداءَ، فَحَكَمَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ مِنَ التُّعساءِ
ابتلاءات الرسول
وتابع: َهَذا رَسُولُ اللهِ ‘ الذِي أَرْسَلَهُ اللهُ بَشِيراً ونَذِيراً، ودَاعِياً إِلَيْهِ بِإِذْنِهِ وسِراجاً مُنِيراً، مَكَثَ فِي مَكَّةَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ عَاماً يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الإِسْلاَمِ، لِيُخْرِجَهُمْ مِنْ عِبادَةِ الأَصْنامِ، إِلى عِبادَةِ المـــَـــلِكِ العَلاَّمِ، فكذبوا طَواغِيتُ الشِّرْكِ دَعْوَتَهُ بِالاستِهزاءِ والعِصْيانِ، ورَفَضُوا عِبادَةَ الواحِدِ الدَّيّانِ، وواجَهُوا آياتِ رَبِّهِ بِالسُّخْرِيَةِ والاستِهزاءِ، وأَذاقُوا أَصْحابَهُ أَلواناً مِنَ الإِيذَاءِ، قال رسول الله ‘:(لقد أخفت في الله وما يُخافُ أحد ، ولقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد ، ولقد أتت علي ثلاثون من بين ليلة ويوم ، وما لي ولبلال طعامٌ يأكله ذو كبد ، إلَّا شيءً يواريه إبطُ بلال) .
وقال الشيخ ماهر الذبحاني انه مع هذا كله لَمْ يَضْعُفْ أَو يَستَكِينْ، ولَمْ يَنْطَفئْ فِي صَدْرِهِ الأَمَلُ والتَّفاؤلُ، وحِينَ اشْتَدَّ عَلَيهِ وعَلَى صَاحِبِهِ ابا بكر وَوصَلَ المــُـــشْرِكونَ إِلَى غَارِ ثَوْرٍ كَانَ -‘ يَقُولُ لأَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بِلُغَةِ الواثِقِ بِرَبِّهِ، الذِي لَمْ يَتَسرَّبِ اليَأسُ إِلَى قَلْبِهِ: ((ما ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثالثُهُما))،ولاَ عَجَبَ أَنْ يَكونَ النَّبِيُّ ‘ بِهذَا اليَقِينِ والتَّفاؤلِ.
الاقتداء بالانبياء
واوضح ان َهَذِهِ صِفَاتُ إِخْوانِهِ المـــُـــرْسَلَيِنَ مِنْ قَبْلِهِ، وقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِمْ فِي قَولِهِ: ((أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ))، مشيرا الى ان َهَذَا إِبراهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- قَدْ صَارَ شَيْخاً كَبِيراً، ولَمْ يُرزَقْ بِولَدٍ، فَدَفَعَهُ حُسْنُ ظَنِّهِ بِالوَاحِدِ الأَحَدِ، وتَفَاؤلُهُ بِالفَرْدِ الصَّمَدِ، أَنْ يَدْعُوَهُ لِيَرزُقَهُ وَلَداً مِنَ الصَّالِحينَ فَقَالَ: ((رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ))، فَاستَجابَ لَهُ رَبُّهُ ووَهَبَهُ إِسْماعِيلَ وإِسْحَاقَ عليهم.
وقال : وهَذا نَبِيُّ اللهِ يَعقُوبُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَدَ ابنَهُ يُوسُفَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- ثُمَّ أَخَاهُ، فَصَبَرَ عَلَى مِحنَتِهِ وبَلْواهُ، بَلْ كان متفائلاً بعودة ولداه فَقَالَ بِقَلْبٍ ممِلوا باليَقِينُ، وإِحْسَاسُ الصَّابِرينَ المـــُـــتفائِلِينَ: ((فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً …))
واكد إِنَّ المـــُـــؤمِنَ بِقَضاءِ اللهِ وقَدَرَهِ، وخَيْرِهِ وَشَرِّهِ، يَعلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا أَلمَّ بِهِ وأَصَابَهُ، قَدْ قَدَّرَهُ اللهُ عَلَيْهِ وكَتَبَهُ، إِيماناً بِقَولِهِ تَعالَى: ((قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا…..)).
مَطلَبٌ لِلكل الأَزَماتِ
واشار الى ان المـــُـــؤمِنَ لاَ يَسْخَطُ ولاَ يَقْنَطُ، ولاَ يَيأْسُ ولاَ يُحْبَطُ، فَالحَياةُ كُلُّها ابتِلاءاتٌ، والأَمَلُ والتَّفاؤلُ مَطلَبٌ لِلتَّغلُّبِ عَلَى الأَزَماتِ، يُعْطِي المـــُـــؤمِنَ قُوَّةً وعَزِيمَةً، وطَاقَةً عَظِمَيةً، فَهُوَ إِذا أَحْسَنَ الظَّنَّ بِرَبِّهِ، لاَ يَعْرِفُ طَرِيقاً لِلفَشَلِ، ولاَ يَدْخُلُه الكَسَلُ والمــَـــلَلُ، ولَوِ استَبْطأَ الفَرَجَ، وكَثُرَ دُعاؤه وتَضَرَّعَ، ولَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ لِلإِجابَةِ، يَظَلُّ مُتفائِلاً فِي حَياتِهِ.
ولفت الى ان ذَلِكَ لاَ يُؤَثِّرُ عَلَى سُلُوكِهِ وتَصَرُّفاتِهِ، فَمَا أَصَابَهُ ابتِلاَءٌ واختِبارٌ، مُقدَّرٌ عَلَيْهِ مِنَ الوَاحِدِ القَهَّارِ، وهَذَا دَلِيلُ مَحَبَّةِ اللهِ سُبْحانَهُ لِعَبْدِهِ، قَالَ تَعالَى: ((مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)).
الحَياةَ قَصِيرَةٌ
ومضى الشيخ ماهر الذبحاني الى القول : الحَياةَ قَصِيرَةٌ فَلاَ تُقَصِّروها بِالهُمومِ والأَحْزانِ، ولاَ تَحْمِلوا الأَرضَ فَوقَ رُؤوسِكُم، وقَدْ جَعَلَها اللهُ تَحْتَ أَقْدامِكُم، ولاَ تَخْشَوا الظَّلاَمَ ولاَ تَذْرِفُوا لَهُ دُمُوعاً، بَلْ أَضْواءً وشُموعاً، ولاَ تُنَغِّصُوا عَيشَ اليَوْمِ بِالتَّفْكِيرِ والخَوفِ مِنَ المـــُـــستَقبَلِ، إِنَّ الحَياةَ هَكَذا خُلِقَتْ، لاَ تَصفُو لأَحَدٍ مِنَ الكَدَرِ، فَلاَ مُبَرِّرَ لِلْخَوفِ مِنْها والحَذَرِ، ولَولاَ أَنَّها دَارُ ابتِلاَءٍ واختِبارٍ لَمْ تَكُنْ فِيها الأَمْراضُ والأَكْدارُ، ولَمْ يَضِقِ العَيشُ فِيها عَلَى الأَنْبِياءِ الأَخْيارِ،
واضاف : اعلَمُوا أَنَّ بَسْمَةَ الحَياةِ ولَذَّتَها مِنْ نَصِيبِ أَربابِ الأَمَلِ وأَصْحابِ التَّفاؤلِ، ورُبَّ مِحنَةِ تَلِدُ مِنْحَةً، وإِنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، والفَرَجَ بَعْدَ الكَرْبِ، وإِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً، فَأَبْشِروا وأَمِّلُوا، واتَّقوا اللهَ -وأَحْسِنوا الظَّنَّ بٍاللهِ وتَفاءلُوا، ولاَ تَجْعلُوا لِليأْسِ طَرِيقاً إِلَيكُم فَتَهلَكُوا وتَفْشَلوا، وتَذكَّروا قَولَ اللهِ فِي الحَدِيثِ القُدُسيِّ: ((أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إِنْ ظَنَّ خَيْراً فَلَهُ، وإِنْ ظَنَّ شَرّاً فَلَهُ)).