تستضيف القاعة العامة للعروض التابعة لبلدية مدينة كاواساكي في اليابان معرضاً فريداً من نوعه، إذ لأول مرة يتعرف اليابانيون على الفن الهندسي الإسلامي في معرض خاص به. وقد فاجأ الحضور الكبير مدير القاعة، فعدد الزوار في ثلاث ساعات فاق متوسط زوار المعارض الأخرى في أسبوع كامل.
وفكرة المعرض مشتركة بين المهندس السوري صلاح قاسمو وزوجته المهندسة المعمارية، فقد رغب بعد سنوات من الإقامة باليابان في أن يعرف اليابانيون على جانب مشرق للحضارة الإسلامية. ويقول قاسمو إن الفن الهندسي الإسلامي غني ومرن جداً، ولذلك يمكن أن تصنع منه لغة تتكلم بها مع الآخر، وهي لغة الجمال التي تخاطب اللاوعي والشعور الداخلي لدى اليابانيين وغيرهم.
مضيفاً: الهندسة الإسلامية غنية ومرنة جداً تتيح صنع لغة جمالية، ويقدم المعرض نبذة عن نشأة الفن الهندسي الإسلامي، ويوضح أن المعماريين والفنانين توقفوا عن استخدام التماثيل لتزيين المباني لأنها تشبه الأصنام، ولجؤوا إلى أنماط أخرى للزخرفة هي الزينة النباتية والخط العربي والخطوط الهندسية. ويدين الفن الهندسي في ابتكاره وتطوره للمساهمات الفكرية المهمة لعدد من علماء الفلك والرياضيات المسلمين، وأشكاله تستند إلى ابتكاراتهم للأنماط الهندسية التي تتكرر وتنتظم في تشكيلات معقدة، ولذلك يمكن رسم هذه الأنماط باستخدام فرجار ومسطرة وقلم فقط، وهذا الجانب للهندسة الإسلامية هو ما يزيد من إعجاب اليابانيين به.
ويسأل معظم زوار المعرض عن الأشكال التي تمثلها هذه الأنماط الهندسية، فالبعض يرى فيها صوراً للأزهار والشمس والنجوم، لكن مصمميْ اللوحات يقولان إنهما تعمّدا عدم وضع عناوين لها، وهما يرغبان في أن تظل آفاق الخيال مفتوحة أمام من يشاهدها. وقد يبدو إنجاز مثل هذه اللوحات أمراً سهلاً للبعض، لكنه في الحقيقة عمل صعب ويتطلب دقة عالية، خاصة في تلك التي تضم ألواناً مركبة.
وتقول لانا طه زوجة قاسمو إنه بعد أن ينجز زوجها الرسم على اللوحة تضع حلولاً للألوان التي سيتم استخدامها، ويتم وضع الألوان على اللوحة بواسطة الخيوط. وبعد النجاح الكبير الذي حققه أول معرض للهندسة الإسلامية في اليابان، يخطط القائمون عليه لإقامة ورش عمل لتعليم اليابانيين من المهتمين بهذا الفن لغة جديدة للتواصل بين حضارتين عريقتين.