
بقلم – سمير عواد:
أكّد كتاب «نار وغضب» الصادر حديثاً في الولايات المتحدة الأمريكية ما يؤكّده الكثير من الخبراء السياسيين في مُختلف أنحاء العالم، بأنّ الرئيس الأمريكيّ المُثير للجدل، دونالد ترامب، فاقد العقل والبصيرة، وأنّه يشكّل خطراً كبيراً على العالم، الأمر الّذي يستوجب تنحيته عن منصبه الذي يشغله من تاريخ العشرين من يناير 2017، لكي لا يتسبّب بكوارث تهزّ العالم.
وخلافاً لرؤساء الولايات المتحدة السابقين، لا يعير ترامب أهمية لمُناقشة قراراته مع مستشاريه، بل يُشير إليها في رسائله عبر تويتر وبشكل غالباً ما يكون استفزازياً. ولا يعاني العالم فقط من تصرّفاته الصبيانية، بل كبار المسؤولين في إدارته، خاصة وزير خارجيته ريكس تيلرسون ووزير الدفاع ماتيس. ويتساءل كثير من المُراقبين عن سبب عدم استقالتهما رغم كل الإهانات التي تعرضا لها بدءاً بتجاهل ترامب نصيحتهما بالتدخل لحل الأزمة الخليجية، ثم الحوار مع كيم جونج أون زعيم كوريا الشمالية لحلّ النزاع النووي مع بلاده. وقلة في العالم أدركوا حينها أن العالم كان على شفير مواجهة نووية.
لكن منطقة الشرق الأوسط من أكثر مناطق العالم تأثراً بقراراته. فعندما اتخذ قراراً بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، تحدّى العرب والمُسلمين وخالف القوانين الدوليّة من أجل التعبير عن تحيّزه لإسرائيل. حتى أن حلفاء واشنطن في الغرب مثل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المعروفة أيضاً بتحيزها لإسرائيل، حذّرت من خطوة نقل السفارة إلى القدس قبل حصول تسوية للنزاع الفلسطيني الأسرائيلي. وأكّد تحيّز ترامب لإسرائيل أن إدارته لن تستطيع القيام بدور الوسيط النزيه لحل هذا النزاع ونزاعات أخرى تسببت قراراته بنشوء بعضها مثل صمته المريب حيال حصار قطر الذي لم يكن ممكناً لولا موافقته.
وكانت آخر استفزازاته إهانة الدول الإفريقية التي رفضت ذلك بحدة وطلبت منه التراجع عن وصفها مع «هاييتي» بحثالة الدول وذلك بعدما بدأ بإهانة المسلمين ومنعهم من دخول الأراضي الأمريكية. ومن وجهة نظر صحيفة «زود دويتشه»الألمانية فإن تصريحاته النابية التي صدرت عنه أخيراً وما ورد في كتاب «نار وغضب» لا يترك مجالاً للشك بأن ترامب «عنصري». وبحسب مجلة «دير شبيجل» فإنّه يشكّل خطراً على العالم.
ولم تسلم القارة الإفريقية من استفزازاته وتصريحاته العنصرية التي تستهوي بعض مؤيديه في أمريكا لكنها تثير تساؤلات حول ما إذا ترامب مصاب بمرض جنون العظمة أو في طريقه للتعرض لمرض الزهايمر.
الثابت أنها ليست الانزلاقة الأولى ولن تكون الأخيرة. وذكرت الصحيفة الألمانية أن سائق حافلة عمل سابقاً في كازينو وفندق يملكه ترامب في أتلانتيك سيتي بولاية نيو جيرسي، قد ذكر قبل عامين في مقابلة نشرتها مجلة «ذا نيويوركر»أن ترامب كان ينفر من السود وكان الموظفون في الكازينو يعفون السود من مهامهم طيلة وجود ترامب مع زوجته. وبحسب الكاتب تورستن دينكلر، لم تكن إهانته للأفارقة مفاجأة لمنتقديه الذين اعتادوا على انزلاقاته مثلما فعل في يونيو الماضي عندما قال إن جميع مواطني هاييتي مصابون بمرض الإيدز وأن أربعين ألف نيجيري يقيمون في بلاده هاجروا من أكواخهم التي لن يعودوا إليها. ورغم أن سفراء 54 دولة إفريقية في الأمم المتحدة طلبوا منه التراجع عن أقواله فليس من المتوقع أن يستجيب لهم.
لكن ما يثير الاستغراب أن قادة العالم يتعاملون مع هذا الرجل متجاهلين انزلاقاته الخطرة على السلام العالمي، رغم أنهم يتساءلون فيما بينهم حول طريقة التعامل معه وتفادي الوقوع في مواجهات معه.
وقد أوضح كتاب «نار وغضب» الذي وضعه الصحفي الأمريكي مايكل وولف ما يدور وراء أبواب مغلقة في لندن وباريس وبرلين بأن دونالد ترامب مريض على الأرجح ومصاب بنفس المرض الذي أصيب به والده وهو الزهايمر، خاصة أن وولف تحدث بالخصوص مع عدد من الأطباء النفسانيين في الولايات المتحدة الذين توصلوا إلى ذلك بعد مراجعة سلوكه.
الشعب الأمريكي هو الذي أتى بترامب إلى البيت الأبيض. والشعب الأمريكي مطالب بتنحيته عن منصبه لأنه أصبح يشكل خطراً على العالم. ترامب يحكم في البيت الأبيض كأنه يدير شركة خاصة أو يرأس منظمة تابعة للمافيا. البعض يقارنه بسائق سيارة تقدّم بالعمر وأصبح هناك ضرورة لسحب رخصة قيادة السيارة منه.
الأسوأ بالنسبة لترامب أنه أقوى رجل في العالم، ويملك الحقيبة النووية وأي خطأ يمكن أن يؤدي إلى كارثة تهز الأرض. لذا يتعين على الأمريكيين التخلص منه أو يبدأ العالم بمقاطعته. إما ترامب مجنون، أو أن بقية السياسيين في العالم مجانين لأنهم يسمحون له أن يتصرف على النحو الذي يقوم به منذ انتخابه.
مراسل الراية في برلين