جسر معلق.. أحدث مظاهر التهويد حول الأقصى
مشروع تهويدي في المنطقة بوضع قبور وهمية في وادي الربابة
المقدسي سمرين يتحدى الكيان الصهيوني فيما يسمى الحوض المقدس
إسرائيل تقيم متنزهاً سياحياً ومسارات توراتية لتغير وجه المدينة
تشديد الخناق على أشجار الزيتون الصامدة بوجه التحريف التاريخي

القدس المحتلة – وكالات: منذ خمسة عقود يواظب المقدسي عمر سمرين على العناية بأراضي عائلته الواقعة في حي وادي الربابة جنوب المسجد الأقصى في القدس المحتلة، متحدياً مضايقات وأذرع الاحتلال المختلفة له بادعاء أنها تقع فيما يُسمى الحوض المقدس التابع للهيكل المزعوم. مشاهد الانتهاكات اليومية تسيطر على تفكيره، لكنها لم تشوّه أرشيف حي وادي الربابة الذي حرص على حفره بذاكرته، فهو الذي ترعرع مع أبناء جيله بين أشجار الزيتون وكان يلهو معهم لساعات بل لأيام وسنوات في ربوعه، وبعد احتلال المدينة عام 1967 بدأ الاحتلال تدريجياً بتغيير معالم الحي وصولاً لوضع اليد على معظم أراضيه ومنع أصحابها من التصرف فيها. آخر صيحات تهويد وتشويه الطبيعة في وادي الربابة بدأت قبل أيام بإقدام سلطات الاحتلال على حفر أساسات لجسر معلق تدعي أنه سياحي سيبلغ طوله 240 متراً وارتفاعه 30 متراً، وسيبدأ من حي الثوري مروراً بأراضي المواطنين في حي وادي الربابة وصولاً لمنطقة وقف آل الدجاني جنوب غرب المسجد الأقصى. عمر سمرين ينظر لمساحات الأراضي الواسعة التي سيستكمل تهويدها بتدشين الجسر المعلق.
ويُعد الجسر جزءاً من مشروع تهويدي في المنطقة بدأ بزراعة قبور وهمية في وادي الربابة وإطلاق اسم «مقبرة سمبوسكي» عليها بادعاء أنها مقبرة يهودية قديمة، وفُتحت مسارات سير تصل بين البلدة القديمة بالقدس والحي ليتم وصلها بمسارات أخرى ستقام مستقبلاً، بالإضافة لإقامة متنزه سياحي ومسارات توراتية، وتصل تكلفة المشروع التهويدي بأكمله إلى ستة ملايين شيكل (نحو 1.8 مليون دولار أمريكي)، بمبادرة وتمويل ما تسمى بـ «دائرة أراضي إسرائيل» و»صندوق المساحات المفتوحة».
اشتداد الخناق على ما تبقى من أشجار الزيتون الصامدة بوجه التهويد التي تملكها عائلة سمرين، لم يمنع عمر من التردد على الأرض، لكنه ممنوع حتماً من حراثتها وتنظيفها. وعن هذا الألم قال: قبل عامين اشتريت أحجاراً كبيرة لأبني بها جدراناً استنادية بالأرض لأنها منحدرة، وتفاجأت بعد دقائق بوصول الشرطة وسلطتي الآثار والطبيعة وطواقم البلدية والجيش وقاموا بالاعتداء علي وطردي من الأرض.. منذ سنوات لا يسمح لنا إلا بقطف ثمار الزيتون، أغادرها بعد انتهاء الموسم لكن روحي متعلقة بها وآتي بشكل دائم لتأمل ما تبقى من أشجارها الشامخة منذ الحقبة الرومانية. ويرجح المقدسي سمرين أنه بوضع اللمسات الأخيرة على الجسر التهويدي الجديد سينهي الاحتلال وجود الحجر والشجر والإنسان الفلسطيني بحي وادي الربابة الذي يعمل بكل ما أوتي من قوة على طرده من أشباه منازل لم تعد تصلح للعيش.
جرافة تابعة لبلدية الاحتلال مستمرة بأعمال الحفر لليوم السادس على التوالي بحي وادي الربابة في مكان انطلاق الجسر المعلق ألم عميق يقول عمر ويقف إلى جانبه ابن عمه أحمد ويتأملان معاً أراضي العائلة التي سيمر الجسر أعلاها، وفي حديثه للجزيرة نت قال أحمد إن الألم الذي يشعر به عميق وهو ينظر لأراضيهم المسلوبة بينما يقارع هو سلطات الاحتلال منذ 17 عاماً للحصول على رخصة لمنزله خوفاً من هدمه ورغم دفعه مبلغ 125 ألف شيكل نحو (37 ألف دولار أمريكي) كمخالفات إلا أنه لم يحصل على الترخيص بعد. رئيس لجنة حي وادي الربابة عبد الكريم أبو سنينة أوضح أن الأرض التي باشرت طواقم الاحتلال بإجراء حفريات لأساسات الجسر فيها هي خاصة وتعود لعائلة العسلي، مشيراً لضرورة التحرك القانوني من أجل وقف العمل بها. وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن كل الإجراءات التي مارسها الاحتلال في حي وادي الربابة لم تنل من عزيمة سكانه، لكنه استهجن عدم التفات السلطة الفلسطينية يوماً لمعاناة الأهالي في الحي، مؤكداً أن قيمة اهتمامها بهم تساوي صفراً. ويعد وادي الربابة أحد أحياء بلدة سلوان الواقعة إلى الجنوب من المسجد الأقصى، ويتربع الوادي على مساحة تبلغ نحو 210 دونمات، يعيش فيها 800 مقدسي في ظروف قاسية، سببها مضايقات أذرع الاحتلال المختلفة سعياً لطردهم من أراضيهم.