بقلم – نورا نصار :
لا أحبذ السخرية من الناس لأجل الفكاهة، فمشاعر الناس ليست أداة للمرح والضحك، والاستهزاء بالآخرين الذي لم يكن يوما مضحكًا، أجد بعض الأشخاص يُطلقون النكات على الآخرين ممن هم موجودون معهم في نفس الجلسة ليُظهروا مرحًا دون أدنى إحساس بمدى سوء فعلتهم، فلماذا لا يتذوق كل شخص كلماته قبل أن يُذيقها لغيره؟.
حدث يومًا أن وجدت زميلة لي تسخر منّى بغرض الفكاهة، في الحقيقة كنت أشعر بالشفقة لما هي عليه، فهي بهذا التصرف كانت تحاول أن تبدو لطيفة كي تجذب الانتباه، وغالبا كنت أصمت وأتجاهل الكلام لأُمرر الموقف، لكني ذات مرة بعد أن تكرر ذلك التصرف كثيرا رددتُ عليها فعلتها فقط لأرى ما ستكون ردة فعلها عندما تعي معنى أن يسخر منها أحد، وأيضا كي تدرك أن هذا ليس لطيفًا كما تعتقد، فما إن سمعت الكلام توقفت قائلة بعد أن ظهرت على وجهها ملامح الجد: حسنًا فلنتوقف عن هذا ولا تسخر إحدانا من الأخرى، والغريب في الأمر أن طريقة طلبها لإيقاف السخرية كانت تمتزج بها مشاعر الرجاء الشديد، فتعجبت وتساءلت لماذا إذاً هذه التصرفات السخيفة منذ البداية؟، وهل يجب أن نفعل ذلك مع كل الساخرين حتى يدركوا مدى سوء تصرفاتهم؟، إنها حقا فلسفة غريبة.
ألا يدرك هؤلاء أنهم لا يجنون شيئًا من ذلك سوى التقليل من شأن أنفسهم، كما أن الله عز وجل نهى عن السخرية من الآخرين، قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) سورة الحجرات (١١).
أيها الساخرون رفقا بقلوب الآخرين، ولا تعتقدوا أنكم تملكون قلوبًا ممنوع المساس بمشاعرها، وغيركم يملكون دُمى لا مشاعر لها.