أزمــات مصـــر تستعصـي على الحـل
مساعدات إسرائيل وقروض صندوق النقد لن يصلحا الفساد
سيطرة الجيش على البلاد يجعل الاستثمار فيها مخاطرة
المدارس والجامعات ضعيفة الجودة والحكومة تنفذ مشاريع استعراضية
انهيار قيمة الجنيه وارتفاع نسبة التضخم يضربان الاقتصاد في مقتل
قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن مصر محظوظة لأن لديها أصدقاء يساعدونها في أزماتها مثل إسرائيل وصندوق النقد الدولي إلا أنهما لا يمكن لهما إصلاح الفساد المستشري في مصر، حيث كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» هذا الأسبوع، أن إسرائيل تدخلت بشن أكثر من 100 غارة جوية على المتشددين في سيناء بطلب من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وبصورة أعم، في عام 2016، وافق صندوق النقد الدولي على منح مصر قرضاً بقيمة 12 مليار دولار في محاولة لإنقاذ الاقتصاد الذي يمر بأزمة خانقة. ومع ذلك، هناك حد لمقدار ما يستطيع الأصدقاء فعله لبلد لا يزال مضطرباً سياسياً واقتصادياً والفساد فيه مستشرٍ، ولم يحدث أي تغيير في الأعوام الـ 7 الماضية، بعد ثورة، وتجربة وجيزة في ظل حكومة منتخبة، ثم العودة إلى الحكم الاستبدادي في ظل «عبدالفتاح السيسي»، ناهيك عن مليارات الدولارات من المساعدات من دول الخليج، ولا تزال مشاكل البلاد الأساسية مستعصية على الحل.
وهكذا، وكما أشار «أنشيل بيفير»، في صحيفة «هآرتس» هذا الأسبوع، مستشهدًا بتقرير «التايمز»، قائلاً إنه لا يمكن للطائرات المقاتلة المصرية والإسرائيلية أن تسقط التمرد في سيناء وحدها، وينطبق الأمر نفسه على مساعدة صندوق النقد الدولي. ولا يفعل ذلك أي شيء لحل مشاكل الفساد وسوء الإدارة والبيروقراطية والقمع التي تضرب البلاد باستمرار، وربما تكون مجرد خدعة سحرية، أو مجرد وهم.
وعلى نفس المستوى، أدى الاتفاق الذي وقعته القاهرة مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر عام 2016 إلى خدعة الاقتصاد، وانخفضت احتياطيات العملات الأجنبية في مصر حتى وصلت إلى مستويات خطيرة، حيث تم إغلاق المصانع بسبب نقص المدخلات المستوردة، لكنها تعافت لتصل إلى 37 مليار دولار، وقد تزايد الاستثمار الأجنبي.
وحصلت مصر على 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، ولكن الثمن الذي كان عليها أن تدفعه هو تخفيض قيمة عملتها، وتحرير أنظمة النقد الأجنبي، وخفض الدعم على الوقود المحلي، ورفع ضريبة القيمة المضافة.
وتأتي هذه الشروط من جهة صندوق النقد الدولي كطريقة معقولة تمامًا، من وجهة نظر اقتصادية، لإصلاح الاقتصاد المكسور، لكنها لا تمس جوهر المشاكل في مصر. وأدى انخفاض قيمة الجنيه المصري إلى ارتفاع التضخم إلى ما فوق 30% معظم العام الماضي، ويتجه الآن إلى الانخفاض، ولكن النفقات الداخلية لا تزال في ارتفاع، مع احتمالات تضاعف الأرقام في المستقبل القريب، ويدفع ارتفاع ضريبة القيمة المضافة الذي يأمر به صندوق النقد الدولي المزيد من الأسر المصرية إلى تحت خط الفقر.
وتبقى مصر مكانا صعبا للغاية للقيام بالأعمال التجارية، فمع الدور المتنامي للجيش في الأعمال التجارية، في ظل «السيسي»، يحجب ذلك المزيد والمزيد من المنافسة الحقيقية في الاقتصاد. كما أن المدارس والجامعات ضعيفة الجودة، ولا يزال العنف يعرقل سيناء، وينمو القمع السياسي، ولا تزال الحكومة مدمنة على المشاريع الاستعراضية الكبيرة، مثل العاصمة الجديدة، وتوسيع قناة السويس، أو الوعد بضخ 5 مليارات دولار للبناء في سيناء، التي تهدف إلى الفرقعة الإعلامية أكثر من المساعدة الحقيقية.
ولا يستثمر المستثمرون الأجانب الذين يوجهون أموالهم إلى مصر في الأعمال التجارية، باستثناء قطاع الطاقة المربح، وهم يرون أنه من الأفضل الاستثمار في أذون الخزانة قصيرة الأجل، وما شابه ذلك، حيث يمكنهم الحصول على أموالهم بسهولة.
ترجمة – كريم المالكي: