يطمح لإنشاء مستعمرة على المريخ لتفادي خطر انقراض البشر

ترجمةوإعداد-كريم المالكي:

المشروع الفضائيّ الذي دشّنه الملياردير إلون ماسك صاحب مُؤسّسة سبيس إكس – وهي مُؤسّسة تكنولوجيّة مُتخصّصة في اكتشاف الفضاء- تُشير تفاصيله إلى أنّ البشريّة بانتظار حدثٍ عظيمٍ وقريبٍ في عالم الفضاء، فقد أبهر العالم بتجرِبته الّتي أرسل فيها سيّارته التيسلا إلى الفضاء عبر صاروخ «فالكون هيفي» في أوّل عمليّة إطلاق من نوعها في العالم. وقد بُثّت العمليّة مُباشرةً على موقع يوتيوب ليتمكّن الجميع من رؤيتها في مُحاولة من الملياردير المهووس بالفضاء ليقول للعالم إنّ المريخ سيكون بمُتناول البشر في غضون أقلّ من عقدَين.

أديسون العصر الحديث

وبعد تدشين هذا المشروع الفضائيّ الاستثنائيّ من قبل ماسك، الذي يلقّبه البعض بتوماس أديسون العصر الحديث، علّق رائد الفضاء البريطانيّ الشّهير تيم بيك قائلاً: يمكن لهذا المشروع الطموح أنّ يُسرّعَ بالوقت الّذي سيستغرقه الإنسان حتّى يمشي على المريخ أو يُسافر بسهولة إلى الكوكب الأحمر، مُتوقّعاً أن ذلك سيكون بحلول ثلاثينيّات هذا القرن. وأشاد السيد بيك – الّذي كان أوّل رائد فضاء بريطانيّ ترسله وكالة الفضاء الأوروبيّة إلى محطّة الفضاء الدوليّة- بجهود الملياردير ماسك، مُشيراً إلى أنّ البشرية على وشك دخول عصر «مُثير للغاية» من استكشاف الفضاء. وقال أتوقّع أن يكون البشر على المريخ في عام 2040.

لابدّ من الإشارة إلى أنّ الملياردير إلون ماسك شخص حالم بكلّ المقاييس ومهووس بتحقيق أحلامه، ويتلبّسه جِنّ اسمه الطّموح غير المحدود.

الحقيقة والخيال العلميّ

إضافة إلى كون ماسك مهندساً ومُخترعاً، حقّق حلمه قبل أيام بإطلاق سيارة تيسلا رودستر لتحلّق في الفضاء مع أقوى صاروخ في كوكب الأرض فالكون هيفي، الّذي أنتجته مُؤسّسة سبيس إكس، الّذي أطلق من قاعدة كاب كانافيرال في فلوريدا باتجاه مدار قريب من المريخ.

وأشارت كلّ البوادر الأوّلية إلى نجاح ماسك في إرسال سيّارته نوع تيسلا رودستر. وكثيراً ما راود ماسك حلم أن يحلّق الإنسان في الفضاء بسيّارات فضائية، كما يحدث في أفلام الخيال العلميّ، أملاً في تحقيق حلم السفر وتعمير المريخ يوماً ما. وحمل الصاروخ الذي يعادل طوله مبنى مكوّناً من 23 طابقاً سيّارة ماسك التيسلا رودستر حمراء اللون إلى الفضاء كحمولة تجريبيّة، علماً أنّ الصاروخ الجديد قادر على نقل حمولة أثقل، وهو مبني بشكل أساسيّ من ثلاثة صواريخ فالكون- 9 تمّ الجمع بينها جنباً إلى جنب.

وبثّت سبيس إكس فيديو للسيارة وهي سابحة في الفضاء، كما أظهر أن صاروخ الإطلاق تجاوز المسار المفترض أن تُوضع فيه السيّارة ليمتدّ إلى حزام الكويكبات بين المريخ والمشتري، حيث كان من المُفترض أنْ يجعلها في مدار شمسيّ افتراضيّ يبعدها عن الأرض بنفس مسافة بُعد كوكب المريخ عنها.

من هو إلون ماسك؟

إلون موسك، 47 عاماً، أحد أهمّ الروّاد في مجال الأعمال وُلد في جنوب إفريقيا قبل الانتقال إلى كندا الّتي حصل على جنسيّتها عن طريق والدته عام 1989، وحصل على الجنسيّة الأمريكيّة عام 2002، واختارته مجلّة فوربس العالميّة ضمن قائمة أقوى شخصيّات العالم للعام 2016. ويعدّ موسك من أصحاب الملايين الّذين يسعون لمصلحة الإنسانيّة من خلال جعل التكنولوجيا وسيلة لإسعاد البشريّة، ويرى أن أهداف شركاته تكمن في تغيير العالم، والحدّ من خطر الانقراض البشريّ عن طريق إنشاء مُستعمرة على المريخ.

وتبلغ ثروته أكثر من عشرين مليار دولار للمرّة الأولى في عام 2017، بعدما كان قاب قوسَين أو أدنى من الإفلاس عند إطلاق خُططه الطموحة من خلال شركتي «تيسلا موتورز» و»سبيس إكس». وبحسب قائمة مجلّة «فوربس» السنويّة لأغنى روّاد القطاع التكنولوجيّ، فقد حلّ «ماسك» في المرتبة الثانية عشرة بين 100 رائد أعمال، بثروة صافية بلغت 20.7 مليار دولار.

نجاح منذ الطّفولة

منذ صغره، طوّر أوّل برنامج حاسوبي للألعاب وهو في الثانية عشرة، حيث استطاع بيع لعبة فيديو بحوالي 500 دولار، وفِي السابعة عشرة، وبعد انتقاله إلى كندا، دخل جامعة كينغستون في ولاية أونتاريو، وبعد عامين انتقل إلى جامعة بنسلفانيا لاستكمال الفيزياء والاقتصاد. انتهى التّعليم الرسميّ لماسك في عام 1995، عندما انسحب من برنامج الدكتوراه في جامعة ستانفورد.عندما ذهب ماسك إلى شركة نيتسكيب (Netscape) في عام 1995 كان خجولاً جدّاً، وانتهى به المطاف مُنتظراً في غرفة الانتظار دون مُقابلة أحد. وجاء أول نجاح كبير له عام 1999، عندما باع هو وشقيقه شركة Zip2 التي شاركا بتأسيسها إلى شركة كومباك مقابل 341 مليون دولار نقداً، وكانت حصته 7٪، وكسب 22 مليون دولار من الصفقة، والشركة أنشئت في عام 1995 بقرض قيمته 28 ألف دولار من والدهما.

شركة فضائيّة لتحقيق طموحاته

أسّس سبيس إكس التي هي اختصار لتكنولوجيا استكشاف الفضاء، في 2002 باستثمار 100 مليون دولار من ماله الخاصّ لتحقيق طموحاته، وهدفها بناء حضارة حقيقيّة للفضاء. وتستند الشركة إلى اعتقاد ماسك المُتمثّل بإمكانية صناعة صواريخ أرخص للسّفر في الفضاء. وقد حقّقت الشركة العديد من الأفكار، بما في ذلك عقد من وكالة ناسا لتطوير خطّ فالكون للصواريخ لنقل البضائع إلى محطّة الفضاء الدوليّة، وفي عام 2015، حقّق أوّل إطلاق ناجح وهبوط صاروخ مداريّ على منصّة الإطلاق، والذي اعتبر خُطوة حاسمة في تقليل تكلفة السّفر للفضاء. ويؤكّد على أنه يريد أن تكون شركته قادرة على إرسال البشر إلى سطح المريخ خلال 20 عاماً.

وكان ماسك قد أعلن عن تطوير مركبة فضائيّة تنقل النّاس إلى كوكب المريخ لاستعماره. وهو يأمل أن يتمّ ذلك في غضون عشر سنوات بتكلفة قدرها 10 مليارات دولار، حيث ستمكّنه التّقنية من اختصار زمن الرّحلة للمريخ إلى شهر من الزمن. وتتسع المركبة لنحو مئة شخص على الأقلّ، يدفع كل منهم نحو 100 ألف دولار كقيمة لتذكرة السّفر. وهو يعتقد أنه يحتاج ما بين 40 إلى 100 سنة لإقامة حياة مدنيّة مُتكاملة على ظهر المريخ.