تـأثـيـر الحصار.. يـتـلاشــى
إنشاء طرق تجارية جديدة
سلامة القطاع المصرفي والمالي
اقتصاد قطر يتكيف بنجاح مع انخفاض أسعار النفط
تسريع الإصلاحات يعزز تنافسية الاقتصاد وجذب الاستثمار
إجراءات المركزي عززت السيولة بالقطاع المصرفي

فعالية مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحة الفساد
ارتفاع جودة الأصول المصرفية والرسملة القوية
أجندة للإصلاح الهيكلي لتحسين بيئة الأعمال التجارية
الدوحة – قنا: أكد صندوق النقد الدولي أن الأثر الاقتصادي والمالي المباشر للحصار المفروض على دولة قطر من قبل بعض البلدان المجاورة يتلاشى، مشيراً إلى أن معظم الآثار التي لحقت بالمجال الاقتصادي كانت مؤقتة، حيث تم إنشاء طرق تجارية جديدة بشكل سريع، وأن القطاع المصرفي في الدولة سليم بشكل عام.
وكشف الصندوق، في تقرير نشره على موقعه الإلكتروني، أن اقتصاد دولة قطر يواصل التكيف بنجاح مع انخفاض أسعار الهيدروكربونات، مضيفاً إنه في أعقاب انخفاض أسعار النفط في عام 2014، انخفضت عائدات الصادرات والإيرادات الحكومية بشكل ملحوظ، ولكن توفر مخزون مالي أتاح ضبط الأوضاع المالية العامة تدريجياً من خلال الحدّ من النفقات ودمج الوزارات وخفض الدعم الحكومي.
النظام المالي
وشدّد التقرير على أن النظام المالي القطري لا يزال سليماً، مبيناً أنه يجري حالياً تنفيذ برنامج البنية التحتية لتنويع الاقتصاد والاستعداد لكأس العالم لكرة القدم 2022 بتكلفة تبلغ 200 مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل 121% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2017 لقطر.
كما أوضح أن النظام المصرفي في قطر تأقلم مع الظرف، حيث تمّ تعويض التمويل الأجنبي من خلال ضخّ السيولة من قبل البنك المركزي وودائع القطاع العام، لا سيما من جهاز قطر للاستثمار، مضيفاً إنه سجل تحسن المؤشرات المالية بعد التدهور الأولي.. ولا يزال سعر صرف الثابت مستداماً، وقد بدأت السلطات بإجراء تحقيق في احتمالية التلاعب في أسواق التبادل والسندات في أعقاب الأزمة الخليجية.
الناتج المحلي
وذكر تقرير صندوق النقد الدولي، أيضاً، أن أداء الاقتصاد الكلي يظل مرناً.. وقد قدر نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير الهيدروكربوني بحوالي 4% في عام 2017، ما يعكس استمرار الضبط المالي، لافتاً إلى أن الوقف الاختياري المفروض على المشاريع الجديدة في حقل النفط الشمالي حتى الربع الثاني من عام 2017 بالإضافة إلى اتفاق أوبك أدّى إلى تقييد نمو الناتج الهيدروكربوني، وإلى نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 2.1 في عام 2017.
العجز المالي
وأشار التقرير إلى أن العجز المالي تراجع إلى نحو 6% في عام 2017 بعد أن بلغ 9.2 من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016 حيث تم تمويل العجر من خلال مزيج من التمويل المحلي والخارجي، مشيراً إلى أن السلطات القطرية تخطط لاستخدام الفوائض المالية المستقبلية المتحملة في ضوء تطور أسعار النفط لبناء احتياطات مصرف قطر المركزي وزيادة حيازة الأصول لجهاز قطر للاستثمار.
وقال الصندوق، في تقريره، إن الاحتياطات الدولية انخفضت بسبب تدفق رأس المال خارجاً بعد الأزمة، حيث وصل إلى نحو 15 مليار دولار أمريكي في نهاية ديسمبر 2017، ولكنه ارتفع في 2018 ليصل إلى 18 مليار دولار أمريكي بحلول نهاية يناير 2018 (وهو ما يمثل زيادة بنسبة 20% خلال شهر).
وأضاف إن نمو ائتمان القطاع الخاص كان مستقراً على نطاق واسع، مؤكداً أن القطاع المصرفي في دولة قطر سليم بشكل عام، ما يعكس ارتفاع جودة الأصول والرسملة القوية حيث توقع أن تظل التوقعات المالية على المدى المتوسط إيجابية بشكل عام، حيث إنه من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.6% لعام 2018.
إنتاج الغاز
وتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ معدل النمو حوالي 2.7% خلال الفترة ما بين 2019-2023 مدعوماً بعزم السلطات على زيادة الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال بنحو 30%، مثلما توقع أن تتحسن الأرصدة المالية والخارجية على المدى القريب والمتوسط بسبب استمرار ضبط الإنفاق وارتفاع أسعار الهيدروكربونات مقارنة بفترة 2014-2016.
ويرى التقرير أن المخاطر الاقتصادية الرئيسية تتعلق بانخفاض أسعار الهيدروكربونات وتنفيذ التدابير المالية المخططة وعدم اليقين المرتبط بالأثر المتبقي للأزمة الخليجية، مؤكداً أن توفر الأصول المالية الحكومية سيساعد على احتواء الآثار السلبية المحتملة لتضخم آثار انخفاض أسعار الهيدروكربونات وضعف الإنفاق الحكومي.
الإصلاحات الهيكلية
كما أشار إلى أن تسريع الإصلاحات الهيكلية سيكون مهماً لضمان بقاء الاقتصاد قادراً على المنافسة وجذب الاستثمار، مضيفاً إن استمرار ضبط الأوضاع الماليّة العامة على المدى المتوسط سيساعد على توفير الثروة الهيدروكربونية للأجيال المقبلة.
وبشأن النقد والقطاع المالي وسياسات سعر الصرف، قال التقرير إن السلطات تواصل تعزيز الإطار الحالي لإدارة السيولة، وقد تم التشديد على زيادة التنسيق وتبادل المعلومات بين الحكومة المركزية ومصرف قطر المركزي وجهاز قطر للاستثمار، لافتاً إلى أن عملية ضخ السيولة وزيارة ودائع القطاع العام من قبل مصرف قطر المركزي، ساعد على التخفيف من الضغوط التمويلية على البنوك القطرية في أعقاب الأزمة، ولكن ذلك يستدعي أيضاً من النظام المصرفي التكيف مع نموذج تمويل جديد.
وذكر الصندوق في ذات التقرير أن الإطار التنظيمي القوي والإشراف الفعال ساعد على ضمان قدرة النظام المالي على الصمود، مضيفاً إن الجهود الجارية التي تركز على تعزيز اللوائح الاحترازية الكلية والإشراف الموحد ستساعد على منع المخاطر النظامية والتخفيف من حدتها.
وقال أيضاً إن الجهود لتطوير الأسواق المالية وتعزيز سلامتها مستمرة، مشيراً إلى أن تعميق الأسواق المالية المحلية يجب أن يكون ذا أولوية لدعم نمو القطاع الخاص غير الهيدروكربوني.
وبيّن التقرير أن السلطات القطرية تركز بشكل متزايد على تعزيز فعالية مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتعزيز نظم مكافحة الفساد، حيث تقوم بوضع آليّة شاملة لتنفيذ العقوبات المالية وإدارة المخاطر التي تشكلها المنظمات غير الربحيّة.
وبشأن ربط العملة، قال التقرير إن ربط العملة يظل مناسباً حيث إن الربط بالدولار الأمريكي يخدم قطر جيداً، ما يوفر مرساة نقديّة واضحة وموثوقاً بها، ولكنه أشار إلى أنه ينبغي استعراض نظام سعر الصرف بشكل مستمرّ لضمان بقائه ملائماً مع تحرّك الاقتصاد نحو هياكل تصديرية أكثر تنوعاً.
الأسواق الناشئة
وأكد صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد القطري لا يزال تنافسياً، وإن كانت هنالك مجالات معينة تستحق التركيز، مبيناً أنه بالرغم من أن دولة قطر تراجعت إلى المركز 25 من أصل 137 في مؤشر التنافسية العالمية للمنتدى الاقتصادي العالمي لفترة 2017- 2018 بعد أن كانت في المرتبة 18 في 2016-2017، إلا أنها لا تزال تتقدم على معظم الأسواق الناشئة، ما يعكس توفرها على بنية تحتية قويّة.
وأوضح التقرير أن دولة قطر تعكف على وضع أجندة للإصلاح الهيكلي من أجل تحسين بيئة الأعمال التجارية، حيث تسبب الحصار بتوفير زخم لتسريع هذه الإصلاحات، كما أدّى إلى تعزيز الإنتاج الغذائي المحلي والحدّ من الاعتماد على مجموعة صغيرة من البلدان.
كما قال إن سياسة الاعتماد على الذات يجب أن تستخدم للاستفادة من سلاسل القيمة الإقليمية والعالمية، مؤكداً أن مبادرات التخصيص في بعض القطاعات، مثل الصحة والتعليم، هي خطوات في الاتجاه الصحيح.
ولفت إلى أن السلطات تعتزم إنشاء مناطق اقتصادية خاصّة، والتي من المتوقع أن تحفّز جهود التنويع وتشجّع الاستثمار الأجنبي المباشر.