المنتج الوطني يتفوق على العالمي في الدوري
القطراوي ينجو من الهبوط بإمكانات مدرب يسجل حضوراً لافتاً حتى الآن
قالها في أصعب موقف ولم يصدقه الكثيرون «القطراوي لن يهبط» وها هو يفعلها باقتدار
نجاح عبد الله يجب أن يمهد الطريق لفتح الأبواب أمام الوطني في أندية أخرى
مبارك أمام فرصة تاريخية جديدة يرفع فيها شعار التحدي في أغلى البطولات

متابعة – صفاء العبد:
قدم مدرب فريق نادي قطر عبدالله مبارك دليلا جديدا على كفاءة المدرب الوطني وقدرته على أن يكون حاضرا بقوة ويصنع بصمة مهمة في الدوري متى ما توفرت له الفرصة المناسبة التي باتت مع شديد الأسف ضئيلة جدا إن لم نقل معدومة في الغالب بسبب هذا التهافت المبالغ فيه على المدربين الأجانب حتى وإن كان بعضهم لا يمتلك ولو جزءا بسيطا مما يمتلكه العديد من مدربينا المحليين..
عبدالله مبارك، الذي سبق أن أثبت في أكثر من تجربة جدارة واضحة بحيث سبق أن قاد أكثر من فريق من الدرجة الثانية إلى الأولى مثل فريق الدحيل « لخويا سابقا» والأهلي وفريق قطر إضافة إلى حصوله قبل عدة مواسم على لقب المدرب الأفضل في دوري النجوم، استطاع في (12) جولة أمضاها حتى الآن مع الفريق القطراوي أن يعالج الكثير من المشاكل والصعوبات التي عانى منها الفريق على مدى تسع جولات كان فيها بعهدة الأرجنتيني كالديرون..
وقد يكون مهما هنا الإشارة إلى أن مبارك كان قد استلم المهمة في الجولة العاشرة وكان فيها فريق قطر في المركز الثاني عشر والأخير وهو مركز الهبوط المباشر بعد أن عجز عن تحقيق أكثر من فوز يتيم واحد كان على المرخية وبهدف وحيد في مقابل سبعة هزائم وتعادل واحد الأمر الذي يعني أن مبارك قد استلم الفريق وفي رصيده أربع نقاط فقط من أصل (27) نقطة ليكون ذلك حينها مؤشرا واضحا على أن الفريق ماض وبقوة نحو الهبوط والعودة مجددا إلى الدرجة الثانية..
غير أن الانعطافة الكبيرة كانت قد حدثت بطريقة لم يتوقعها الكثيرون عندما تمكن عبدالله مبارك من أن يصنع التحول الكبير الذي أعاد للفريق الكثير من بريقه وجعله قادرا على تغيير تلك الصورة السلبية جدا إلى صورة أخرى مختلفة رغم أن الرجل لم يكن ليُسأل لو استمر الانحدار لأنه لم يكن مسؤولا أصلا عن فترة إعداد الفريق وتهيئته لهذا الموسم ولم يكن هو من اختار لاعبيه..
وفي الحقيقة فإن مبارك كان قد قدم درسا مهما جدا ينبغي أن يتوقف عنده العاملون في الحقل التدريبي وخصوصا في ما يتعلق بكيفية إنقاذ فريق كان يبدو وكأنه قد فقد كل مقومات البقاء مع الكبار حيث نجح قبل كل شيء في انتشال اللاعبين من حالة الإحباط الكبير الذي جعلهم يؤمنون بالهزيمة أكثر من الفوز بحيث أصبح الفوز هذا خارج قاموسهم بسبب من سلسلة الانكسارات التي اعتادوا عليها على مدى تسع جولات عجاف.. وإلى جانب ذلك كان مبارك قد تمكن من أن يعالج مشكلة سوء اختيار اللاعبين المحترفين مستفيدا من فترة الانتقالات الشتوية فجاء بمن يرى فيهم القدرة على تنفيذ برنامجه الإنقاذي ولا سيما بالنسبة إلى اللاعب السوري أسامة أومري وأيضا الفنزويلي من أصل فلسطيني خمينيز حيث أسهم هذا الثاني بدور فاعل وكبير في إحداث تلك النقلة المهمة التي صنعت الفارق الكبير تحت قيادة مدرب مجتهد يعرف جيدا كيف يستنفر قدرات لاعبيه وكيف يوظف إمكاناتهم الفنية والبدنية بالشكل المناسب..
من هنا جاءت الانعطافة الإيجابية المهمة التي قادت الفريق القطراوي للابتعاد أولا عن مركز الهبوط المباشر ومن ثم التخلص من منطقة الخطر والتسلق نحو المراكز الأعلى بحيث وصل في الجولة السابقة إلى المركز السابع ليكون في المنطقة الدافئة ضمانا البقاء مع الكبار بشكل رسمي وحاسم قبل جولتين من النهاية وذلك ما لم يتوقعه الكثيرون.. وهنا نشير إلى أن مجرد الابتعاد عن الهبوط والبقاء مع الكبار كان يمثل هدفا كبيرا وبالغ الأهمية لدى إدارة النادي التي سبق أن عانت من هذه المشكلة كثيرا قبل أن تلجأ إلى الحل الأمثل من خلال الاستعانة بمدرب أثبتت التجارب أنه يتمتع بإمكانات قد لا يمتلكها العديد من المدربين الأجانب الذين نستعين بهم في هذا النادي أو ذاك..
وبسبب من سوء الحالة التي كان عليها الفريق فإن الكثيرين ذهبوا إلى أن مبارك يجازف بتاريخه ورصيده التدريبي بقبوله مهمة قيادة فريق تدل كل المؤشرات على أنه هابط لا محالة.. وأيضا فإن الكثيرين كانوا قد سجلوا استغرابهم لتصريحات مبارك عندما أعلن منذ اليوم الأول لقبوله المهمة بأن فريق قطر لن يهبط ولن يغادر دوري الكبار..
لكن الذي حدث بعد ذلك أكد أن الرجل لم يقل ذلك اعتباطا وإنما ثقة بنفسه وبقدراته خصوصا أنه كان قد وجد من إدارة النادي كل الدعم لتنفيذ أجندته لإنقاذ الفريق من محنة كانت كبيرة جدا..
ومنذ أول مباراة له مع الفريق تمكن قطر من أن يسجل فوزا مبشرا ومهما عندما تغلب على الخريطيات بثلاثة أهداف لهدفين ومن ثم التعادل مع الغرافة بهدف لهدف ليحصل في مباراتين فقط على أربع نقاط تعادل ما حصل عليه الفريق في تسع مباريات تحت قيادة المدرب السابق كالديرون..
ورغم التعثر والخسارة السداسية التي أعقبت ذلك أمام الدحيل إلا أن الفريق ظل محافظا على منهجه التصاعدي بحيث تمكن من أن يقلب نتائج العديد من مبارياته بحيث تعادل مع العربي بعد أن كان قد خسر أمامه ذهابا، ثم فاز على الأهلي بثلاثية إيابا رغم أنه سبق أن خسر أمامه ذهابا، ورد على خسارة الفريق الخماسية أمام السيلية بفوز بهدفين نظيفين هذه المرة وهو ما كرره مع الخور أيضا عندما قلب خسارة الفريق أمامه ذهابا إلى فوز في الإياب..
وإلى جانب كل ذلك كان الفريق قد نجح في تقديم عروض مختلفة كليا وبات من بين أكثر الفرق تنظيما في تحركاته وفي التوازن بين الشقين الدفاعي والهجومي وصرنا كمتابعين نستمتع فعلا بالمستوى الذي يقدمه الفريق وبالانضباط التكتيكي للاعبيه وفقا لتوجيهات مدربه وتواصله مع لاعبيه أثناء المباريات وتدخلاته الإيجابية المهمة التي تعكس قدرا عاليا من حسن القراءة الفنية للمباريات..
من هنا نقول إن نجاح عبدالله مبارك في مهمته، التي انتشل فيها الفريق القطراوي من أصعب موقف، إنما هو نجاح للمدرب المحلي وتأكيد جديد على أن لدينا مدربين يتمتعون بكفاءات جيدة ولا يحتاجون إلى أكثر من الفرصة الحقيقية ليثبتوا جدارتهم في هذا الجانب الأمر الذي يجعلنا ندعو من جديد إلى منح مدربينا الثقة التي يستحقونها.. فما قدمه مبارك هو مثال حي على ما يمكن أن يقدمه أكثر من مدرب آخر من مدربينا المحليين الذين سبقوا أن أثبتوا أيضا الكثير من الجدارة في أكثر من مناسبة قبل أن تختطفهم ميادين أخرى خارج الحقل التدريبي..
أما عبدالله مبارك فإن كل ما نتمناه له هو أن يتواصل مع نجاحه المتميز هذا من خلال أغلى البطولات على كأس سمو الأمير.. فأمامه فرصة تاريخية ليؤكد حجم ما يتمتع به من قدرات خصوصا أنه نجح حتى الآن في معالجة الكثير من الأخطاء أو الملاحظات التي سبق أن عانى منها فريقه ليصبح اليوم أكثر انضباطا وقدرة على تنفيذ أفكار مدربه بالشكل الأمثل..
تساؤل ليس أكثر..!
سيكون من المنطقي أن نتساءل.. إذا كان مبارك قد حقق مثل هذا النجاح وهو يستلم فريقا محطما فنيا ومعنويا في منتصف الموسم تقريبا فما الذي يمكن أن يفعله لو أتيحت له فرصة البدء مع الفريق منذ مرحلة الإعداد واختيار اللاعبين..؟
الإجابة متروكة لكم..
من المركز الأخير إلى السابع
إذا كان الأرجنتيني كالديرون قد سلم الفريق وهو في المركز الثاني عشر والأخير بفوز وحيد وتعادل وسبع هزائم فإن عبدالله مبارك كان قد قاده إلى المركز السابع قبل أن يتراجع في الجولة الماضية نحو المركز التاسع ومازالت أمامه فرصة تحسين هذا المركز من خلال الجولة الأخيرة علما أن الفريق تحت قيادته سجل حتى الآن خمسة انتصارات وثلاثة تعادلات وخسر أربع مرات فقط..