الجميلُ في مُتابعة وسائل التّواصل الاجتماعيّ، وأخصّ بالذكر موقع تويتر، التّغريداتُ التي يطلقها الكثيرُ من المسؤولين سواء عبر الحسابات الرسميّة أو الحسابات الشّخصية، والّتي تبيّن في كثيرٍ من الأحيان اهتماماتِ هذا المسؤول، أو هوايات ذاك الآخر، والتي تخالف تماماً في كثيرٍ من الأحيان ما يظهره في العلن، فمنهم من تكون اهتماماتُه رياضيّة بحتة، ويحبّ مُتابعة كرة القدم، ومنهم من يهتمّ بالفنّ وغيرهم متذوّق للشعر والموسيقى وهكذا دواليك.
النقد الإيجابيّ لا شكّ أن المراد منه الصالحُ العام، ولكن ما دعاني للكتابة عن الموضوع هي مُتابعتي لبعض المُغرّدين، الذين منذ انضمامي لهذا العالم الافتراضيّ، وهم يكتبون بنظرة سوداويّة ناقدة لكلّ شيء في البلد، ولأيّ مشروع حتّى لو كان جديداً، ولو كانت إستراتيجيّة طويلة الأمد، قياسُ نجاحها يحتاج إلى زمنٍ، فتجد هذه الفئة المعروفة لدى الجميع مُشمِّرة عن ذراعيها للانتقاد وتوجيه اللوم والاتهامات ولو وضعوا في مكان المسؤول لرأيتهم يتخبّطون مثلهم مثل بعض محللي كرة القدم الذين ينتقدون المُدربين في الأستديوهات ليلَ نهارَ، ولو تمّ اختيارهم لتدريب المُنتخبات لكانت النّتائج كارثيّة والهزائم مُتكرّرة .. لأنّ الكلام ببساطة سهل جدّاً. أتابع من حين لآخر بعض المُغرّدين المعروفين بسلبيّتهم، من باب الفضول الإعلاميّ، فتجد أحدهم دائماً ما ينتقد قطاع الصّحة أو قطاع التّعليم أو قطاع الطّيران أو الاقتصاد أو حتّى برامج الطبخ وبشكل مستمرّ، ما يجعله مُملّاً في أطروحاته وليس لديه إلا النقد والهجوم والاستهزاء بعمل الآخرين، ولا يشفي غليلَه إلا الثناءُ والشكرُ على النقد اللاذع لكلّ شيء!!! طبعاً ينشر النقد مع منشن لجميع المسؤولين على الكرة الأرضيّة، يعني ينطبق عليه المثل الدارج « لا يعجبه العجب ولا الصّيام في رجب».
في هذا المقام أكرّر وأؤكد أن النقد مطلوب، واختلاف الآراء ظاهرة صحّية، فنحن لسنا في مدينة أفلاطون الفاضلة، فالتّطبيل والتّمجيد مكروه ومبغوض عند الجميع، ولكن الاستمرار ومُواصلة انتقاد كلّ شيء حتّى الأشياء الجميلة، وفي هذه الظّروف التي تمرّ بها البلد لَأمرٌ يتطلّب منا الحذر، والحيطة من المُتربصين الذين ما ينفكّون يصطادون في الماء العكر ويأخذون هذه المعلومات والتغريدات ويستخدمونها ضد الشّعب والبلد، وبشكل يجعل المُتابع يتأسّف على ما يكتبه هذا المُغرّد. شخصيّاً تابعت كما تابع غيري العديد من التّغريدات التي تستخدم بشكل سلبيّ ضدّ الدولة، ولسان حال الطرف الآخر يعرض التغريدة بالصّورة ويقول «شوفوا أنتوا إلي تقولون إن بلدكم بهذا الشكل»، لذلك نتمنّى من هؤلاء أن يكونوا حريصين على ألا يستخدموا كأداة لإظهار بواطن الأمور.
قصّة طريفة رواها لي أحد المُقربين الذين يدرسون في الخارج أنّه من فترة بسيطة وقع له حادثُ سيارة، وقد أصيب إصابات مُتوسّطة، ما استدعى نقله إلى المُستشفى بالإسعاف للعلاج، المُستغرب والطّريف أنه بعد خروجه بفترة أسبوعين جاءته رسالة من قسم الشّرطة تطالبه بدفع تكاليف سيارة الإسعاف التي نقلته إلى المستشفى؛ لأنه كان قد دفع تكاليف علاجه سابقاً وتبقّت له فاتورة سيّارة الإسعاف !! الأشخاص الذين يسافرون كثيراً ويزورون بلدان العالم حتّى الدول المُجاورة، يعلمون علم اليقين أن المُواطن أو المُقيم أو الزائر لتلك الدول لا يتمتّع بالعديد من الخدمات المُتوفّرة هنا، بل ويجبر على دفع الكثير من الرسوم حتى مجرّد استخدامه للطّريق، ولم يبقَ في ذلك إلا المطالبةُ بدفع تكاليف الهواء الذي يتنفّسه الإنسان هناك، ناهيك على مُواجهة بيروقراطية المُعاملات والتّعليم السيئ والخدمات الصحية التي تعلّ المريض، وبمُقارنة بسيطة نعلم أننا فعلاً «بخير وديرة العز بخير» والحمدلله على هذه النعم أدامها الله علينا جميعاً.
والله من وراء القصد
Twitter@mohdaalansari