ملاحقة الإمارات لعقابها على جريمة الإضرار باقتصادنا
خبراء: أبوظبي متورطة في التلاعب بالعملة والأوراق المالية القطرية
حقائق جديدة حول المخطط الإماراتي ستكشف في المستقبل

الدوحة – الراية – وكالات: أخذت الخطة الإماراتية للإضرار بالاقتصاد القطري منعطفاً جديداً بعدما طلب مصرف قطر المركزي في خطابَين لكل من الخزانة الأمريكية ولجنة تداول عقود السلع الآجلة التحقيق مع الوحدة الأمريكية لبنك أبوظبي الأول لدورها في شنّ حرب مالية على قطر.
وأكّد خبراء اقتصاديون وقانونيون أن الطلب القطري يُشير إلى وجود دلائل على تورّط بنك أبوظبي الوطني وحكومة أبوظبي في التلاعب بالعملة وأسواق المال القطريتين، مؤكّدين أنّ التلاعب العمدي بالعملة المحلية لأي بلد بغرض إضعافها يعدّ جريمة تعاقب عليها القوانين والتشريعات المحلية والدولية.
وكان مصرف قطر المركزي قد أعلن في ديسمبر الماضي أنه بدأ تحقيقاً قانونياً في محاولات الإضرار بالاقتصاد القطري عن طريق التلاعب في أسواق العملة والأوراق والمُشتقات المالية.
وجاء ذلك في أعقاب كشف موقع إنترسبت الأمريكي الاستقصائي عن أنه حصل على وثائق من بريد سفير الإمارات بالولايات المتحدة الأمريكية يوسف العتيبة تكشف عن وجود خطة إماراتية لشنّ هجوم على النظام المالي في قطر ومحاولة سرقة استضافتها كأس العالم.
وقال المحامي يوسف الزمان إن الخطوة التي اتّخذها مصرف قطر المركزي هي وسيلة من الوسائل التي تتيحها التشريعات المحلية والدولية، إذ يجوز لأي دولة طلب التحقيق القانوني من أي جهة مختصة في وقائع تتعلق بمحاولات الإضرار باقتصادها، ومنها التلاعب أو الترويج لمعلومات غير صحيحة للإضرار بعملتها الوطنية بهدف إضعاف قيمتها بأسواق الصرف العالمية.
وأضاف في حديث للجزيرة نت إنه «وفقاً لما نشر من وقائع فإن هناك قرائن تدل على أن أحد البنوك الإماراتية تعمد الترويج لمعلومات وأفعال بهدف زعزعة الثقة في العملة القطرية، وإذا تأكد ذلك فإن ما قام به البنك يشكل أفعالاً غير مشروعة للتلاعب بأسعار الريال القطري، وسوف تتحدد الخطوة المقبلة على ضوء النتائج التي سوف تسفر عنها التحقيقات، وهي التي ستحدد جهة الاختصاص لتقديم الشكوى إليها، سواء أكانت المحاكم الأمريكية أو المؤسسات الدولية المتخصصة في هذا الأمر.
وأوضح الزمان أن التلاعب العمدي بقصد إضعاف أي عملة لأي دولة يعدّ جريمة تعاقب عليها القوانين والتشريعات سواء المحلية أو الدولية.
وأشار إلى أن أي دولة من حقها أن تحمي اقتصادها وعملتها من أي تلاعب متعمّد، سواء أكانت من أطراف داخلية أم خارجية، مُستندة في ذلك إلى قوانين العقوبات السارية في معظم الدول التي تضمن حماية الأمن الداخلي والخارجي لكل دولة.
وحول دلالات ومآلات الخطوة القطرية الجديدة، يقول الخبير القطري المتخصص في السياسة النقدية خالد الخاطر إن ما تمّ الكشف عنه من قبل المحققين القانونيين يأتي في إطار الإجراءات القانونية التي اتخذتها قطر في سياق التحقيق في التلاعب بعملتها.
وأضاف في حديث للجزيرة نت إن طلب التحقيق يشير إلى وجود دلالات على تورط بنك أبوظبي الوطني وحكومة أبوظبي في التلاعب بالعملة القطرية وأسواق المال. وتابع أن ما تمّ الكشف عنه كان منتظراً، و»نتوقع أن تتكشف المزيد من الحقائق في المستقبل». وأكّد أنه ما دام مكتب المحاماة قد تقدم بهذا الطلب لوزارة الخزانة الأمريكية وبعض الجهات الرقابية؛ فمن المفترض أن تستجيب هذه الجهات لطلب التحقيق الذي طلبته قطر». ولم يستبعد الخاطر أن تؤدي التحقيقات إلى الكشف عن أدّلة تدين الجهات المتورطة في التلاعب بالعملة القطرية.
وعبّر الخاطر عن اعتقاده بأن حكومة أبوظبي لن تألو جهداً متى سنحت الفرصة لإيذاء قطر والإضرار باقتصادها، لكنه استدرك بالقول «لن تستطيع ذلك».
وشرح مدير موقع إنترسبت في مقطع نشرته قناة «تي واي تي» على يوتيوب تفاصيل الحرب المالية الإماراتية على قطر. وتقوم الخطة التي وضعتها الإمارات بالتعاون مع بنك هافيلاند للتلاعب بالسندات القطرية على شراء هذه السندات، وإضافة سندات أخرى عليها، ثم وضعها في صندوق استثماري سري خارج البنك، ويلي ذلك شراء تأمين الديون السيادية، وهو مبلغ تأمين في حال عجزت الدولة عن السداد، ذلك أن انخفاض قيمة السندات يعني ارتفاع قيمة تأمين عدم سداد السندات وبحسب الخُطة، ستقوم الإمارات بشراء مبلغ تأمين عدم سداد ديون قطر، ثم ستنخرط في عملية تلاعب تسمّى «تلوين الشريط» الذي يظهر أسفل الشاشة في سوق الأوراق المالية، الذي يظهر كل الصفقات المباشرة. وتقوم الخُطة على القيام بعمليات بيع وشراء وهمية، كأن هناك تداولاً مستمراً على سندات، بيد أن الحقيقة عكس ذلك، لأن عمليات البيع يقوم بها كيان واحد أخذاً وعطاء.
ووفق الخطة، فإن المضاربين سيرون شيئاً مريباً في شريط التداول، ولأن قطر تحت ضغط الحصار، فسيسعون للتخلص من هذه السندات مخافة هبوط قيمتها، وهناك سترتفع قيمة التأمين الذي اشترته الإمارات.
وقال مدير موقع إنترسبت إن ذلك كله يأتي بهدف الضغط على قطر والتأثير على عملتها، ومن ثم اضطرار قطر لسحب استثماراتها للحفاظ على ربط عملتها بالدولار.
وشرحٌ آخر للحرب المالية والاقتصادية الإماراتية يقدمه الخبير القطري خالد الخاطر، ويبدو قريباً جداً من الشرح الذي قدمه مدير موقع إنترسبت.
إذ يقول الخاطر «كان هناك تآمر على الريال من خلال إيقاف التعامل به في بعض الأسواق الخارجية أواخر يونيو الماضي؛ بهدف إثارة القلق وخفض قيمته، وقاد هذه الحملة ملياردير من الجنسية الهندية يقيم في الإمارات يدعى «Bavaguthu Raghuram Shetty» ويتملك (جزئياً أو كلياً) مجموعة صرافة الإمارات، وشركة صرافة «ترافليكس».
لكن الخاطر أكّد في مقال خصّ به الجزيرة نت في وقت سابق أن فرص نجاح هذه الخطة كانت ضئيلة جداً لعدة أسباب، منها محدودية عرض الريال القطري في الأسواق الخارجية، وكون معظم السندات القطرية في حالة غير سائلة (محدودة التداول)، بجانب تمتع السندات السيادية القطرية بتصنيف ائتماني مرتفع.
كما أكّد أن مستوى الاحتياطات النقدية والسيادية الضخم من الصرف الأجنبي لدى المصرف المركزي والحكومة جعل نجاح هذه المحاولات صعباً.
ولفت الخاطر أيضاً إلى أن خطة الإضرار بالعملة القطرية بمثابة مغامرة غير محسوبة العواقب، فهي «سيف ذو حدين»؛ ذلك أن دول مجلس التعاون الخليجي هي منظومة واحدة وترتبط عملاتها بالدولار. فكسر نظام سعر الصرف في أفضل الاقتصادات الخليجية أداء -يقول الخاطر- قد يرتد على من دبر له، ويؤدي إلى انتشار العدوى إلى بقية الأعضاء وإشعال أزمة سعر الصرف في المنطقة، التي تعاني أساساً من ضغوط مالية وصعوبات اقتصادية بسبب انخفاض أسعار النفط.