سوريا – وكالات:

وسط قصف متواصل من قبل الطيران الحربي الروسي انطلقت صباح أمس من الغوطة الشرقية أكبر قافلة مهجرين من المدنيين ومقاتلي المعارضة السورية المسلحة وعائلاتهم متوجهة إلى مناطق سيطرة المعارضة في إدلب بشمال البلاد، في رحلة شاقة تستغرق ساعات طويلة على خطى قافلتين سبقتاها وأخرى ستليها. وتضم الدفعة الثالثة من المهجرين -حسب شبكة شام- 105 حافلات تقل زهاء 7000 شخص بينهم 1620 مقاتلا من المعارضة المسلحة، وحسب المصدر نفسه ترافق القافلة ست سيارات إسعاف. وجاء تحرك الدفعة الجديدة بعد وصول الدفعتين الأولى والثانية في الأيام الماضية إلى ريف إدلب وتوزع النازحين على مدن وبلدات ريف المحافظة ضمن مخيمات مؤقتة أو منازل المدنيين. وضمت الدفعة الثانية أمس 84 حافلة على متنها نحو 5500 شخص، بينما ضمت الدفعة الأولى 17 حافلة أقلت نحو 1000 شخص. وتؤذن عمليات الإجلاء المستمرة من الغوطة الشرقية التي شكلت لسنوات معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، بنهاية فصل دام ومرير في منطقة تعرضت للقصف والحصار لأكثر من خمس سنوات.

وتوصلت روسيا تباعا مع فصيلي حركة أحرار الشام في مدينة حرستا ثم فيلق الرحمن في جنوب الغوطة الشرقية، إلى اتفاقين أجلي بموجبهما آلاف المقاتلين والمدنيين إلى منطقة إدلب في عملية تمهد لاستكمال قوات النظام انتشارها في الغوطة الشرقية بعدما باتت تسيطر على معظمها. وبعدما انتهت عملية الإجلاء من حرستا في يومي الخميس والجمعة، تواصلت منذ السبت عملية إجلاء مقاتلي فصيل فيلق الرحمن وعائلاتهم والمدنيين من بلدات بينها عربين وزملكا بالإضافة إلى حي جوبر الدمشقي المحاذي.

ويعيش الهاربون من القصف والجوع في الغوطة الشرقية ساعات انتظار طويلة تطغى فيها مشاعر ألم التهجير والحزن على الأمل بالخلاص من معاناة استمرت لسنوات. ولا يعكر الصمت الذي يسود مطولا إلا صراخ أطفال أرهقهم الانتظار. ففي مدينة عربين بجنوب الغوطة الشرقية، يتكرر منذ السبت المشهد، مقاتلون ومدنيون يتجمعون منذ ساعات الصباح الأولى استعدادا للرحيل، مع أمتعة قليلة يحملونها إلى الحافلات التي تصل تباعا طيلة ساعات النهار ببطء تسير وسط أبنية مهدمة وأكوام ركام. ومع امتلائها، تنطلق كل حافلة إلى نقطة تجمع أخرى في مدينة حرستا، حيث يطول الانتظار حتى ما بعد منتصف الليل، بانتظار اكتمال القافلة- التي تشرف على تأمينها الشرطة العسكرية الروسية- لتنطلق إلى إدلب في شمال غرب البلاد في رحلة تستمر 12 ساعة على الأقل لا تخلو أيضا من توقف على نقاط عسكرية أخرى. وبعد انتهاء عملية الإجلاء من جنوب الغوطة الشرقية، ستصبح دوما، كبرى مدن الغوطة الشرقية، المعقل الأخير للفصائل المعارضة قرب دمشق، وتحديدا لجيش الإسلام الذي يجري مفاوضات مع روسيا لم تعلن نتائجها بعد. ويشعر سكان المدينة الذين يقدر المجلس المحلي عددهم بمئتي ألف شخص بين سكان ونازحين، بالقلق بانتظار نتائج المفاوضات.

وفي سياق متصل كثف الطيران الروسي غاراته خلال الأيام الماضية على الريف الجنوبي لإدلب بالتزامن مع وصول دفعات مهجري الغوطة وقد واصل الطيران الحربي الروسي غاراته الجوية على بلدات المحافظة، وقالت أنباء إن مدنيين اثنين قتلا جراء غارات جوية روسية على كفرنبل والنقير في ريف إدلب الجنوبي.

ودمرت منازل سكنية جزئيا وأحدثت أضرارا بالأبنية والممتلكات. وقال نشطاء من إدلب إن الطيران الروسي كثف غاراته في الأيام الماضية على الريف الجنوبي، مستهدفا أطراف عابدين والنقير وكفرنبل بعدة غارات، كما طال القصف مخيمات للنازحين على أطراف بلدة البارة، وخلفت إصابات عدة بين المدنيين.