قـطــــريــــــــات .. مـبـــدعـــــــــات
كسرن القيود المجتمعية بإيجابية وأثبتن جديتهن في الحياة
المرأة القطرية تؤكد جدارتها وفاعليتها في خدمة المجتمع
أبنائي صاروا يفتخرون بي ويروجون لمنتجاتي ومطعمي
عواطف الدفع: شغفي بالأزياء قادني للدخول في عالم التجارة
ابنتاي تأثرتا بي ودخلتا عالم البزنس في الأزياء أيضاً

موضي الحربي: تخصصت في قطاع العقارات وكنت من القطريات القليلات فيه
الجرأة والطموح ساعداني في تجاوز قيود العادات والتقاليد
شمس القصابي: منتجاتي من البهارات ارتفعت من 12 صنفًا إلى 400 اليوم
كتبت – ميادة الصحاف:
ثلاث قصص ناجحة في عالم التجارة ترويها سيدات قطريات موهوبات ومبدعات، وكيف استطعن كسر القيود المجتمعية بإيجابية، حتى أصبحن نماذج متميزة ومن الأسماء البارزة في المجتمع. مشوار طويل ومسيرة حافلة بالتحديات الصعبة والمفاجآت الجميلة واجهت هؤلاء النساء، اللاتي تحدين الواقع، انطلاقا من جديتهن في العمل وإيمانهن بقدراتهن كي يصبحن عضوًا فعالاً في المجتمع. هن الأمهات والأخوات والزوجات والبنات، ومهما تعددت أدوارهن في الحياة فإنها المرأة، العمود الفقري لأي مجتمع والتي يحتفل بها العالم أجمع أكثر من مرة خلال العام.
الراية التقت هؤلاء النساء، وأجرت معهن حوارًا لمعرفة الصعوبات والتضحيات التي قدمنها، وأيضا التسهيلات التي منحت لهن، وتفاصيل أخرى كثيرة سنتعرف عليها من خلال الحوار التالي:
أول تاجرة بهارات في «واقف»
شمس القصابي أول تاجرة بهارات قطرية دخلت سوق واقف، تروي لنا قصة نجاحها حيث كانت البداية عام 2001، عندما شاركت، دون علم أهلها، في أول معرض أقامته دار الإنماء الاجتماعي للأسر العصرية، وكان يتعذر دخول المرأة القطرية في المعارض آنذاك. وعندها حصلت نقطة التحول في حياتها، فقد أثنت صاحبة السمو الشيخة موزا عند زيارتها للمعرض على جهود القصابي، لتقرر الأخيرة أن تمضي قدمًا في طريقها، وتستمر في إبداعاتها حتى بلغت منتوجاتها اليوم أكثر من 400 صنف من التوابل، بعد أن كانت 12 صنفًا فقط في البداية. كما اعتبرت زيارة صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد خليفة آل ثاني لمطعمها عام 2016، وصاحبة السمو الشيخة موزا 2014 بمثابة وسام على صدرها أوصلها للعالمية. وأكدت القصابي الحاصلة على جائزة أفضل مشروع ريادي وشهادة التميز في قطر لـ الراية بأنها ابتدأت مشوارها في مجال الأغذية من ثلاث شجرات ليمون، كان قد زرعها والدها في حديقة بيتها. فكرت في بيع مخلل الليمون مع ورق العنب بـ 20 ريالاً، حتى حققت مبيعاتها 500 ريال، وهو رأس مالها الذي ابتدأت به دون مساعدة من أي شخص. ثم توسعت دائرة عملها وأصبحت تتسوق المواد الأولية من فرع جمعية الميرة القريبة من بيتها، وأخذت تصنع البهارات داخل منزلها لمدة أربع سنوات.
معاناة ومصاعب
وتحدثت القصابي عن معاناتها والصعوبات التي واجهتها في بداية دخولها سوق واقف عام 2004، حيث تعرضت لانتقادات سلبية عديدة ممن حولها، لاسيما وأن معظم تجار السوق كانوا من الأقارب أو أصدقاء والدها رحمة الله عليه. الأمر الذي اضطرها إلى الانعزال عن العالم الخارجي، والتفرغ إلى هوايتها المفضلة في عمل التوابل داخل منزلها في بادئ الأمر.
أما اليوم، وبعد أن كانت تذهب القصابي إلى محلها الكائن في سوق واقف دون علم ابنها، لأنه رافض فكرة دخول والدته السوق وتعاملها مع الرجال، بات يفخر بنجاحها وتميزها بين القطريات، بل أصبح يشجعها ويروج لمنتجاتها ومطعمها. والأمر ذاته بالنسبة إلى بناتها، اللاتي يفخرن بشهرة وإبداعات والدتهن. كما أصبح لكل واحدة منهن رغبة في تجارة معينة، حيث تخصصت الكبرى في تصميم ونقش الذهب، بينما تصمم الثانية العباءات والجلابيات، أما الثالثة فقد انفردت في عمل باقات الزهور.
وخلصت القصابي إلى القول : لو لم يفرض المجتمع القطري قيودا على المرأة منذ البداية، وآمن بقدراتها الإبداعية في سوق العمل، لما احتجنا للاستيراد بعد الحصار، لافتة إلى ظهور العديد من المبدعات القطريات في جميع المجالات، وما دامت الأفكار موجودة، فالمشاريع لا تنتهي لكلا الجنسين.
الشغف والدعم
من جهتها عزت السيدة عواطف الدفع عضو مجلس إدارة رابطة سيدات الأعمال القطريات نجاحها في عالم التجارة منذ 18 عامًا ولحد الآن إلى شغفها الكبير بالأزياء والموضة، ودعم زوجها المتواصل المادي والمعنوي لها، ووقوفه إلى جانبها وتشجيعها دومًا.
وذكرت الدفع لـ الراية إنه بحكم مرافقتها لزوجها الدبلوماسي في الولايات المتحدة الأمريكية لسنوات عدة، فإن هذا فتح آفاقا للالتقاء بمصممين عالميين في نيويورك وواشنطن، وحضور العديد من عروض الأزياء في لندن وباريس عاصمتي الأناقة والموضة، فضلاً عن تنظيمها لعروض أزياء في مقر إقامتها، الأمر الذي جعلها تحلم بنقل فكرة انتشار محلات الأزياء إلى قطر، رغم أنه لم يكن مجالاً متاحًا للمرأة آنذاك. ولفتت إلى أنها وزوجها يعززان في أبنائهما حب الظهور والمشاركة المجتمعية، الأمر الذي أدى إلى أن تحذو ابنتاها حذوها في عالم البزنس، وتحديدًا في مجال الأزياء.
ومن خلال عملها في رابطة سيدات الأعمال القطريات، أشارت الدفع إلى أن الرابطة تسعى دوما لتفعيل مكانة المرأة ومشاركتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. كما تساند وتدعم الفتيات من الجيل الجديد في بداية مشوارهن، وتوفر البازارات وتشارك المبتدئات في المعارض، وتساعدهن في تسويق منتجاتهن في السوق القطري. وأكدت أن باب الرابطة مفتوح وعلى أتم الاستعداد للتعاون مع جميع المواهب القطرية.
الحصار كشف مواهب كثيرة
واستطردت قائلة «رب ضارة نافعة»، فقد خلق الحصار فرصًا جديدة للكثير من الشباب والشابات القطريات لإظهار مواهبهم والإبداع في مجالات مختلفة، وتعويض البضائع التي كانت تستورد من الدول المحاصرة سابقا، وأصبح القطريون معتمدين على أنفسهم ومنتجاتهم. كذلك فقد أوجد لهم بدائل أفضل وبجودة أعلى من المنشأ الأصلي.
واختتمت الدفع حديثها مشيدة بمكانة المرأة القطرية في جميع المجالات، حيث أبرزت اسمها في كل مكان، وشاركت في جميع المعارض سواء في الأزياء أو غيرها، وكان لها اسم مرموق في الأعمال الحرة. وبالرغم من أنها محاطة بعادات وتقاليد محافظة، لكنها تفوقت في جميع المجالات، ووصلت إلى أعلى المناصب، وكل ذلك بفضل التعليم والقيادة الرشيدة وصاحبة السمو الشيخة موزا، لأنها القدوة والمثال الأعلى للمرأة. وتمنت أن تنعم قطر الحبيبة بالأمن والأمان، وأن يحفظها الله تحت قيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى.
الطموح والجدية
وبدورها قالت موضي الحربي إن الجرأة والطموح، وكذلك جدية العمل مكنتها من كسر القيود والعادات التي كانت مفروضة على عمل المرأة مشيرة إلى أنها دخلت قطاع استثمار العقارات منذ عام 2007، وكانت من بين القطريات القلائل في هذا المجال آنذاك.
وذكرت الحربي لـ الراية أن الفضل في نجاحها يعود بعد الله سبحانه وتعالى إلى والدتها، التي طالما شجعتها وساندتها في قراراتها مادامت لا تتنافى مع العرف والدين، وتصب في مصلحة البلد، بل هي الدافع الرئيسي وراء نجاحها وتقدمها.
كما أكدت الحربي أن المرأة القطرية أثبتت جدارتها وفاعليتها في المجتمع، وحققت استقلالها المادي، وباتت تقوم بدور الرجل بالكامل، فكلاهما يقدمان أفضل ما لديهما ويعملان جنباً إلى جنب لتحقيق المنفعة المشتركة، فضلاً عن مشاركتهما المجتمعية الضرورية في بناء وتقدم أي بلد.
ولفتت إلى أن التعليم، وبفضل صاحبة السمو الشيخة موزا، بات العامل الأساسي للمرأة، وبفضلها أيضا تغير حالها تمامًا. ففي السابق، لم يسمح للمرأة بالعمل، وكان الزوج يتكفل بكافة نفقاتها واحتياجاتها من الألف إلى الياء. بينما أصبح عمل المرأة المطلب الأول والرئيسي للشاب المتقدم للزواج حاليًا. بل أصبح الزوج يشجع زوجته على نزولها للعمل أو افتتاح مشروعها الخاص. وذكرت بأنها تشجع ابنتيها على تحقيق أهدافهما في المجال الذي ترغبان به، إلى جانب دراستهما ودورهما الأساسي في المنزل، لأن المرأة القطرية جبلت بالفطرة على الاهتمام بعائلتها وتحمل مسؤوليتها الكاملة داخل البيت، سواء كانت زوجة أو أمًا أو ابنة أو أختًا.