ليلة زفـاف «عـريس» الموسـم
إنجاز تاريخي لامع يضاهي الإنجاز السداوي شكلاً ويتفوق عليه مضموناً
بطل الثلاثية أنجز المهمة المحلية وننتظر أن يعززها بالإنجاز القاري الكبير
بلماضي ولاودروب اجتهدا كثيرا ليقدما لنا واحدة من اجمل مباريات الموسم

متابعة – صفاء العبد :
مرة أخرى يثبت الدحيل أنه فريق استثنائي وأن ما يمتلكه من مقومات على المستويين الفني والبدني يجعله واحدًا من الفرق الكبيرة ليس على المستوى المحلي فقط وإنما خارجيًا أيضا وهو ما تؤكده مشاركته الناجحة حتى الان في دوري أبطال آسيا لكرة القدم والذي بلغ فيه الدور ربع النهائي بلا خسارة مثلما فعل محليًا أيضا عندما أنهى رحلته من دوري هذا الموسم بلا خسارة ثم أكملها على المستوى نفسه في بطولة كأس قطر وأخيرا في أغلى البطولات على كأس سمو الأمير ليتوج كل ذلك بالألقاب الثلاثة الكبيرة مكررًا ما كان قد حدث للمرة الأولى في الموسم 2006 / 2007 يوم حقق السد الإنجاز نفسه في سابقة كانت الأولى من نوعها على مستوى بطولاتنا المحلية.
وفي الحقيقة فإن الدحيل كان قد تفوق على السد على مستوى الجمع بين الألقاب الثلاثة هذه باعتباره قد أنجز المهمة دون أي خسارة إلى جانب كونه قد تواصل مع هذا النجاح المتميز خارجيًا أيضا وهو ما يضعه على أعتاب إنجاز غير مسبوق أبدًا إذا ما تكللت مسيرته مع دوري الأبطال الآسيوي بتتويجه باللقب القاري الكبير.
ووفقا للصورة التي كان عليها هذا الفريق الرائع منذ بداية الموسم فإن ما قدمه أمس الأول أمام الريان في نهائي أغلى البطولات كان يبدو متوقعًا جدًا على الرغم من أن مهمته هذه المرة لم تكن سهلة على الإطلاق إذ نجح الريان هو الآخر في تقديم واحدة من أجمل مبارياته ولا سيما في الشوط الثاني منها.
وكان واضحًا أن مدربي الفريقين اجتهدا كثيرا من أجل الارتقاء بهذه المباراة إلى الصورة التي ظهرت بها حيث نجح كل منهما في ترجمة إمكانات فريقه بالشكل الأمثل وهو ما جعل المنافسة ترتقي بينهما إلى أعلى درجاتها بحيث كان من الصعب جدا التكهن بما يمكن أن تنتهي إليه حتى في لحظاتها الأخيرة.
وفي هذا الجانب يمكن القول أن كلاً من الجزائري بلماضي مدرب الدحيل والدنماركي لاودروب مدرب الريان كانا واقعيين تمامًا في تعاملهما مع هذه المباراة .. فالأول ذهب بعيدًا في محاولة استثمار قدراته الهجومية الضاربة من خلال التركيز على الشق الهجومي منذ الدقائق الأولى حيث راح ليندفع بأربعة لاعبين في الأمام هم رأس الحربة الهداف الخطير يوسف العربي ومن خلفه صانع الألعاب المتميز نام تاي في عمق الملعب وإلى جانبيه إسماعيل محمد والمعز علي وكلاهما يمران في أفضل حالاتهما هذا الموسم ..
ولم يكتف الدحيل بالاعتماد على هذا الرباعي الخطير في الأمام وإنما كانت واجبات ثنائي الارتكاز، كريم بوضياف ولويز مارتن، ذات طابع هجومي هي الأخرى بحيث شهدناهما في الأمام أكثر مما شهدناهما في الخلف .. وقد يكفي هنا الإشارة إلى أن بوضياف تحديدًا كان يمثل الورقة الأكثر ربحًا في الشق الهجومي بحيث كاد أن يفتتح التسجيل بعد ثماني دقائق فقط لولا القائم الرياني الذي رد كرته قبل أن يعود ويحقق الأرجحية بنفسه في الدقيقة (32) عندما سجل هدف التقدم الذي أنهى به الدحيل الشوط الأول .. ولأن لاودروب يعرف جيدًا حجم الخطورة الهجومية لمنافسه فقد كانت مراهنته الأهم تنصب على منطقة العمليات من خلال تواجد ثلاثة لاعبين هم أحمد عبدالمقصود ودانيال جومو ومايونجين كو، والثلاثة لعبوا دورًا محوريًا بالغ الأهمية في تلك المنطقة الحيوية خصوصًا في محاولة تعزيز الجهد الدفاعي للفريق .. غير أن الانهماك بهذا الجانب لم يمنع الريان من أن يتحرر من انكماشه بعد نحو عشرين دقيقة من بداية المباراة ليبدأ بمجاراة الدحيل وبالتالي تهديد مرماه أكثر من مرة ولكن دون أن يلغي ذلك حقيقة أرجحية الأخير أغلب زمن النصف الأول هذا من اللقاء وهو ما تؤكده سلسلة الأحداث التي تشير إلى أن قائم المرمى الرياني كان قد رد كرتين وأخرى من العارضة ضمن العديد من المحاولات التي اقترب فيها الدحيل من التسجيل إلى جانب تلك التي توّجها بهدف التقدم الأول.
ومع أن الدحيل كان قد واصل ضغطه الهجومي خلال الشوط الثاني إلا أن الريان أظهر إمكانات أفضل في الأمام هذه المرة حيث تمكن من أن يقترب من فرصة التسجيل في أكثر من محاولة معتمدًا في ذلك على فاعلية متولي في اليمين وصعود مايونجين كو إلى جانب تاباتا في العمق وعند الجانب الأيسر خلف سبستيان وكذلك من خلال الدور المهم الذي كان يلعبه أحمد عبدالمقصود تحديدًا في دعمه لتلك التحركات الأمامية .. ولأن الأخير كان يتحرك بتلك الحيوية فقد فاجأنا فعلاً قرار لاودروب في إخراجه والدفع بالمحترف الفرنسي الجديد يوهان مولو .. إلا أن الذي حدث هو أن مولو نفسه كان هو من صنع فرصة تسجيل هدف التعادل بعد ثلاث دقائق فقط من دخوله الملعب عندما مرر كرة رائعة إلى متولي الذي عكسها بدوره إلى سيستيان ليودعها المرمى في الدقيقة (69) وهو ما صعد من حدة الصراع بين الفريقين وأسهم في تعزيز ثقة لاعبي الريان بأنفسهم وبإمكانية قلب النتيجة تمامًا بحيث تمكنوا من صنع أكثر من فرصة ممكنة فعلا كان من بينها فرصتان نادرتان وخطيرتان جدًا في غضون دقيقتين إلا أن سبستيان وتاباتا لم يحسنا التعامل معها ليهدرا أثمن فرصة وليأتي الرد على شكل عقوبة من جانب الدحيل الذي حسمها في الدقيقة الثمانين بتسجيله ثاني أهدافه عن طريق هدافه الكبير يوسف العربي ..
وفي كل الأحوال نقول إنها كانت مباراة مثالية من حيث المستوى والجهد المبذول فيها من لاعبي كلا الفريقين وكذلك من حيث الاستعداد على المستوى الخططي للمدربين ليقدما لنا مباراة تليق فعلاً باسم البطولة وحجمها وأهميتها الكبيرة.
إسماعيل محمد .. نجم فوق العادة
مرة أخرى يؤكد إسماعيل محمد على أنه بات نجمًا فوق العادة من خلال مهاراته العالية ونشاطه الدؤوب وذكائه الميداني .. فقد أدى هذا اللاعب دورًا بالغ الأهمية في ترجيح الكفة الهجومية لفريقه من خلال توغلاته الخطيرة في الجانب الأيمن وتمريراته الأخطر إلى داخل الصندوق وكان من بينها تلك التي جاء منها هدف الحسم الثاني بتوقيع يوسف العربي إلى جانب توغلاته التي اربكت دفاعات الريان بحيث كاد في إحداها أن يضيف الهدف الثالث في الدقيقة قبل الأخيرة لولا القائم الذي رد كرته وكأنه يمد له لسانه ..!
سبستيان وتاباتا هما السبب ..!
لا نختلف على أن سبستيان وتاباتا هما الورقتان الأكثر ربحًا في الريان .. وفي الحقيقة فإنهما بذلا جهدًا سخيًا فعلاً في مباراة أمس الأول إلا أنهما تسببا أيضا في إهدار أكثر من فرصة كان أبرزها ما حدث في الدقيقتين 76 و78 عندما أهدرا فرصتين في غاية السهولة ليكون ذلك من بين أبرز أسباب الخسارة في هذا اللقاء الصعب.
المنطق فرض نفسه
رغم المنافسة الشرسة بين الفريقين وخصوصا في الشوط الثاني إلا أن الدحيل كان الأقدر فعلاً على بلوغ الحسم من خلال حسن التنظيم والترابط السليم بين خطوطه والقدرة العالية على ترجمة إمكاناته الهجومية الضاربة ..
فإلى جانب الهدفين اللذين سجلهما في كلا الشوطين كان هناك العديد من المحاولات الأخرى التي هدد بها المرمى الرياني وكان من بينها ثلاث كرات أصابت قائم المرمى وأخرى ارتدت من العارضة وهو ما يؤكد أرجحيته الهجومية.
بوضياف .. عشرة على عشرة
قد يكون من الصعب اختيار لاعب ما على أنه الأفضل في هذه المباراة بحكم الأداء الممتع والمستوى العالي الذي كان عليه لاعبو كلا الفريقين .. غير أن ذلك لا يلغي ًًإمكانية أن نشير إلى فاعلية كريم بوضياف ودوره المهم جدًا في الشقين الدفاعي والهجومي إضافة إلى أنه كان هو من سجل هدف التقدم الأول لفريقه.