أخبار عربية
بعد التوتر مع ألمانيا وبسبب احتجاز الحريري

أزمــة دبلوماسية بين السعـودية وفــرنسا

عواصم – وكالات: هل يصل قطار الخريف السعودي الأوروبي إلى محطة جديدة، بعد أن ظل فترة في ألمانيا؟ بات السؤال السابق مهماً في ضوء ما يمكن أن نعتبره بوادر أزمة جديدة بين الرياض وباريس، قد تكون شبيهة بأزمتها مع برلين، فالبدايات تقريباً واحدة، ومسببها أيضاً واحد. منذ أيام، وخلال مقابلة تليفزيونية مع محطة «BFM» الفرنسية، أكد الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» أن السعودية كانت تحتجز رئيس الوزراء اللبناني «سعد الحريري»، بعد وصوله إلى المملكة في 3 نوفمبر الماضي، وأن تدخل فرنسا أدّى إلى إطلاق سراحه، ومنع حرب أهلية كانت ستندلع في لبنان. «ماكرون» قال نصاً: «أذكر.. رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري تم التحفظ عليه في السعودية لأسابيع عدة».

وأضاف: «لو لم يكن صوت فرنسا مسموعاً لاندلعت الحرب في لبنان، هذه هي الدبلوماسية الفرنسية، وهذا هو توجهنا، توجهت إلى الرياض لإقناع ولي العهد السعودي، وبعدها استدعيت رئيس وزراء الحريري، وهو ما جعل لبنان يخرج من أزمة خطيرة». تصريحات الرئيس الفرنسي استدعت رداً من الرياض، والتي نفت صحتها، وأكدت – على لسان مصدر بالخارجية السعودية – أن ما ذكره الرئيس الفرنسي غير صحيح. وقال المصدر إن السعودية كانت ولا تزال تدعم استقرار وأمن لبنان وتدعم الحريري بكل الوسائل، حسب وكالة الأنباء السعودية «واس». وكانت أزمة احتجاز «سعد الحريري» في السعودية محوراً لتوتر بين السعودية وألمانيا، حينما خرج وزير الخارجية الألماني السابق «زيجمار جابريل»، وكان لا يزال في منصبه، منتقداً المملكة بشدة، قائلاً إن أوروبا «لا تنظر بعين الرضا إلى المغامرات السعودية في المنطقة»، معلقاً على واقعة احتجاز رئيس الوزراء اللبناني، بالقول إن السعودية «حاولت استخدام لبنان كبيدق في مواجهتها ضد إيران».

تصريحات وزير الخارجية الألماني دفعت الرياض إلى اتخاذ منحى تصعيدي لافت، حينما قررت استدعاء سفيرها من برلين للتشاور، وكذلك تسليم السفير الألماني بالمملكة مذكرة احتجاج رسمية على تصريحات «جابريل»، ولم تعد سفيرها إلى ألمانيا حتى الآن. التصعيد السعودي ضد ألمانيا أخذ جوانب أخرى غير رسمية، تمثلت – بحسب وسائل إعلام وممثلي شركات ألمانية – في قرار من الرياض بالتضييق على عمل تلك الشركات بالمملكة، لدرجة أن مجلة «دير شبيجل» الألمانية واسعة الانتشار أشارت في تقرير لها، مؤخراً، إلى قرار من ولي العهد السعودي إلى الأجهزة والمؤسسات الحكومية بعدم ترسية أية صفقات على الشركات الألمانية العاملة بالبلاد. وعند العودة للأزمة مع باريس نجد أن الخطوة الفرنسية في انتقاد السعودية كانت أشد من الألمانية، بداية من صدور التصريح على مستوى الرئيس الفرنسي، وليس وزيراً بالحكومة، كما في الحالة الألمانية، وهو ما قد يستدعي رداً سعودياً أكثر قوة من الرد على ألمانيا، ما يضع الرياض حالياً في موقف حرج، وهنا نتساءل: ما هي الخطوة التي قد يمكن أن تلجأ إليها الرياض للاحتجاج على تصريحات «ماكرون» أكثر من سحب السفير؟ كما أن تكذيب الرياض رسمياً لتصريح أكده الرئيس الفرنسي قد يدفع باريس إلى التصعيد، باعتبار أن القول بكذب الرئيس الفرنسي هو أمر غير لائق في العلاقات مع الرياض، ومستهجن بشكل عام بالعلاقات الدولية.

أضف إلى ذلك أن حديث الرئيس الفرنسي وتأكيده على احتمالية نشوب حرب في لبنان، في حال عدم حل أزمة احتجاز «الحريري» يشي بخطورة الخطوة السعودية، وعدم دراسة الرياض لتبعات ما تفعله بالمنطقة، وهو ما يكرس النظرة الأوروبية لولي العهد السعودي على أنه شخص أهوج يجب التعامل معه بمزيج من الحزم والحذر، ما يعد نظرة أوروبية جديدة كلياً إلى قيادة السعودية، بعد سنوات طويلة من التعامل مع العاهل السعودي السابق الملك عبدالله بن عبدالعزيز كرجل المنطقة الحكيم، وهو الوصف الذي جاء على لسان وسائل إعلام ألمانيّة رسميّة، حينها.

العلامات
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X