الرباط -(أ ف ب): خيمت أجواء الإحباط والمرارة الأربعاء في المغرب بعد فشله في محاولته الخامسة لاستضافة كأس العالم في كرة القدم، بعدما خسر ترشيحه لاستضافة مونديال 2026 في مُواجهة ملفّ مشترك بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا.
وعبرت الكثير من التعليقات التي تلت إعلان نتيجة التصويت عن شعور “بالغبن”، وامتزجت ردود الفعل بين تحميل المسؤولية لـ”تواطؤ” الدول الكبيرة على حساب المغرب، وضعف الحجج التي تضمنها ملفه على مستوى البنى التحتية بالمقارنة مع الملف المنافس. ويقول عبد المولى (49 سنة) بعدما علم بخسارة الملف المغربي “كنا الأجدر بالفوز، فهذا دور القارة الإفريقية، لكن المنافسة لم تكن سليمة، فالقوى العظمى تآمرت ضد المغرب الذي ينتمي إلى العالم الثالث”. وفي شوارع الرباط الخفيفة الحركة في صباح رمضاني، أوضح سعيد (62 سنة) لوكالة فرانس برس أن “الخسارة كانت بديهية منذ أن أصبح الموضوع سياسياً، وبدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يهدّد الدول التي ستصوت لصالحنا”.
ويقول حسن، الرجل الخمسيني المقيم في العاصمة، “من الواضح أن تنظيم المونديال لا يمنح في ظروف شفافة”.
أما المعلق الرياضي إدريس عبيس فاعتبر أنه “كان على المغرب أن ينسحب عندما تبين انحياز الفيفا لصالح الملف المنافس”، لاسيما أن الاتحاد الدولي “لم يتدخل بعد التهديدات الصادرة عن الرئيس الأمريكي، مع أن ذلك يستوجب إقصاء مباشراً للملف الأمريكي لو كان الفيفا محايداً”.
ونال المغرب الذي كان يسعى للمرة الخامسة لاستضافة المونديال بعد محاولات لم تثمر في 1994 و1998 و2006 و2010، 65 صوتاً في مقابل 134 للملف المشترك، من أصل 203 أعضاء يحقّ لهم التصويت.
ومن الدول العربية الـ 21 التي يحق لها التصويت، صوّتت سبع دول تتقدمها المملكة العربية السعودية لصالح الملف المشترك، في خطوة لقيت انتقادات واسعة في المملكة المغربية. ورأى مستخدمون أن التصويت العربي ضد المغرب هو بمثابة “خيانة و”طعنة في الظهر”.
وكتبت مديرة الأخبار بالقناة الثانية المغربية الرسمية، سميرة سيطايل، في تغريدة عبر حسابها الخاص على “تويتر” بسخرية “الولايات المتحدة باتت تضم الآن ولاية جديدة عربية إسلامية” في إشارة إلى السعودية.
وكان رئيس الهيئة العامة للرياضة في السعودية تركي آل الشيخ، قد ألمح في تصريحات سابقة إلى أن بلاده قد تعمد إلى التصويت لصالح الملف المشترك، على خلفية موقف المغرب من الأزمة الدبلوماسية الخليجية بين الرياض وحلفائها من جهة، والدوحة من جهة أخرى. وبنتيجة التصويت الذي نشره الفيفا، صوّتت قطر لصالح الملف المغربي. وعلى رغم الخيبة، أكّدت لجنة الترشيح المغربية فخرها بما قدّمته. ونقل بيان إعلامي بالإنجليزية عن رئيس اللجنة مولاي حفيظ العلمي قوله “المغرب فخور بأنه قاد حملة كانت ملتزمة، أخلاقية، وعلى التزام تام بالقواعد التي فرضها الفيفا”.
أربع ركائز للملف الثلاثي الفائز
لوس أنجليس -(أ ف ب): ارتكز الملف الثلاثي المشترك بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، والذي فاز الأربعاء على حساب المغرب في تصويت كونجرس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لاستضافة مونديال 2026، على أربع ركائز أساسية:
ملاعب كبيرة وعصرية
اعتبرت هذه النقطة حجر الرحى للملف الأمريكي الشمالي بمواجهة ترشيح المغرب: فمن استاد “أزتيكا” الرمزي والتاريخي في المكسيك إلى الملعب العصري والحديث “ايه تي أند تي” في دالاس، يعد المنظمون باستقطاب أعداد قياسية من الجماهير.
ويظهر على لائحة المنظمين 23 ملعباً، ثلاثة في المكسيك، ومثلها في كندا، و17 في الولايات المتحدة الأمريكية، لاستضافة أول مونديال يشارك فيه 48 منتخباً، والذي سيكون الأكبر في تاريخ اللعبة.
11 مليار دولار للفيفا
قدّرت لجنة الترشيح العوائد المالية من المونديال بمستويات غير مسبوقة. وكان رئيس الاتحاد الأمريكي لكرة القدم كارلوس كورديرو قد أعلن بداية مايو أن مونديال 2026 سيجلب أكثر من 11 مليار دولار للفيفا، من أصل رقم أعمال من المتوقع أن يصل إلى 14 ملياراً.
هذه العائدات ستتضاعف بنسبة أربع مرات عن عائدات مونديال البرازيل 2014 والتي قاربت الـ 2,6 ملياري دولار.
خبرة المواعيد الكبيرة
وتملك كندا والمكسيك والولايات المتحدة الأمريكية خبرة كبيرة في تنظيم المواعيد الرياضية الكبيرة الخاصة بالفيفا.
المكسيك سبق لها تنظيم مونديالي 1970 و1986، كما استضافت الولايات المتحدة نهائيات 1994 مع نجاح تجاري وشعبي على رغم الشكوك الأولية التي رافقت ملف الترشيح. في بلاد كرة القدم الأمريكية، تابع أكثر من 3،6 مليون متفرج المباريات، وهو رقم قياسي ما زال صامداً.
حصة الأسد لـ “العم سام”
وللمرة الأولى سيتم تنظيم نهائيات كأس العالم في ثلاث دول في الوقت ذاته، بعد ملف التنظيم الثنائي بين كوريا الجنوبية واليابان لمونديال 2002.
وفي ضوء المخاوف التي رافقت مسألة جدولة المباريات تحضر المنظمون لأدق التفاصيل إذ يأملون في تنظيم 60 مباراة في الولايات المتحدة الأمريكية و10 في المكسيك، ومثلها في كندا.