عبدالرزاق العنزي
ترحلت يا شهر الصيام بصومنا
وقد كنت أنواراً بكل مكان
لئن فنيت أيامك الزهر بغتة
فما الحزن من قلبي عليك بفان
سلام الله كن شاهداً لنا
بخير رعاك الله من رمضان
ذهبت يا رمضان وقلوبنا معلقه بك، طرنا فرحاً في وجودك معنا فقد حلّقت نفوسنا نحو الثريا وخالطت نفحاتك إيماننا حتى كأننا عانقنا السماء من لذه الإيمان بك وحلاوة الطاعة بك وسكينة نفوسنا بين أيامك ولياليك. ودعتنا يا ضيفنا الكريم ودموع المحبين تدفقت حرّى على فراقك وأنين الخاشعين في لياليك تشهق حنيناً إليك.
أحبابي الصائمين نودع شهرنا العزيز وهمسات الوداع تقول: ترفقوا بوداع شهركم وضاعفوا الاجتهاد فيما تبقى، وأكثروا من الذكر والصلاة والاستغفار وتلاوة القرآن والصدقات، فكل أجرٍ مضاعف فيه.
همسات الوداع تقول: شمّروا واجتهدوا وشدوا المسير، فإن خير الأعمال خواتيمها وإن الجياد الأصيلة إذا قاربت الوصول جدت بالمسير وحفزّت الهمم وضاعفت الجهد للفوز بالسباق.
همسات الوداع تقول: انبذوا التنازع والخصام والمشاحنات فيما بينكم وكونوا إخواناً كما كنتم في رمضان بعيدين عن الغيبة والنميمة والحقد والحسد وكثرة الشر والفساد.
همسات الوداع تقول: من لم يتب في رمضان فمتى سيتوب، ومن لم يغفر له في رمضان فمتى سيغفر له، ومن لم يصلح حاله في رمضان فمتى سيصلح، فبادر بالتوبة وعد إلى ربك فما مضى كافٍ، فيا أيها المقصر لأي يوم أجلت توبتك ولأي يوم ادخرت عدّتك، دونك هذه الليالي الباقية فقد تكون آخر ليالي حياتك، فاغتنمها واجعلها البداية والنهاية.
همسات الوداع تقول: لاتفسدوا صفو الليالي ببعض المعكرات التي تفسد الجنان وتطلب الأحزان من تفريط في جنب الله ومقارفة للذنوب والآثام والعودة إلى منكرات ما قبل رمضان.
وهذه همسة الوداع الأخيرة تقول: جبر الله قلوبكم بفراق رمضان وتجاوز عما سلف وكان من الذنوب والعصيان، شهرنا الكريم إن قلوبنا لتحزن على فراقك، وإن عيوننا لتدمع على رحيلك، ودعناك يا رمضان فهل تراك تعود إلينا أو يدركنا الموت فلا تؤول إلينا.
عسى وعسى من قبل يوم التفرق
إلى كل ما نرجو من الخير نلتقي
فيُجبر مكسور ويُقبل تائب
ويُعتق خطّاءٌ ويُسعد من شقي