قطر صمدت وأثبتت قدرتها على التكيف مع الحصار
الأزمة جردت مجلس التعاون من أهميته وعمقت أزمة الثقة بين دوله
مدريد – وكالات: نشرت صحيفة «الكونفدنسيال» الإسبانية تدوينة للكاتبة والمحللة، إتشاسو دومينغيز، المختصة في مسائل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تحدثت فيها عن الأزمة التي عاشها الخليج العربي التي شهدت سنة من «السلام البارد». وفي ظل هذا الوضع، عرفت المنطقة نزعة غرور وطموحات مفرطة.
وقالت الكاتبة، إن الأزمة التي جدت في الخليج العربي منذ سنة تقريبا، كانت الأحدث من نوعها في تاريخ منظمة مجلس التعاون الخليجي. وفي الوقت الذي حاصرت فيه المملكة العربية السعودية وحلفاؤها قطر، تمكنت قطر من الصمود وأثبتت قدرتها على التكيف مع الواقع الجديد. وعلى الرغم من استعداد الدوحة لمثل هذه السيناريوهات منذ أزمة سنة 2014، إلا أنها لم تتمكن من تلافي تداعيات الحصار المفروض عليها بشكل كامل.
وبينت الكاتبة أن أزمة الخليج وصلت في الوقت الراهن إلى ما يمكن تسميته بمرحلة «السلام البارد» وفي هذه المرحلة تحديدا، بدأت تداعيات الأزمة في الظهور على مستويات مختلفة. وعلى هذا النحو، سيشهد العالم تشكيل منطقة خليج عربي جديدة، وشرق أوسط جديد بملامح جيوسياسية مختلفة عن تلك التي تشكلت في السابق.
وأوردت المحللة أن الهدف الرئيسي للحصار على قطر يتمثل في الحد من مجال المناورة والطموحات القطرية وفقا لما تمليه أوامر زعماء دول الحصار. كما ترغب المملكة العربية السعودية وحلفاؤها في تحويل قطر إلى دولة خليجية «تقليدية» تتبع سياسة خارجية تابعة لهما، وإلى جزيرة بأتم معنى الكلمة: اقتصاديا وجيوسياسيا وحتى ماديا.
وأضافت أن لهذه الأزمة وتداعياتها ثلاثة أبعاد محلية وإقليمية ودولية؛ مرتبطة ببعضها ارتباطا وثيقا. وعلى المستوى المحلي، يقود كل من ولي العهد السعودي وولي عهد أبوظبي قرارات لا تترك مجالا للشك حول قدرتهما على السيطرة على مقاليد الحكم في بلديهما في مستقبل ليس ببعيد. وفي ظل نزعة الطموحات والغرور المفرطة واللامتناهية، يرى الأميران، السعودي والإماراتي، في تصرفات قطر تهديدا لهما ولهيمنتهما في المنطقة.
وعلى المستويين الإقليمي والدولي، تعددت منذ بداية القرن الحادي والعشرين الأسباب التي من شأنها أن توحد دول الخليج العربي. وقد كانت ثورات الربيع العربي حاسمة للتفكير في حقيقة العلاقات بين دول الخليج العربي. وإلى جانب الاتفاق النووي، كانت الصراعات التي استقرت في منطقة الشرق الأوسط منذ سنة 2011 من العوامل التي زادت من نفوذ إيران في المنطقة، الذي يمثل بدوره الكابوس الرئيسي بالنسبة للسعودية.
وقالت الكاتبة الإسبانية إنه نظرا لمهارات قطر الدبلوماسية ووسائلها الإعلامية والمالية المتنامية، رأى السعوديون والإماراتيون فيها تهديدا لهما؛ ما جعل السعودية والإمارات تتحولان إلى قوات معارضة لثورات الربيع العربي التي دعمتها قطر.
وأوضحت الكاتبة أن أزمة الخليج أدت إلى تجريد منظمة مجلس التعاون الخليجي من أهميتها، وتعميق أزمة الثقة بين الدول الأعضاء؛ ما يجعل الوضع غير قابل للإصلاح. وفي ظل هذا الوضع، اضطر المجتمع الدولي إلى تعزيز العلاقات الثنائية مع كل دولة من دول الخليج العربي على حدة، بعد أن كان يتعامل معها بشكل مشترك فيما يتعلق بمسائل مثل الدفاع والتجارة.
وأوضحت الكاتبة أن هذه الأزمة لم تقتصر على التأثير على الدول المجاورة، بل امتدت لتطال دولا على غرار ليبيا وتونس ومصر.. كما امتد تأثير الأزمة الخليجية نحو الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وغيره من التحالفات والمواقف التي كانت مستقرة في السابق في المنطقة.وفي الختام، قالت الكاتبة إن الولايات المتحدة الأمريكية لم تساهم في بداية أزمة الخليج إلا في تعميق حالة عدم الاستقرار في المنطقة. كما زاد تحيز ترامب من تعمق الأزمة، بالإضافة إلى عدم القدرة على التنبؤ بقراراته، فضلا عن التناقضات بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية. وفي مرحلة متقدمة، باءت كل محاولات الوساطة بالفشل، بما في ذلك الأمريكية.