من تأليف الأديب والمعلم القطري يوسف عبدالرحمن الخليفي (1917-1983). كتاب أدبي وعلمي يضم بين صفحاته سطوراً من تاريخ قطر وعلمائها وأدبائها وتراثها وأشعارها وعاداتها وأمثالها ولهجتها. وتبرز قيمة الكتاب من أنه من أوائل الكتب التي صنفت في هذه الموضوعات، (صدرت طبعته الأولى في عام 1400هـ – 1980م)، ومؤلفه ممن عمل في مهن قطرية متتابعة منها: الغوص والطواشة (تاجر اللؤلؤ) و(نوخذة) ربان سفينة الغوص، ومعلماً ومديراً في المدارس القطرية، فالأديب يوسف الخليفي من أدباء قطر الذين اطلعوا على حياة قطر قبل النفط وبعده، وهم الأدرى والأقرب لتاريخ قطر وأدبها وملامح حياتها الاجتماعية والثقافية في العهدين. والكتاب ألفه صاحبه محبة في العلم وتوثيقه ورغبة في تسجيل مايحتفظ به من معرفة ودراية بقطر وتاريخها وحياتها الأدبية والاجتماعية.
نبدأ مع الكتاب من عنوانه الذي قام على السجع المحبب في الكتابات العربية التراثية وبقي مفضلاً في كتاباتنا الأدبية حتى الآن، وحين يجمع العنوان بين: «التحفة البهية والآداب والعادات القطرية» فهو قد حوى الجمال في اللفظ وفي المعنى، وجاء دالاً على مافيه من قيمة علمية وثقافية مميزة وجاذباً لها.
يقول المؤلف في مقدمته القصيرة المهداة في بدء الكتاب: «وبعد… فإنني أقدم هذا الكتاب المتواضع إلى القراء الكرام، وهو من جهد مقل، وقد أسميته «التحفة البهية في الآداب والعادات القطرية» أوردتُ فيه ماوسعه إدراكي وجهدي من أمثال خليجية وعادات وقوانين، ونبذة بسيطة عن لهجتنا الخليجية وأصولها في اللغة العربية ولمحات عن الشعر القطري، رغبة مني في أن يتعرف أبناؤنا على لمحات من حياة الآباء السابقة ونماذج من عاداتهم وتقاليدهم». هي إذن مسؤولية علمية وأدبية اضطلع بها أدباؤنا الأوائل لنقل ثقافة الجيل الأول إلى الأجيال اللاحقة، وهي قيمة خاصة وجليلة في مثل هذه الكتب.
من فصول الكتاب: «ذكر قطر في الكتب والأشعار العربية – الخليج العربي – شبه جزيرة قطر- أعمال السكان في قطر والخليج العربي (الغوص) – استخراج البترول وتكريره – التنمية الصناعية في قطر – التعليم في قطر قبل إنشاء المدارس- التعليم النظامي – المراحل التعليمية – العادات والتقاليد القطرية – عادات تدارس القرآن في رمضان – الألعاب المتداولة في قطر سابقاً – الكلام الخليجي المستمد من اللغة العربية – الأمثال الخليجية والقطرية المتداولة – الشعراء القطريون من القرن التاسع عشر إلى أوائل القرن العشرين».
ومما جاء في فصل: التعليم في قطر قبل إنشاء المدارس قول المؤلف «التعليم قبل إنشاء المدارس الحديثة في قطر كان يقتصر على تعليم القرآن والعلوم الشرعية والكتابة والشعر وذلك في الأحياء في بيت المعلم أو المعلمة ويسمى المعلم بالمطوع أو الملا والمعلمة بالمطوعة». ويقول أيضا: «أما تعلم الكتابة والقراءة في الكتب العربية والأشعار الأدبية فإن ذلك لايتسنى للفتى إلا بعد انتهائه من دراسة القرآن. فمن كان والده على اطلاع بالآداب العربية وغيرها من العلوم أخذ على نفسه تدريس أبنائه وبناته الكتابة ثم يعلمهم الفقه ويقتصر على العبادات منها لأنها واجبة وهي أساس معرفة أحكام الشرع، ثم ينتقل بهم إلى قراءة الحديث النبوي، ثم التاريخ والأدب والحكايات والأشعار، وهو يتدرج بهم شيئاً فشيئاً حتى يتم لهم إتقان كل علم قبل الانتقال إلى غيره».
تلك فقرات قليلة من لآلئ هذا الكتاب القيم، وتدلنا على سمة علمية وأدبية خاصة كانت شاخصة في مجتمع قطر قبل النفط ألا وهي حرص الأهل والآباء على تعليم أبنائهم وعدم تركهم دون تعليم قبل المدارس النظامية، والحرص في هذا التعليم السابق على إتقان علوم الدين: القرآن والتفسير والفقه والحديث، ثم الأدب والشعر. لعلنا نأخذ منها فائدة جليلة في مناهج تعليمنا الحديث الآن.
رحم الله الأديب والمعلم الأستاذ يوسف بن عبدالرحمن الخليفي ونفع بعلمه وأدبه.