أخبار عربية
30 يونيو أكلت أبناءها بعد الخلاص من خصمها

السيسي نقل مصر خلال 5 سنوات لحالة ديكتاتورية فجة

القاهرة – وكالات: بعد خمس سنوات من «الثورة المضادة» في مصر بعد الإطاحة بالرئيس المصري المعزول محمد مرسي، تؤكد معطيات الواقع وتقارير المنظمات والمؤسسات الدولية انتقال البلد خلال هذه السنوات إلى «حالة ديكتاتورية فجة»، تغلق أغلب منافذ التعبير، وتخنق الفضاءات الاقتصادية والاجتماعية، في حين تحولت وعود الرفاه إلى سراب، وعادت المنظومة الحاكمة للبطش بصناعها و«الثورة» لأكل «أبنائها» بعد «الخلاص» من خصومها وأعدائها، وقبيل كشف الستار عن مشهد الثالث من يوليو 2013، جرت أحداث كثيرة بلغت ذروتها في الثلاثين من يونيو بمظاهرات حاشدة تطالب بانتخابات مبكرة، ثم لقاءات أجراها السيسي وزير الدفاع حينها مع سياسيين، قبل أن يسدل ستار المرحلة الفاصلة بين الثلاثين من يونيو والثالث من يوليو على البيان الأول. وتضمنت خريطة الطريق التي قدمها السيسي في بيان الانقلاب عزل مرسي، وتعطيل العمل بالدستور، مع إسناد الرئاسة إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور، ولاحقا أغدق السيسي وعوده بالرفاهية والحياة الكريمة والاستقرار السياسي والاقتصادي على المصريين.

السيسي ضحى بـ 14 شخصية سياسية وعسكرية ظهروا بمشهد إعلان الانقلاب

وقالت الجزيرة نت في تقرير لها إنه مثلما وقر مشهد نائب الرئيس الأسبق الراحل عمر سليمان في قلوب الثائرين المصريين وهو يتلو عبر التلفزيون الرسمي بيان تنحي مبارك عن السلطة تعبيرًا عن نجاح ثورة 25 يناير ؛ فقد بقي مشهد السيسي وهو يتلو بيان الانقلاب على الثورة عبر التلفزيون الرسمي عالقا في أذهان الكثيرين؛ إيذانا بعهد جديد ينهي -حسب الكثيرين- مكاسب الثورة، ويعيد «تطهير» مصر من آثارها وتبعاتها. وإلى جانب السيسي -وزير الدفاع وقتها- ظهرت 14 شخصية، بينها رئيس الأركان صدقي صبحي، ورئيس جبهة الإنقاذ محمد البرادعي، والكاتبة سكينة فؤاد، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء حامد عبد الله. وحضر فيه أيضا شيخ الأزهر أحمد الطيب، وبابا أقباط مصر تواضروس الثاني، وأمين عام حزب النور السلفي جلال مرة، ومؤسس حركة تمرد الشبابية محمود بدر وآخرون. ولكن المفارقة أن رفاق الانقلاب والحاضرين في مشهده الأول تفرقوا خلال السنوات الماضية بين راحل عن الحياة، وصاعد في المناصب أو مغادر منصبه، ومهاجر خارج البلاد يعارض سياسات النظام. فقد عاد البرادعي إلى مهجره، وتحول إلى معارض، وجرى تحييد 6 أبريل في معادلة السياسة المصرية، بعد أن سُجن مؤسسها أحمد ماهر، وحُظر نشاطها، مع استمرار حبس الناشطين البارزين محمد عادل وهيثم محمدين.

فض اعتصام رابعة شكل إحدى أكبر وقائع القتل الجماعي في مصر.

وقالت الجزيرة نت إنه قد تبدلت حال البعض من الدعم المطلق إلى المعارضة الشديدة، وهم الآن خلف القضبان، ومنهم: الناشطان البارزان حازم عبد العظيم ووائل عباس، بينما أصبح مؤسس حركة تمرد الشبابية محمود بدر عضوًا بمجلس النواب. وافتتح السيسي عهده الأول بما وصفه حقوقيون بمجازر جرت خلال مواجهة الرافضين للانقلاب، أبرزها ما حصل في فض اعتصامي رابعة والنهضة، وراح ضحيته آلاف القتلى والجرحى، ووصفته هيومان رايتس ووتش بـ «إحدى أكبر وقائع القتل الجماعي لمتظاهرين سلميين في يوم واحد في تاريخ العالم الحديث» . وخلال السنوات الخمس اللاحقة نكل السيسي بجماعة الإخوان المسلمين، وأودع قادتهم ونشطاءهم السجون، وحولهم في وسائل إعلامه إلى مجرمين وإرهابيين قتلة، وحملهم أوزارا وآثاما كثيرة. وأصدر القضاء أحكاما بالإعدام على المئات منهم، وشرد آلافاً من منتسبيهم في أرجاء العالم، وتحولوا من حكام لمصر إلى العدو الأول لأجهزتها العسكرية والأمنية، وتوزعوا بين المنافي والسجون. بيد أن القمع لم يقتصر فقط على التيارات الإسلامية، رغم أنه بدأ بها، بل طال لاحقاً ليبراليين ويساريين ونخباً علمانية لم تساير النظام في كل ما أراد، وامتدت لاحقا لتشمل الناشطين الذين أطلقوا ثورة يناير ضد نظام حسني مبارك عام 2011، ومن بين هؤلاء من وقفوا معه بقوة في انقلابه.

مقتل 7 آلاف و120 مصرياً خارج نطاق القانون خلال 5 سنوات

ونقلت الجزيرة نت عن تقرير للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تحت عنوان «خمس سنوات من القهر والإخضاع»، ووثق الانتهاكات الحقوقية التي شهدتها مصر في السنوات الخمس الماضية؛ كشف عن مقتل 7120 مواطناً مصريًا خارج نطاق القانون، منهم 2194 قتلوا في تظاهرات وتجمعات السلمية، و717 قضوا داخل مقرات الاحتجاز، و169 بالتصفية الجسدية، وتنفيذ أحكام إعدام مسيسة بحق ثلاثين مواطناً. وأوضح تقرير المنظمة أن عدد الذين اعتقلوا خلال هذه الفترة وصل إلى 61262 شخصاً، بينهم 629 امرأة و1143 قاصراً، كما صدرت أحكام إدانة في قضايا سياسية أمام محاكم مدنية وعسكرية بحق 35183 شخصاً، منهم 370 قاصراً، كما صدرت أيضا أحكام بالإعدام بحق 1012، والسجن المؤبد لـ 6740 شخصاً. وأفرد التقرير جزءًا خاصًا للانتهاكات التي حدثت في سيناء، حيث قتل هناك -بحسب التقرير- 4010 مواطنين على يد قوات الأمن المصرية، واعتقل 10363 مواطناً، وتم حرق وتدمير 262 منزلاً.

تعرض10 صحفيين للقتل واعتقال200 آخرين وإغلاق 20 مؤسسة إعلامية و121 موقع

وعلى مستوى المؤسسات الصحفية وكشف تقرير الجزيرة نت أن عشرة صحفيين قد تعرضوا للقتل، واعتقال أكثر من مئتي صحفي ما زال 66 منهم في السجون، هذا فضلاً عن إغلاق أكثر من عشرين وسيلة إعلامية من القنوات الفضائية والصحف، وحجب نحو 121 موقعاً إلكترونياً بغرض الإجهاز على حرية الرأي والتعبير، وإدراج نحو 15 صحافياً وإعلامياً على قوائم الإرهاب. ويحاول النظام من حين لآخر تخفيف الضغط من خلال إطلاق سراح بعض الموقوفين، كما حصل قبل أيام حين أطلق السيسي سراح 712 سجينا، أغلبهم -وفق مصادر أمنية- من الشبان الذين سجنوا في احتجاجات مناهضة للحكومة. لكن نشطاء يقولون إن قرارات العفو تلك لن تغير المشهد الحقوقي في مصر، وسط حملات الاعتقالات المتواصلة.

تدهور اقتصادي غير مسبوق ومصر غرقت في الديون

وإذا كان الوضع السياسي والحقوقي بعد خمس سنوات من حكم السيسي مظلمًا، قالت الجزيرة نت إن الوضع الاقتصادي تدهور هو الآخر بشكل غير مسبوق، حيث ذهبت وعوده في الأعوام السابقة بخفض الأسعار أدراج الرياح. وقال اقتصاديون -استقت وكالة الأناضول آراءهم- إن السياسات الاقتصادية في عهد السيسي أدت إلى ارتفاع معدل التضخم لمستويات غير مسبوقة، وإن البلاد غرقت في عهده بالديون. وخلال الولاية الأولى للسيسي، رفعت الحكومة أسعار الكهرباء والوقود ثلاث مرات، بالإضافة إلى مياه الشرب وتذكرة ركوب مترو الأنفاق وخدمات أخرى.

العلامات
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X