مريم الشكيليه – سلطنة عمان
ذات يوم وأنا كنت في مقاعد الانتظار في إحدى المستشفيات لمحت فتاة صغيرة تجلس بالقرب مني مع والدتها التي كانت تتصفح أحد الكتب، جذبني التشابه الغريب بينهما حتى أدق تفاصيل الملامح، دار حديث بيننا وأخبرتها عن استغرابي لهذا فصدمني ردها حين قالت هي لا تشبهني إلا من الخارج طباعها معاكسه لي تماماً… فخطر في بالي كتابة هذا المقال وهو بعنوان (ابني واجهتي) بمعنى أن يكون ابني واجهتي بالسلوك وفي الطباع لأن المجتمع لا يعنيه أن يتشابه الأبناء معنا وأن يحملوا ملامحنا، هذا لا يعنيهم في شيء لأنه بطبيعة الأمر وحتمي أن يأخذ الأبناء ملامح آبائهم وأمهاتهم وحتى أقربائهم ولكن ما يهم وما يعنيه المجتمع أن يخرج هؤلاء الأبناء بما يليق بمجتمع جيد وبما يليق بهم كأبناء صالحين.
أن يكون ابني واجهتي هو ما يتطلبه الأمر من جهد وتربية وصبر لأنه كلما تم ترسيخ مبادئ التربية الراقية والعظيمة هو من إنتاج آبائهم بالدرجة الأولى وكلما تم صقل الطفل منذ نعومة أظافره على مبادئ التربية الجيدة والسليمة كلما كان واجهة حسنة لأبائهم. حين تسأل أما أو أبا عن ماذا يريد في الحياة يقول لك أريد أن يكون أبنائي أحسن وأفضل الأبناء أن يكونوا مميزين عن غيرهم، لكن التمنيات لا تصنع من أبنائنا واجهة لنا إنما السلوك الحسن والرقي والتربية الحديثة الشاملة هي من تجعل هذه التمنيات واقعا جميلا.
لا يكفي أن ألبس ابني أرقى الأثواب أو أن آخذهم لأجمل الأماكن أو أن أطعمهم في أفضل المطاعم فحسب لأن هذه الأشياء وإن تكن جميلة فهي لا تكفي، فهي تكون محصورة لهم والمجتمع لا يعنيه بها إنما ما يعنيه هو طريقة تعامله وسلوكه ورقيه وتعاطيه لقضاياه وخدمته.
إن كان الطفل لم يتلق تعليما جيداً في سلوك ما أو توجيه واضح في سلوكه فهو سيكون نتاج وواجهة أبويه، وبعض الآباء يشعرون بالإحراج من بعض تصرفات أبنائهم غير الحسنة وحتى يصل الأمر بهم أنه يتجنبون اصطحابهم إلى الخارج إن كانت زيارة تنزه لما لهم من سلوكيات تسبب الضيق في المجتمع لأن الناس تدرك أن السبب في هذه السلوكيات هو التنشئة غير الجيدة من قبل آبائهم في المقام الأول.