أخبار عربية
اخترقت عدداً من الجاليات لخدمة أهداف أبوظبي المشبوهة

الكشف عن شبكة تجسس إماراتية في لندن

الشبكة يديرها عنصر في أجهزة الأمن الإماراتية

لندن – الراية : تلقى موقع إمارات ليكس تقارير ومعلومات مؤكدة خلال الأشهر الماضية تفيد بنشاط شبكة تمولها الإمارات العربية المتحدة في العاصمة البريطانية لندن ومدن شمال بريطانيا منذ عدة. وحسب التقارير تلك فإن نشاط الشبكة تلك وصل لمراحل متقدّمة حيث تم اختراق عدد من الجاليات العربية في بريطانيا وذلك لخدمة أجندة الإمارات المشبوهة. وتفيد الشبكة أن مؤسسات كبيرة تتبع للإخوان المسلمين في بريطانيا تم تمويلها بصورة متعمّدة من تلك الشبكة للضرر بالمؤسسات العاملة لصالح القضية الفلسطينية.

نشاط الشبكة تلك معقد للغاية ومبني على أسس مخابراتية حديثة يديرها عنصر مخضرم في أجهزة الأمن الإماراتية. يسرد هذا التقرير كيف قامت الإمارات بإنشاء شبكة قوية اخترقت الجاليات العربية والمسلمة وصفوف حركة الإخوان المسلمين في بريطانيا ومناطق أخرى.

بدايات وتاريخ تأسيس الشبكة

بدأت فصول تأسيس شبكة التجسس الإماراتية تلك في العام 2012 وذلك بعد هروب قيادات الإخوان المسلمين في الإمارات خارج الدولة والمعروفة بـ (جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي). حيث وصل أعضاء المجموعة تلك لبريطانيا وكان ضمنهم عنصر الأمن الإماراتي المخضرم محمد جاسم محمد درويش النعيمي صاحب الكنية الشهيرة (أبو عبد العزيز) وهو من أكثر عناصر الأمن الإماراتية خبرة في شؤون الجماعات الإسلامية والمتطرفة وهو حاصل على وسام التميز الأمني وتم تكريمه عدة مرات.

من هو محمد جاسم محمد درويش النعيمي ؟

ولد النعيمي في إمارة رأس الخيمة وشغل عدة مناصب حكومية وقيادية حسّاسة في جهاز أمن الدولة ووحدة المعلومات المركزية التابعة للجهاز وذلك بشكل سري. بجانب دراسته العلمية حصل النعيمي على برامج تأهيلية في مجال الأمن والمعلومات ما بين العامين 1993 ولغاية العام 1994. وشارك أيضاً في برامج تأهيلية وتبادل الخبرات مع جهاز أمن الدولة المصري في العام 1998. شارك أيضاً في العديد من اللقاءات الخاصة بحكام رأس الخيمة وأبو ظبي والشارقة ما بين الأعوام 2001 ولغاية العام 2008.

في تلك الفترة انتسب النعيمي لجماعة الإخوان المسلمين وأصبح من أهم القيادات الفاعلة فيها لكن بصورة العميل المزدوج حيث كان ينقل كل مخططات الحركة واتصالاتها بالخارج والداخل لجهاز أمن الدولة وأجهزة سيادية وأنظمة عربية ذات مصلحة في محاربة الحركة.

خلفية النعيمي الأمنية أكسبته خبرة كبيرة حيث يوصف داخل أروقة الأمن الإماراتي بـ “الحصان الأسود” بسبب ما قام به من علميات ناجحة أسهمت في القضاء على حركة الإصلاح (الإخوان المسلمين) في الإمارات. ومن أبرز ما قام به النعيمي من خدمات هو نقل جميع أنشطة واتصالات ولقاءات واستراتيجيات وخطط حركة الإصلاح، الأمر الذي جعل الأمن الإماراتي متفوقاً بشكل كبير في مرحلة ما قبل هروب الحركة خارج الدولة.

تسريبات وأرشيفات أمنية إماراتية تدين النعيمي

وحسب الأرشيف الذي حصلنا عليه من مصدر موثوق جداً داخل الإمارات فإن “أبو عبد العزيز” حصل على رتبة متقدّمة في جهاز أمن الدولة شمل ذلك مزايا كثيرة لا يحصل عليها إلا المتنفذين في الإمارات. برقية رقم/‏03 – 2017 تشير إلى حصول النعيمي على رتبة لواء بصورة غير مُعلنة على أن يحصل على كل ما يترتب على تلك الرتبة من حقوق ومزايا.

الأرشيف أيضاً يشمل برقية أمنية تشير لاعتقال 4 أشخاص في العام 2006 والعام 2007 وذلك بناءً على معلومات قدّمها النعيمي للأمن.

معلومات النعيمي تلك أدت أيضاً لترحيل العشرات من العائلات المصرية واللبنانية والفلسطينية والسورية وغيرها وذلك بناءً على تقارير رفعها الأخير لقيادة الجهاز تفيد بانتمائهم لحركة الأخوان المسلمين. كما واعتقل العشرات بناءً على معلومات كان يمرّرها النعيمي لمشغليه وذلك بناءً على اطلاعه وحصوله على معلومات مؤكدة.

إحدى الوثائق تشير أيضاً إلى أن النعيمي استغل عدداً من المقيمين العرب في أبو ظبي لتمرير معلومات مغلوطة لحركة الإصلاح ومن ثم لأجهزة الأمن الإماراتية. وكان النعيمي يستغل الحاجة الإنسانية لأولئك المقيمين في الإمارات من معاملات حكومية وغيرها لكي يحقق أهدافه.

النعيمي “أبو عبد العزيز” يؤسّس شبكة لندن للتجسس على الجاليات العربية والإسلامية

مع وصول الحصان الأسود إلى لندن دخل العمل الأمني الإماراتي في نقطة تحول حيث أسست للإمارات موطئ قدم للتغلغل في تجمّعات ومؤسسات الجاليات العربية والإسلامية. جاء ذلك من خلال تبرّع الإمارات عبر النعيمي بمبالغ وصلت أكثر من مليوني دولار في الفترة ما بين العام 2013 ولغاية ديسمبر 2017. قدّم النعيمي التبرّعات لمؤسسات تابعة لجماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا ظناً منهم أنه أحد أقطاب المعارضة الإماراتية «جماعة الإصلاح».

الوثيقة رقم 12/‏7885 تكشف كيف اكتسب النعيمي ثقة عمياء من مؤسسات جماعة الإخوان المسلمين الذين قاموا بالعمل معه بشكل مستمر. الثقة تلك دفعت النعيمي للطلب من جهاز أمن الدولة إرسال مبالغ إضافية للقيام بالتبرع فيها لمؤسسات سورية وفلسطينية ومصرية لكي يكسب ثقة تامة من طرفهم. وبالفعل قام النعيمي بتوزيع مبالغ وصلت قيمتها لـ نصف مليون دولار خلال 4 أشهر دفعت للمساجد ومؤسسة دار الرعاية ومسجد فنزبري ومسجد المنار ومسجد السلام ومؤسسة المنتدى الفلسطيني في بريطانيا والجالية السورية في لندن والمجلس الثوري المصري، ومركز الإمارات لحقوق الإنسان وشركة الخدمات الإعلامية العالمية المحدودة وهي جميعها محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين.

ورفع النعيمي عدة تقارير من لندن أبرزها وثيقة رقم 230.02 والتي شملت تقريراً عن تفاصيل وقفة شارك فيها النعيمي نفسه ووضع اسمه مع المشاركين وكشفت الوثيقة الثانية كيف قام النعيمي بالتبرّع لمسجد شمال لندن بمبلغ وقدره 70 ألف جنيه إسترليني ومبلغ قيمته 50 ألف جنيه إسترليني لمسجد غربي لندن بالإضافة لمسجد ثالث وسط لندن بمبلغ 150 ألف جنيه إسترليني. تبرّعات النعيمي تلك امتدت لتمويل الجاليات الصومالية واليمنية والمصرية والفلسطينية والتونسية والمغربية ومجموعات متنوعة. التبرّعات تلك كانت تهدف للتغلغل في تلك التجمّعات للحصول على معلومات وطريقة عملها وخططها. وشملت الأنشطة أيضاً إقامة أنشطة ثقافية وترفيهية وعلمية وغيرها وذلك لتكوين تجمّع فاعل يخدم أبو ظبي في لندن.

دعم لوجستي وفني لأنشطة نظمتها السفارة الإماراتية

ما بين العامين 2016 و 2017 قام النعيمي بمساعدة السفارة الإماراتية بتنسيق عدة لقاءات مع الجاليات العربية والمسلمة في بريطانيا وذلك بحكم ما بناه من علاقات امتدت لعدة سنوات. كما وساهم أيضاً في عقد تجمّع بحضور السفير الإماراتي عقد في فندق هيلتون باركلين وسط لندن. ويلتقي النعيمي بشكل دوري بالسفير الإماراتي في لندن بالإضافة لعدد كبير من الوفود الإماراتية التي تؤم لندن بشكل مستمر حيث يتم تبادل المعلومات وتزويد النعيمي بالميزانيات الرسمية التي ترسلها الحكومة الإماراتية عبر الزوار القادمين إلي لندن.

ودور النعيمي الغامض لم يكن ليُعرف لولا تسريب الوثائق والمراسلات والتي تكشف تورّط الأخير بلعب دور قذر في خدمة الإمارات.

العلامات
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X