الدوحة – الراية : أعلنت صفحة أخبار المشروع القطري السوداني عن آخر ما تم التوصل له في منطقة المصوّرات الصفراء وهو موقع أثري كوشي في شمال السودان، يبعد 20 ميلاً عن مدينة مروي، و20 كيلومتراً من موقع النقعة، و190 كيلومتراً شمال شرق العاصمة السودانية، وحوالي 29 كيلومتراً إلى اتجاه الشرق من مجرى النيل. يشكّل الموقع مع مدينة مروي والنقعة جزيرة مروي، والتي تم إدراجها ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي في العام 2011. ويعد مشروع المصورات مشروعاً أثرياً يُنفذ على المدى الطويل ويدير المشروع قسم آثار إفريقيا الشمالية الشرقية والدراسات الثقافية بجامعة هومبولت بمدينة برلين. فمنذ عام 1960، دأبت فرق من جامعة هومبولت على التنقيب بمركز مملكة كوش البارز هذا والذي يضم أقدم معبد معروف مخصص للإله أبادماك الذي كان يُصَوَّرُ برأس الأسد، ومجمع مباني المتاهة الفريدة للسياج العظيم وأكبر خزان مياه اصطناعي معروف لسودان العصور القديمة -الحفير العظيم- ويندرج هذا المشروع منذ عام 2013 ضمن الاثنتين والأربعين بعثة التي تعمل تحت مظلة المشروع القطري السوداني للآثار.
آثار مكتشفة
ونشرت الصفحة عدداً من الصور التي توضح حجم الإنجاز الذي تم في عدد من الأماكن في هذا الموقع ومن بينها خزانات المياه التي كانت ضرورية لبناء وصيانة موقع المصورات والمواقع الأخرى التي كانت تبعد عن نهر النيل في مناطق تفتقر لمصادر مياه دائمة، وقد كانت هذه الخزانات، في بعض الأحيان، مزودة بمنحوتات، ففي موقع المصورات، عُثر على إحدى تلك المنحوتات خلال ستينيات القرن الماضي بالحفير العظيم، وهي تمثال يجسد أسداً جالساً يبلغ ارتفاعه حوالي 1.6 م. وقد أعيد تنقيب الموقع خلال الموسم 2017-2018 من أجل تقييم حالة حفظه، ولا يزال تمثال الأسد قابعاً في مكانه الأصلي داخل خزان المياه ومُجابهاً جهة الشمال بالضبط.
مهمة صعبة
وإلى جانب الحفريات، ظلت تدابير الحفظ والترميم منذ فترة طويلة محط تركيز الأنشطة التي تضطلع بها الجامعة في إطار إدارة موقع المصورات الصفراء، وبفضل التمويل المقدم من المشروع القطري السوداني للآثار ، لا تزال أعمال الحفظ والترميم من أولويات فرق العمل في ظل سرعة التلف الذي يشهده الحجر الرملي المحلي الناعم والتي تبعث على القلق. كما أن الجهود الرامية إلى إدارة الموقع تنصب حاليًا على عرض الموقع على الجمهورين السوداني والعالمي، ويشمل هذا العرض إعداد وتركيب نظام لإرشاد الزوار يرمي إلى حماية الموقع وإثراء تجربة الزوار بقدر كبير في ذات الوقت. فأعمال الحفظ والترميم، بما فيها إعادة تأهيل الجهة الشمالية من الشرفة المركزية للسياج العظيم، تشكل جزءًا لا يتجزأ من إنجاز نظام الإرشاد هذا.
أصبح الزوار الآن قادرين على استحسان الزخارف المعمارية ومنحوتات الموقع، موقع ظل طوال ربع القرن الماضي مخبأ وسط سياج وقائي من الطوب. فعلى سبيل المثال، يجري في الوقت الراهن، تدعيم بعض الأعمدة المزخرفة الفريدة التي تعود إلى الفترة المرَوية المبكرة والواقعة قبالة المعبد المركزي للسياج العظيم، وترميمها عند الحاجة. كما نُقلت بعض من أكثر القطع قيمة إلى المتحف الموقعي خلال الموسم 2017-2018 لعرضها هناك، وتشمل أسطوانتي عمودين تحملان رسماً لصف من رجال يرقصون، بالإضافة إلى أسطوانة عمود وقاعدته عليهما رسوم لآلهة ذكور وإناث بعضها بارز في مشهد أمامي .
نسخ مطابقة
وحيث إنه ينبغي إبقاء هذه القطع الأصلية داخل المتحف الموقعي، فقد تقرر تركيب نسخ عن أسطوانات الأعمدة وقواعدها هذه قبالة المعبد المركزي خلال الموسم القادم للمشروع القطري السوداني للآثار، وجرى اختبار طريقة النسخ خلال الموسم 2017-2018 على قطع منحوتة أصغر حجمًا، ليتمخض عن هذه التجربة أول مجموعة من النسخ المطابقة للأصل التي كانت تتألف من تمثالي أسد جالس قبالة المعبد رقم (300) شرقي السياج العظيم، واللذين أعيد تجميعهما ونسخهما باستخدام قوالب السليكون التي استقبلت صبة حجر اصطناعي. ويأتي الأسدان ليكملان مجموعة المنحوتات المعمارية التي تزين طريق الوصول إلى المعبد، وليحرسان من جديد المنحدر المؤدي إلى مدخله.