الأدب مرآة الواقع، يمثّله ويصوّره ويعكس لنا مشاهد وصور الحياة واقعاً وتخيّلاً، وتظهر المرأة في الأدب بشكل كثيف بصور متعددة، كما في القصة القصيرة حيث تكون مادة لمواضيعها وعنصراً من شخصوها، وهنا قراءة لصورة المرأة في القصة القطرية، من خلال قراءة قصص في كتاب “قطاف (مختارات من القصّة القصيرة في قطر) لمجموعة من الكتاب القطريين، إصدار وزارة الثقافة والرياضة وفيه 13 قصة قصيرة.
من تلك الصور للمرأة نجد الفتاة المحبّة الحالمة في قصّة “الموت مرّتين” لكلثم جبر: “قرّرت الانتشاء بالصمت والسفر في لجّة غيابك علّني أجدك”، لكن أحلامها تحطمّت، فانتهت الكاتبة ببطلة قصّتها إلى تمنّي الموت مرّتين بعد أن سُجن من كانت تحبّ، وزُوِّجت لغيره وتركت عملها كطبيبة، فبدت مهزومة.
وفي قصّة “أبداً لم تكن هي” لمحمّد حسن الكواري، كانت بطلة قصّته أرملة مُتّهمَة بقتل زوجها، كان لئيماً ومعذّبا لها، وأجبرها على ترك عملها لخدمته، لكنّها بدت قوية عند التحقيق رغم جلافة المحقّق، ومن ثَمّ تزوّجت حارس المحقّق، وقُتِلَ أيضاً، فعادت للمحكمة مُتّهمَة بقتله دون دليل. فالكاتب ترك القارئ جاهلاً بالقاتل مثل المحقّق، وعنوان قصّته يشير إلى أنّها لم تقتلهم إنّما أفعالهم وسوء معاملتهم لها.
أمّا في قصّة “الحضن البارد” لحسن عبد الله رشيد، حيث الجدّة وحفيدها الذي يتذمّر من قصصها المكرّرة والمخيفة، فكانت سبباً في نهاية علاقته الطيّبة بجدّته، وتُركت الجدة وحيدة في غرفتها تتأوّه، إلى أن اشتاق يوماً لحضنها فعاد إليها، فكانت قصّته تصويراً للجدة وعلاقتها بأحفادها وأهلها، وهنا ظهرت حكايات الجدة مخيفة في قصة الحضن البارد، وأهمل جانب الاستئناس بحكايات الجدات فبدت مخيفة أكثر من كونها مؤنسة.
ولدى هدى النعيميّ في قصّة “في مخدعي أخرى” حيث انتهت قصة حبّ مها وطلال، الذي أُجبِر على الزواج بابنة عمّه كما برّر لها، بعد حين تزوجت مها رجلاً متزوجاً، وجاءها ذات يوم ليخبرها بنيته الزواج بأخرى.
وفي قصّة “سميّتي.. المرقاب 1970” لنورة محمّد آل سعد، بطلتا القصّة فاطمة وصديقتها فاطمة التي نالت صفعة من المعلّمة ظناً منها أنّها فاطمة المقصودة، ونجد صورة المرأة المتأثّرة في المحبّة، حبّ المعلمات الودودات ودورهن في التعليم، وحبّ الأمهات ودورهن في تقرير المصير.
أمّا قصّة “مع أبي” لشمة الكواري، بطلة قصّتها فتاة سند أبيها، تعيش حياة مليئة بالحبّ لوالديها، والديها لبعضهم رغم الاختلاف والبعد: “ضمّتني ثمّ أبعدتني عنها، وهي تطمئنني بنبرة حازمة: إنّه إنسان رائع، أنت محظوظة لأنّه أبوك”، ولكن السعادة قد لا تكتمل، فبدأت تخوض معترك حياة خوف الفقدان، فقدان الأحبّة الأمّ والجدّة والأب، فبقيت البنت معلّقة بذلك الخوف مع محاولة الأب تشجيعها للإيمان بما يقع.
فقد تعدّدت صور المرأة، فكانت محاكاة وملامسة للواقع، ومحاولة لإظهار المرأة بصورها العديدة، كالفتاة الخائفة، والمحبّة، والحالمة، والمغامرة، والبائسة، والمحطمة، والناصحة القادرة على رعاية نفسها وبناتها، فأظهرت مواطن معاناة المرأة من الظروف المتعدّدة وما يترتّب عليها من معاناة نفسيّة، فكانت صور البؤس والخوف أكثر من صور السعادة، وقد برز رأس الانتقام لدى المرأة من الزوج السيئ الذي لقي حتفه، وقد طغت صور المعاناة والبؤس والخوف على صور المرأة المجابهة للصعاب التي لا تخاف وتقوى على حماية نفسها.
intesar_alsaif@