الدوحة – الراية: قال فضيلة الدكتور محمود عبدالعزيز إنه لما كسفت الشمس على عهد رسول الله، عليه الصلاة والسلام، أمر منادياً ينادي الصلاة جامعة، فصلى بالناس ثم خطبهم ، وبيّن لهم حكمة الكسوف وأبطل اعتقادات الجاهلية، وبيّن لهم ما ينبغي لهم أن يفعلوه من الصلاة، والدعاء، والصدقة.. وقد قال عليه الصلاة والسلام: “إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا، وصلوا، وتصدقوا “. وأوضح، في خطبة صلاة الجمعة أمس بجامع شاهين الكواري بمعيذر، أن المسلمين كانوا عند حدوث الكسوف يخافون أن يكون منذراً بنزول بلاء، فيلجأون إلى الله بالدعاء أن يصرف عنهم ما يحذرون، ولما انتشر في العصور المتأخرة علم الهيئة وحساب سير الشمس والقمر، وعُلم أن المختصين بذلك قد يدركون وقت الكسوف، بيّن العلماء أن العلم بذلك لا يغير الحكم، وأن على المسلمين أن يفعلوا ما أمروا به عند حدوث الكسوف ولو كانوا قد علموا بذلك من قبل.
وأشار إلى أنه لا يشرع الاهتمام برصد مواعيد الكسوف، فإن ذلك مما لم يأمرنا به الله ورسوله ، كما بيّن العلماء أن الكسوف قد يكون علامة أو سبباً لحدوث شر يتضرر به العباد.
وأضاف: القول بأن الكسوف لا يسبب أذى، قولٌ بغير علم، واعتراض على شرع الله، وليس بلازم أن يعلم الناس بما يحدثه الله عند الكسوف ، وقد يعلم بذلك بعض الناس دون بعض، وقد يدفع الله بصلاة المسلمين ودعائهم عن العباد من الشرور ما لا يعلمه إلا الله . فالواجب على المسلم التسليم لحكم الله والعمل بشرعه، والإيمان لحكمته، فإنه العليم الحكيم سبحانه وتعالى.
كسوف وخسوف
وبيّن أن كسوف الشمس وخسوف القمر آيتان من آيات الله يخوّف الله بهما عباده ويذكّرهم بعض ما يكون يوم القيامة إذا الشمس كوّرت وإذا النجوم انكدرت وإذا برق البصر وخسف القمر وجُمع الشمس والقمر وهذا وجه التخويف وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم من شدة خشيته لله قد خرج فزعاً يظنّ الساعة قد قامت لما كسفت الشمس في عهده وهذا من قوّة استحضاره لقيام الساعة وشفقته منها.
وأضاف: أصابتنا الغفلة حتى لم يعد أكثر الناس يرون فيها إلا مجرّد ظاهرة طبيعية يعمدون فيها إلى لبس النظّارات وحمل الكاميرات والاقتصار على التفسير العلمي الدنيوي لها دون أن يدركوا ما وراء ذلك من التذكير بالآخرة وهذا من علامات قسوة القلب وقلة الاهتمام بأمر الآخرة وضعف الخشية من قيام الساعة والجهل بمقاصد الشّريعة.
تخويف العباد
وذكر أن من حكمة الله تعالى أن جعل في تلك الآيتين العظيمتين الشمس والقمر جعل فيهما تخويفاً لعباده إذا طغوا وبغوا، أن يراجعوا دينهم قبل أن يحل بهم عذاب ربهم، ولهذا كان الكسوف والخسوف ظاهرتين غريبتين يخوّف الله بهما عباده، قال تعالى:”وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً”.
وأضاف: لذلك كان الدافع للكسوف والخسوف هو تخويف العباد، وليس أموراً فلكية عادية طبيعية كما يصورها أعداء الملة والدين ليبعدوا المسلمين عن دينهم فتقسوا قلوبهم ولا يعد لديهم أي اهتمام بهذه الآية العظيمة ، حتى إن البعض منهم يفرح ويستبشر بوجود هاتين الآيتين، ومنهم من يذهب إلى قمم الجبال وأعالي التلال ليشاهدوا ذلك الحدث العظيم بالمناظير والتلسكوبات ويغمرهم الفرح والسرور ، وغفلوا بل عميت عقولهم عن السبب الحقيقي لذلك.
وقال: معلوم أن الكسوف والخسوف لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فالأمر أكبر من ذلك وأخطر، فهي آيات من آيات الله تعالى الدالة على عظمته وجبروته وقوته ليخوّف بها عباده حتى يتوبوا إلى بارئهم ويعودوا إلى دينهم.
التوبة والإنابة
وأشار إلى أن الواجب إذا رأى الناس ذلك أن يفزعوا خائفين وجلين، ويتضرعوا إلى الله بالدعاء والتوبة والإنابة إليه، وأن يكثروا من الصدقة والاستغفار وأعمال البر والخير، والإحسان إلى الفقراء والمساكين، ومساعدة اليتامى والأرامل، وأن يهرعوا إلى الصلاة ، وهي صلاة غير مألوفة، لم يألفها الناس ولم يعتادوها.
ولفت إلى أنه عندما كسفت الشمس في عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم فزع، وفزع معه المسلمون فزعاً شديداً، وخرج عليه الصلاة والسلام، مسرعاً إلى المصلى حتى أن رداءه سقط من عليه ولم يشعر به من شدة فزعه وخوفه وهول تلك الآية العظيمة، وعندما وصل المصلى نادى مناد بالناس ( الصلاة جامعة ) ، فاجتمع الناس رجالاً ونساءً ، صغاراً وكباراً ، فصلى بهم صلاة غريبة لغرابة واقعتها، والناس يصرخون ويبكون خوفاً من الله تعالى.
وقال إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في تلك الصلاة الجنة والنار ورأى أموراً جسيمة، فرأى النار، فقال: ما رأيت منظراً أفظع منها ثم بعد الصلاة خطب الناس خطبة بليغة وعظهم وذكرهم بربهم سبحانه.