بقلم – سبأ اليافعي:

الإنسان بطبيعته يميل للنسيان، فنسيان ما آلمك وسبّب لك المعاناة هو شيءٌ جميل ولكن نسيان النعم والخيرات التي رزقك الرزاق إياها سيجعلك تعيش في جو الجحود والنكران. فعندما ينكر الإنسان فضل الله تعالى عليه عندها سينغمس في حب إثبات قوّته وأنّه ليس بحاجة لأحد وكلّما انغمس في ذلك العالم وجد نفسه يهلَك تدريجياً وسيشعر بالإرهاق وسيتردد كثيراً بنفسه السؤال: ما الذي افعله ومتى سأرتاح؟، ولكنه إن استمر في هذا الجحود والنكران – نكران الجميل لله تعالى – فلن يرتاح أبداً وسيظل متعطشاً بنهَم للمزيد حتى يسد الفراغ الذي بداخله. الإنسان بطبيعة حالهِ الضعيفة يحتاج إلى اللجوء لقوة أكبر منه وعندما يلجأ لتلك القوة سيشعر بالاطمئنان والأمان وبالرضا. وكي لا ينغمس في هذا العالم الموحِش فيجب عليه أن يشكر الله تعالى أولاً حتى تتجدد الحياة فيه وتدب تلك الروح و تنتشي، فباب الشكر له فروع عدّة ولا تنحصر بقول الحمد لله فقط ! ومن أبواب الشكر شكر الناس وهو أحد الطرق الجميلة التي أمرنا الله سبحانه وتعالى بها، قال الرسول عليه الصلاة والسلام» من لا يشكر الناس لا يشكر الله» فديننا الحنيف أمرنا أن نتحلى بالخُلق الحسن وشكر الناس هي من الأخلاق الراقية والحسنة وهي من الصفات المحببة لله تعالى، العجيب في الأمر أن الشخص الذي مد يد العون لك والذي أبهجك وأسعدك بكلمة واحدة هو شخصٌ قد سخّره الله تعالى لك وحدك وذلك كي يرسم بسمتك ويجبرك، ولذلك شكر الناس هو في الحقيقة شكر لله تعالى. ومن طرق شكره جلّ وعلا هو أن تعمل العمل الصالح وتُخلص النية له وحدهُ في هذا العمل، فالعمل الصالح قد يكون بأي عملٍ بسيط فعندما تهتم بصحتك والتي هي أمانة عندك فأنت تشكره وعندما تسقي طيراً أو حتى زرعاً فأنت لله تشكر وعندما ترسم بسمة في وجه شخص فأنت لهُ تشكُر. الشكر هو فعل بسيط ولكن يحمل تحت طياتهِ الكثير من الخيرات، ولذلك فالشيطان الرجيم يجعل العديد من الناس ينسون شكر الله، ويجعلهم يظنون أن كل ما هم فيه هو فقط من جهدهم وعرقهم أو محض صدفة، قال تعالى:»ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ» -الأعراف 7 ، وللتذكرة لا تنسى قوله تعالى: «وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ، وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ»- إبراهيم7، ولك أن تتخيل كيف سيكون شكر الله تعالى لك في عملك الطيب وهو أكرم الأكرمين وباختصار شديد اشكُر تُشكَر.

 

[email protected]