المنبر الحر

روايــــــــــــة مـخــتلـفـــــــة

دانا ربيع التابعي

إن كنت من قارئ الروايات ستتفهم ذلك الشعور، تخيل معي أنك تقرأ رواية جديدة وقد أنهيت الفصل الأول الذي فاق عدد صفحاته الثلاثَمئة، وقبل أن تبدأ بقراءة الفصل التالي أعدت تخيل ما قرأته، أحببت شخصية البطل كثيرًا، ولكن تمنيته أن يستمر في هذا العمل الرائع، وتمنيت أن تمحو ذاك الخطأ الذي ارتكبه، وودت لو أن يستمر في خطواته للأمام وشعرت بأنه قد خسر شخصية أخرى في الرواية بخطئه غير المقصود، ولو أنه استخدم أسلوب العتاب لكان أفضل من ذلك، ثم شعرت برغبة في قراءة الفصل التالي، وانتابك شعور بأنه: ليتنى أستطيع أن أقوم بتأليف الأحداث القادمة عوضًا عن ذلك المؤلف وهذا لأنك أصبحت مغرمًا ببطلك المفضل. بالفعل أنت تستطيع ذلك، فكل منا بداخله مؤلفٌ، وبيده قلم وبعقله أفكار وبذاته يطبقها، الرواية التي أقصدها هي رواية حياتك كلها، وكل فصل منها يمثل عامًا جديدًا ويضم بداخله عدد أيام السنة كلها والبطل هو أنت ذاتك التي أحببتها، ذاك العام المنقضي دخل سجل الذكريات، ومن الطبيعي أنه لم يخلُ من الاختلاف والاعتذار، وأحيانا العتاب ولكن وجب أن تتساءل هل أخطأت في حق أحد؟ وهل أخطأ أحدٌ في حقك خطأً لا يمكن نسيانه؟ فلنكن فطنين لأخطائنا غير مكررين لها، ولندرك أننا من نكتب سطور فصلنا الجديد، فلنختلف بذوق، ولنعتذر بتواضع، ولنعاتب برفق، ونجتمع بحب، ونفترق بود، لنتمسك بأحبتنا، ولا نقصر في حقهم أو التواصل معهم، ولنبتعد عن أعدائنا دون خلافات أو ضغينة بيننا، وما أروع أن تستمر محبة السنين وصداقتنا طول العمر ولا نقطعها من أجل زلة لسان وربما كانت من غير قصد، ولنلتمس للآخرين الأعذار، ولنتجاوز عن بعض تصرفاتهم فأنت لا تعلم الضغوط التي تواجههم، فجميعنا كالقمر له جانب مظلم أحيانًا. ولنتذكر أننا في شهر محرم تحل علينا ذكرى عاشوراء الذي حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم على صيامه، فهذا اليوم هو الذي نجّى الله فيه نبيه موسى عليه السلام وقومه من بطش فرعون وجنوده، وكان ذلك الانتصار هو من تقدير وتدبير الله ومعيته وحفظه لعباده المؤمنين والمتأمل في هذه القصة سيشعر أنها تبعث في النفس أملاً كبيرًا وثقة أكبر، بأن من كان مع الله فإن الله معه، لا يخذله أبدًا، وأنت أيضًا تحتاج لأن تنتصر أكثر على نفسك إن كنت ممن تقوده نفسه أحيانا للتكاسل والتراخي أو الإحباط وعدم السعي لتحقيق طموحاتك المرتفعة، حاول دومًا أن تتعرف على الناجحين المؤمنين بطموحك المساندين لك وابتعد عن أولئك المحبطين الذين لا يجيدون سوى النظر لحياتهم اليومية بروتينها المعتاد فيقللون من عزيمتك ويحطمون معنوياتك فتتراجع إلى الخلف ولا تكمل من حيث بدأت، فقط توكل على الله وثق به وخذ بالأسباب المعينة على حلمك.

واجعل لك دوما نية طيبة في كل ما تؤديه فالمرء يبلغ بنيته مالا يبلغه بعمله وإنك لا تزال بخير ما نويت الخير، فجدد عهدك مع الله، على أن يكون القرآن هو جليسك والهدى النبوي هو دليلك وذكر الله هو أنيسك وقيام الليل وصيام النهار هو سبيلك والأخ الصالح في الله هو رفيقك. ما الأعوام إلا فصول نطويها من دفاترنا تمر سريعا كأننا دخلنا من باب وخرجنا من الآخر، سنة هجرية جديدة لا ندري هل سنعيشها كاملة أم ستطوى فيها أعمارنا فليكن شعارك فيها أنا أجمل وأنقى وأرقى بأخلاقي، فنحنُ من نتغير أمّا هِي فتزدادُ أرقاماً فقط.

العلامات
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X