آخر كلمات خاشقجي .. ابن سلمان قلب نظام الحكم لمصلحته
كدس الصلاحيات بيده وأراد أن يراه الناس وحده ولا يتساوى مع أحد
أسرة آل سعود كانت مسكينة ولاجئة في الكويت ثم في قطر

إسطنبول – وكالات: ظهر تسجيل صوتي للصحفي السعودي الراحل جمال خاشقجي، بعد اغتياله في الثاني من أكتوبر الجاري في قنصلية بلاده بإسطنبول، يتحدث فيه عن أسرار الحكم في بلاده وكيف استطاع ولي العهد محمد بن سلمان إحكام قبضته على السلطة. وفي التسجيل، الذي حصل “الخليج أونلاين” عليه قارن الإعلامي المغدور بين وضع الأسرة المالكة في زمن الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود ثم في عهد أولاده من بعده، ووضعها بعد تولي ابن سلمان ولاية العهد.
قلب الحكم لمصلحته
وقال خاشقجي: “إن محمد بن سلمان استطاع أن يُجري تغييراً جميلاً جداً، فمنذ وفاة الملك عبد العزيز حتى 2015 كان هناك شراكة أو حكم أفقي في أولاده حسب الأكبر سناً”، مشيراً إلى أن “المناصب التي يتولاها إخوة الملك كالوزارات يكون فيها لديهم صلاحيات واسعة، الأمر الذي ربما أدى لإهدار أموال عامة”. وأضاف: “في الماضي إذا كان هناك نزاع بين قبيلتين نراهم يتخاصمون عند ديوان الملك وديوان الإمارة والداخلية، وتتشابك القضايا مع بعضها، ويأتي توجيه من أكثر من مكان، ويصبح أمير المنطقة لا يعرف لمن يستمع، بسبب النظام الأفقي الذي كان سائداً”. وتابع: أنه “في العام 2015 انتهى الحكم عند آخر الأبناء الأقوياء لعبدالعزيز وهو الملك سلمان، وكانت فرصة تاريخية اغتنمها نجله محمد، وهي أقدار الله التي وفرت له المساحة التي يتقدم فيها، إلى جانب مهاراته في المناورة ليصل إلى ما وصل إليه”. وبين الصحفي الراحل أن طبيعة الحكم الأفقية انتهت بصعود ابن سلمان وأصبح الحكم مركزياً عمودياً، و”لا يوجد مركز قوة بالمملكة إلا هو”.
كما أوضح أنه “في السابق كان من لديه حاجة يذهب إلى (ديوان الملك، ديوان الإمارة، وزارة الداخلية، ديوان ولي العهد) أما اليوم فلا يوجد لديك عنوان تذهب له إلا الديوان الملكي، فهناك مركزية هائلة غير مسبوقة”. وبيّن أن محمد بن سلمان “تعمد ألا يكرر النظام الأفقي، إذ كان بإمكانه أن يكرره بإحضار اثنين من إخوته، ويضع واحداً في وزارة الدفاع والثاني في الداخلية، وآخر مستشاراً، ولكنه أراد أن يراه الناس وحده، وحتى عند دخوله لاجتماع يكون وحده ولا يتساوى مع أحد”. وتابع خاشقجي أنه حتى في وسائل التواصل الاجتماعي “تجدون صورة يستخدمها أنصار الأمير ابن سلمان، وهو لديه جيش إلكتروني، وفيها صورة له يقف أمام خريطة ويشرح لجده الملك عبد العزيز عنها والجد ينظر بإعجاب، الرمز واضح، وهو أنا امتداد لك، أنا مثلك”.
أسرة مسكينة
وعاد الصحفي الراحل بالزمن إلى تولي الملك عبد العزيز الحكم، وقال: إن “القصة الكلاسيكية أنه عرض على والده الأمير عبد الرحمن الفيصل آل سعود الحكم هي غير صحيحة، ولكنه بعد أن استقبله وأكرمه قال له إنه دوري، أنا أخذت الحكم بالقوة، أنا فتحت الرياض”. ووصف خاشقجي حال أسرة آل سعود قبل الملك عبد العزيز بأنها “كانت مسكينة ولاجئة في الكويت ثم في قطر”، واصفاً إياه “بأنه بالفعل بنى السعودية الحديثة، ونحن نطلق عليه المؤسس”. وتابع قائلاً: “واضح أن ابن سلمان يريد أن يعيد هذه الصورة، ولكنه يريد إعادتها عمودياً، الإشاعة القوية أنه ينوي أن يقيل أناساً كثيرين من الديوان الملكي، ويختصره على الملك وولي العهد وربما عدد صغير معهم”.
المواطن مركز ثانٍ
وقارن الصحفي الراحل في التسجيل حال المواطن السعودي قبل وبعد ابن سلمان. وبين أنه في السابق كان “المواطن مركزاً ثانياً، لذلك الدولة لا تراه” لكن في عهد ابن سلمان لفت إلى أن الدولة باتت تراه كمصدر للدخل، لكن المواطنين بدؤوا يضجرون من ذلك. وأشار إلى أنه “حتى الآن لا يوجد ضريبة على الدخل في السعودية ولكن السعودي يدفع رسوماً”، لكن اعتبر وجود نظام الضرائب يفيد المواطن السعودي والمملكة على المدى البعيد. وأوضح خاشقجي: “عندما ندفع الضرائب وأعتقد أن هذا يوم آت لا محالة، ستتغير نمطية الحياة؛ ستبدأ الدولة بالاهتمام بإنتاجية الفرد، كما أن الشخص سيصبح لدى الدولة أكثر قيمة، تهتم بتعليمه ونجاحه في العمل؛ لأنه يدفع حصة من دخله إليها”.