الراية الرياضية
أخطر ظواهر دورينا تتحول لمشكلة مؤثرة سلباً على المنافسة ومشوهة للصورة

«تفنيش» المدربيـن .. حـبــل يشــدنـا إلـى الــوراء !

فشل المدربين يعني إخفاق الإدارات التي جاءت بهم دون دراية أو تمحيص

نصف فرق الدوري غيّرت مدربيها خلال الثلث الأول فقط من البطولة

أنديتنا تتعامل مع المدربين على أنهم الضحية الأسهل لأي إخفاق..!

من غير المعقول أن نبقى كل هذه السنين رهن أخطاء لم يعد مقبولاً تكرارها

لنتعلم من الآخرين .. فيرجسون وفينجر ولوف أمثلة حية ودروس مهمة

متابعة – صفاء العبد:

لا نختلف طبعاً على أن غياب الاستقرار الفني هو من أهم الأسباب التي تسهم في إضعاف الفرق وبالتالي إضعاف الدوري من الناحية الفنية.. وفي الحقيقة فإن ظاهرة كهذه باتت تبدو وكأنها من العلامات الفارقة في دورينا على وجه التحديد.. فمع أن إقالات المدربين يمكن أن تحدث في كل مكان لسبب أو لآخر إلا أن الذي يحدث عندنا يكاد يكون مبالغاً فيه بطريقة قد لا نجدها لدى الآخرين.. خذ مثلاً النسخة الحالية من الدوري.. فبعد 8 جولات فقط كانت هناك 6 إقالات أو استقالات من أصل 12 فريقاً فقط تشارك في الدوري .. والأمر هذا يعني أن نصف فرق الدوري قد أبدلت مدربيها خلال الثلث الأول فقط من البطولة ..

ظاهرياً يمكن أن يجد الأمر تفسيراً مقنعاً خصوصاً عندما تكون هناك مؤشرات واضحة عن إخفاقة هذا المدرب أو ذاك وربما فشله في التعامل مع الفريق وبالتالي فإن قرار إبعاده يصبح مثل الكي الذي لابد منه في بعض الأحيان..

أقول ظاهرياً ولكن .. هل يكفي أن ننظر إلى الأمر من هذه الزاوية فقط أم أن ذلك يتطلب الخوض في تفاصيل أخرى تبحث ليس في النتائج وإنما في الأسباب التي أدت إلى تلك النتائج، وقبل كل ذلك تبحث في حقيقة مهمة جداً تطرح السؤال الأزلي الذي يقول.. وكيف جاء هذا المدرب أصلاً، ومن الذي اختاره، وعلى أي أساس تم التعاقد معه..؟!

وليس من شك في أن هناك ما يشبه الهروب من الإجابة على مثل هكذا تساؤلات.. لأن الإجابة هنا تعني كشف حقائق مهمة يحرص الكثيرون على أن تبقى فوق الرفوف وأن لا يصار إلى تقليب أوراقها مادام الأمر يتعلق بالإدارات التي جاءت بهؤلاء المدربين والتي يفترض أن تكون هي المسؤولة عن أي فشل أو إخفاق في هذا الجانب لأن فشل المدرب يعني بالضرورة فشل الإدارة التي اختارت هذه المدرب وجاءت به دون تمحيص أو تدقيق أو معرفة تفصيلية لحقيقة إمكاناته التدريبية..!

لا ننكر طبعاً إمكانية أن يكون مثل هذا التغيير نابعاً من أسباب غير فنية.. فهناك بين المدربين من يُخفق في التعامل مع اللاعبين أو أن يفاجأ بظروف لم يتوقعها وبطريقة تؤثر سلباً في عمله لتطاله الإخفاقات لهذه الأسباب وليس لقصور في إمكاناته الفنية.. لكن مثل هذه الحالات تكاد تكون نادرة إلى حد كبير وليست شائعة بالطريقة التي تجعلنا نلجأ في كل موسم إلى مثل هذا الكم من التغييرات وبالشكل الذي يجعلها مثل حبل يجر كرتنا إلى الخلف ما دمنا نؤمن بأن الكرة إنما نستمد أسباب تقدمها وتطورها من نجاح بطولة الدوري تحديداً كما هو الحال في كل مكان..

أما الشائع عندنا فهو أن المدرب غالباً ما يكون الضحية الأسهل لإدارة أي ناد يعاني فريقه من إخفاق أو تراجع أو فشل حتى وإن كان لهذا الفشل أو الإخفاق أسباب أخرى لا علاقة للمدرب فيها أو أنه قد يكون سبباً ولكن ليس كل الأسباب فيها..

أقول إن ما يحدث عندنا في هذا الجانب لم يعد مقبولاً بالمرة .. فقد آن الأوان لكي نغادر هذه الظاهرة وأن نتعلم من الآخرين.. نتعلم من مانشستر يونايتد مثلاً وكيف تمسّك بمدربه الأسكتلندي فيرجسون على مدى (27) عاماً رغم البدايات المتواضعة له مع الفريق قبل أن يحقق معه ما حققه من إنجازات لامعة وكبيرة.. ونتعلم من أرسنال وكيف تمسّك بمدربه الفرنسي ارسين فينجر على مدى ( 22 ) عاماً .. ونتعلم من الألمان وكيف تمسّكوا بمدربهم يواخيم لوف على الرغم من إخفاقه الكبير وخروجه المخجل من الدور الأول للمونديال الأخير.. لن نطالبكم بالإبقاء على مدربيكم عقوداً من الزمن وإنما بمنحهم الفرصة كاملة لموسمين أو ثلاثة على الأقل قبل إصدار أي حكم بشأنهم، مثلما نطالبكم بدقة الاختيار والاعتماد على أسس سليمة في هذا الجانب لكي نأتي بمدربين يتمتعون بإمكانات فنية حقيقية تؤهلهم لتحقيق ما نتطلع له من نجاحات إن لم يكن في موسمهم الأول فربما في الثاني أو الثالث ..

نطالبكم أيضاً بعدم تحميل المدرب مسؤولية كل الإخفاق في حالة حصوله.. فربما هناك أسباب أخرى لا علاقة للمدرب بها، وأن تقفوا على حقيقة ما يحصل في بعض الأحيان عندما يكون هناك لاعب أو اثنين يتمتعون بالتأثير في زملائهم ليصنعوا سيناريو الإخفاق وبالتالي دفع إدارات أنديتهم لاتخاذ القرار “الأسهل“ وهو التضحية بالمدرب غير المرغوب به لسبب أو لآخر..! لا ندافع هنا عن المدرب الذي يستحق “التفنيش“ لكننا نقول إن المدرب الذي يتم تفنيشه بمثل هذه السرعة لابد وأن يكون قد جاء وفق قناعات خاطئة جداً أو خيارات تفتقد إلى الصواب ولا تمتلك مقومات حسن الاختيار أصلاً.. أما في غير ذلك فإن المدرب الذي يتم تفنيشه سيكون ضحيّة حقيقية لإدارات تفتقر إلى صواب المنهج ولا تجيد إصدار القرارات التي تنسجم مع المنطق وتتطابق مع الرؤى الفنية السليمة التي يفترض أن يتحلى بها القائمون على إدارات الأندية..

وآخــــرون عــلى الطــريـــق..!

لن يقف الأمر على ما حدث من تفنيشات للمدربين الستة الذين غادروا فرقنا حتى الآن خلال هذا الموسم ..

فالمؤشرات تتحدّث عن تغييرات أخرى في الطريق حيث إن أكثر من مدرب بات مرشّحاً للحاق بمن سبقوه خلال القادم من مباريات البطولة في قسمها الثاني الحالي..

الإدارات هي المسؤولة

تبقى إدارات الأندية هي المسؤولة عن فشل مدربيها لأنها هي من اختارتهم وهي من جاءت بهم قبل أن تلجأ إلى تفنيشهم..

والواضح هنا هو أن هناك في العديد من أنديتنا من يتعامل مع هذا الأمر بطريقة سطحية جداً بحيث يصار إلى التعاقد مع بعض المدربين دون دراية كافية أو اطلاع حقيقي أو قراءة صائبة للسيرة الذاتية التي تتحدث عن الإمكانات الحقيقية لهذا المدرب أو ذاك أو أن يصار إلى الاعتماد على بعض الوكلاء الذين لا تهمهم مصلحة هذا النادي أو ذاك بقدر ما تهمهم مصالحهم الشخصية وحجم ما يكسبونه من أرباح من مثل هذه الصفقات..!

ظاهرة كل موسم

ما حدث من تغيير على مستوى المدربين في الدوري حتى الان ليس جديدا في البطولة .. فالامر يكاد يتكرر في كل موسم ، اذ لا يخلو موسم دون ان نشهد سلسلة طويلة من التغييرات والتفنيشات وبطريقة لا تعكس سوى الكثير من التخبط الذي تعاني منه فرقنا دون معالجات جذرية يمكن ان تنهي هذه الظاهرة السلبية التي تؤثر سلبا في مستويات فرقنا وبالتالي في المستوى العام للدوري ..

 

العلامات
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X