المنبر الحر

النزاع المسلح في اليمن

بقلم – ناجي أحمد الصديق – السودان:

تنص المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة على الآتي: «ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينقص الحق الطبيعي للدول فرادى أو جماعات في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدوليين …..». بحسب هذه المادة فإن للدولة منفردة حقاً طبيعياً في الدفاع عن نفسها أمام أي عدون عليها، كما أن للدول مجتمعة نفس ذلك الحق، وعليه فإنه متى تم عدوان على دولة أو مجموعة دول فإنها تستطيع الدفاع عن نفسها مباشرة ودون الرجوع إلى مجلس الأمن ولكنه يجب إبلاغ مجلس الأمن بالتدابير التي تم استعمالها فوراً ولمجلس الأمن اتخاذ كافة التدابير التي يراها مناسبة لحفظ السلم والأمن الدوليين ، وقد أكدت محكمة العدل الدولية هذا المبدأ حيث قالت إن عدم وجود تقرير موجه إلى مجلس الأمن يشكل عنصراً يستدل منه أن الدولة المعنية لا تتحرك في إطار الدفاع عن النفس إذ يقع على الدولة التي تمارس هذا الحق واجب إبلاغ مجلس الأمن،

بجانب الدفاع عن النفس في مواجهة العدوان الذي يقع على الدول فإن هنالك نوعاً آخر من الدفاع عن النفس سمى بالدفاع الوقائي وهو ما تقوم به الدولة أو الدول بالهجوم الاستباقي توقياً لتهديد وشيك باستعمال القوة المسلحة من قبل دولة أخرى وقد أورد بعض الفقهاء بأن الدفاع الاستباقي باطل قانوناً، وذلك أن المادة 51 من الميثاق لم تتحدث مطلقاً عن مثل ذلك الدفاع علاوة على أن استخدام القوة في حالة الدفاع الشرعي يعتبر استثناءً من القاعدة الأصلية التي تحرم استخدام القوة المسلحة ولهذا لا يجوز التوسع فيها.

ظهر أخيراً ما يُسمى بالحرب الاستباقية وكان هذا واحداً من إفرازات الحرب على الإرهاب التي ظهرت بصورة موسعة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر الشهيرة وبالرغم من قواعد القانون الدولي لم تكن تعرف مثل تلك الحروب الاستباقية إلا أن مجلس الأمن لم يتمكن تحت ضغط الولايات المتحدة من إبطالها وأصبحت من ضرورات الواقع تأخذ مكانها في فقه القانون الدولي وسارت الحرب على الإرهاب قدماً إلى الأمام بما فيها تلك الحرب الاستباقية حتى أصبحت في يومنا هذا عرفاً تتمسك به الدول، بل وأصبح مطية لشن كثير من الحروب دون أن يكون هنالك مبرر قانوني لها.

على كلٍ فإن التحالف العربي بقيادة السعودية قد دخل اليمن بحجة الحرب الاستباقية ضد الحوثيين وقوات علي عبد الله صالح، ولكن الحرب في اليمن قد أخذت بعداً مأساوياً على الشعب اليمني وأصبحت مأساته هي مأساة القرن وأصبح الموت هنالك مشاعاً بين كل مكونات الشعب اليمني، تارة الحرب وتارة الكوليرا والجوع الذي فتك بالناس حتى أصبح اليمن السعيد يعاني من أكبر مجاعة في العصر الحديث.

لا يهمنا من كل ما يحدث في اليمن إلا تطبيق قواعد القانون الدولي الإنساني على النزاع المسلح غير الدولي في اليمن، ولعل تطبيق تلك القواعد بالصرامة التي حث عليها القانون المذكور سيجنب أبناء اليمن الكثير من المعاناة خاصة معاناتهم مع القصف العشوائي للمدنيين في الأسواق والمدارس والمشافي ودور العبادة وهى الأماكن التي تحظى بحماية القانون الدولي الإنساني، والقول الفصل في تطبيق تلك القواعد ومحاسبة من يقوم بانتهاكها هو لمجلس الأمن الدولي وسلطاته المطلقة تحت البند السابع باستعمال القوة إذا لزم الأمر بوقف الحرب وحماية المدنيين أولاً وبإحالة النزاع برمته إلى محكمة الجنايات الدولية لإجراء التحقيقات اللازمة ومن ثم محاكمة من قاموا بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أمامها.

العلامات
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X