مـا الــذي يحـــدث فـي الغـــــرافــــة ؟!
ثمانية السد كشفت عن حقائق مؤلمة تهز أركان الفريق الكبير
تصريحات جوركوف تتقاطع مع ما قاله سابقاً عن العودة بقوة لصراع الكبار
الواعدون باتوا أساسيين ولم يعد مناسباً أن نتحدث عن محدودية خبرتهم
هل يُعقل الحديث عن الضعف البدني لمحترفين بمستوى شنايدر وطارمي وفايس؟
تعثرات الفريق ومعاناته تثير الكثير من القلق بشأن التحضير لأبطال آسيا
متابعة – صفاء العبد:
هذا أمر لا يليق أبداً بفريق كبير اسمه الغرافة.. فمن غير المعقول أن نرى الفهود وهم يلعقون جراحهم بمثل هذه الطريقة التي تعكس واقعاً لا يسر أحداً على الإطلاق .. نقول ذلك لأننا ننظر إلى هذا الفريق على أنه أحد الأعمدة الأساسية التي تقوم عليها الكرة القطرية .. فمتى ما كان سالماً معافى كان قادراً على خدمة كرتنا على وجه العموم والعكس صحيح أيضاً.
وفي الحقيقة فإن وضع الفريق اليوم لا يبدو مشجعاً إن لم نقل إنه يثير لدينا الكثير من القلق لا سيما أنه سيكون أحد الفرق الأربعة التي ستمثلنا في دوري أبطال آسيا إذ تنتظره مباراة في غاية الأهمية للعبور إلى دور المجموعات في التاسع عشر من فبراير المقبل.
وعندما نقول إنه يدعو للقلق فذلك لأن الفريق لا يبدو على ما يرام أبداً.. فعلى مدى الجولات الست الأخيرة لم يحقق سوى فوزين فقط كانا على فريقين متأخرين في جدول الترتيب وهما الخور وقطر بينما تعادل مع الشحانية سلباً قبل أن يمنى بهزيمتين غير متوقعتين كانت الأولى أمام السيلية بهدف لهدفين ، بعد أن كان هو من فاز عليه بنفس النتيجة ذهاباً ، والأخرى التي كان وقعها كالصاعقة عندما اهتزت شباك مرماه ثماني مرات ، أكرر ثماني مرات ، أمام السد في واقعة لم تحدث للفريق من قبل علماً أن مباراة الفريقين ذهاباً كانت قد انتهت بالتعادل بهدف لهدف.
وإذا ما أردنا أن نستعرض مسيرة الفريق مع هذا الموسم فليس لنا إلا أن نقول إن كل ما حققه حتى الأن لا يرتقي أبداً إلى ما كنا نطمح إليه خصوصاً بعد أن اختارت إدارة الفريق الاعتماد على مدرب معروف مثل الفرنسي جوركوف وراهنت على الاستقرار الفني الذي جعلها تتمسك بمحترفيها الأربعة السابقين وهم الهولندي شنايدر والبرتغالي أمادو والسلوفاكي فايس إضافة إلى الإيراني مهدي طارمي.
وفي تقديري الشخصي أن أسماء كهذه يفترض أن تكون مدعاة للتفاؤل وليس للقلق وفقاً للإمكانات المعروفة عن هذه النخبة من المحترفين الأربعة.. كما أن المدرب بحد ذاته يمتلك سيرة تدريبية جيدة كونه سبق أن درب أكثر من فريق في الدوري الفرنسي إضافة إلى توليه قيادة منتخب الجزائر قبل أربعة أعوام خلفاً لخليلوزيتش.. وربما لهذا السبب تحديداً كنا نمني النفس بمشاهدة الغرافة وهو يستعيد دوره على مستوى المنافسة على اللقب هذا الموسم مثلما كان الحال بين عامي 2007 و2010عندما توج بلقب الدوري ثلاث مرات متتالية في عصره الذهبي الذي يشبه قميصه بالضبط خصوصاً أن خطوات الإعداد كانت تبدو نموذجية تحت قيادة مدرب كان هو من اختار لاعبيه وفق مواصفات وقياسات حددها بنفسه.
غير أن الذي حصل كان يبدو بعيداً جداً عن تلك التمنيات .. فقد بدأ الفريق مسيرته بهزيمة ثلاثية غير متوقعة أمام فريق قطر .. ومع أنه استعاد توازنه بعد ذلك بفوزين وتعادل إلا أنه عاد ليترنح تحت وطأة ثلاث هزائم متتالية كانت إحداها أمام أضعف فرق البطولة وهو فريق الخريطيات الذي لم يسجل حتى الآن سوى فوزه ذاك على الغرافة وبهدفين دون رد.. أما الذي زاد الطين بلة فهو ما حدث في الجولتين الأخيرتين لا سيما أمام السد عندما قبل بمثل تلك الهزيمة الساحقة التي لم تهز الفريق فقط وإنما هزت الدوري كله على اعتبار أن الكل كان ينتظر من الغرافة أن يعود إلى القسم الثاني بالمستوى الذي يؤهله لاقتحام مربع الكبار على الأقل!.
لم نأت بشيء من عندنا طبعاً.. فتصريحات المدرب السابقة كانت حافلة بكل ما يدعو للتفاؤل.. كما أنه كان سعيداً بوجود نخبة من اللاعبين الشباب الصاعدين والقادرين على الإسهام بدور مهم مع الفريق إلى جانب تواجد عدد من أصحاب الخبرة المتميزين أيضاً.. وفي هذا الجانب كان المدرب يتحدث عن عملية بناء فريق جديد لكنه كان يؤكد في نفس الوقت على أن ذلك لا يحد من تطلعاته في التنافس على لقب هذا الموسم.
وهنا لابد من أن نؤشر لحقيقة امتلاك الفريق نخبة طيبة من اللاعبين الواعدين فعلاً.. وربما نؤكد هنا أن الغرافة من أكثر الفرق التي منحت مثل هؤلاء اللاعبين فرصة المشاركة في الدوري .. ولعل ذلك هو الذي يجعلنا نذهب إلى أن لاعبين مثل الحارس يوسف حسن وإلياس أحمد وعمرو سراج ومعاذ يحيى باتوا اليوم من بين اللاعبين الأساسيين بعد أن أثبتوا جدارتهم فعلاً بحيث لم يعد مناسباً أبداً أن نجعلهم من بين أسباب أي تراجع من خلال الإشارة ضمناً إلى نقص الخبرة لديهم كما ورد على لسان المدرب في المؤتمر الصحفي الأخير الذي أعقب خسارته الساحقة أمام السد.
كما أن حديث المدرب عن معاناة الفريق من تراجع القدرات البدنية للاعبين مثل شنايدر وطارمي وفايس لا يمكن أن يقنع أحد أبداً.. فإذا ما كان هناك أي خلل في هذا الجانب فإن المسؤول الأول هو المدرب نفسه لأننا هنا نتحدث عن مرحلة يفترض أن تكون فيها لياقة اللاعبين في أعلى مستوى خلال الدوري.. ثم ، وهذا أمر في غاية الأهمية، ألسنا هنا نتحدث عن لاعبين محترفين.. ؟ كيف للاعب محترف أن يرضى بالتراجع بدنياً مع انتصاف رحلة الدوري وقبل فترة الانتقالات الشتوية..؟ ألا يمكن أن يكون ذلك مجازفة يمكن أن ترمي به خارج أسوار النادي من خلال تلك الانتقالات المرتقبة؟.
شخصياً لم أجد في تبريرات جوركوف ما يمكن أن يكون مقنعاً ، مثلما أجد نفسي غير مقتنع أيضاً بوجود لاعب بمستوى السلوفاكي فايس أو الإيراني طارمي على دكة البدلاء.. فإذا ما كانت تلك عقوبة إدارية لهذين اللاعبين لسبب أو لآخر فإن الأحرى أن يكونا خارج دكة البدلاء أصلاً وليس العودة إليهما في الشوط الثاني لأن في ذلك ما يمكن أن يقوي اللاعب على المدرب بعد أن يجد الأول أن الثاني يبقى بحاجة إليه في الظروف الصعبة.
في كل الأحوال أقول إن ثمة “ تخبطاً “ فنياً يعاني منه الغرافة اليوم.. وفي تقديري، وأرجو أن يكون ذلك خطأً، إن هناك مشكلة ما تنمو داخل الفريق بطريقة يمكن أن تمتد في تأثيراتها السلبية على القادم في مسيرة الفريق مع الموسم.. ولأنني أقر بجدارة المدرب وكفاءته التدريبية وفقاً لمسيرته المعروفة فإن من غير الممكن أن أطالب، مثلما يطالب البعض، بالبحث عن بديل له.. كما لا يمكن طبعاً أن نفرط بمثل هذه الأسماء في مثل هذا التوقيت خصوصاً أننا نعرف جيداً حجم إمكانات كل منهم .. لذلك أقول إن إدارة الفريق ومسؤولي النادي مطالبون بالتدخل والكشف عن حقيقة ما يجري داخل صفوف الفريق والعمل على معالجة ما يمكن معالجته والعودة بالفريق إلى الصورة التي ينبغي أن يكون عليها سواء في المتبقي من عمر الدوري أو في تحضيراته لدوري أبطال آسيا.
وهنا لابد من أن نؤكد أن الغرافة قادر على العودة بقوة من خلال استثمار فترة التوقف الجديدة وهي فترة طويلة يمكن أن تشهد العديد من المتغيرات الإيجابية في هذا الجانب وبالتالي تجاوز ما حدث من نكوص لا يليق أبداً بالفريق الذهبي.