التدخل السعودي الإماراتي يتسبب بنزوح وهروب ملايين اليمنيين
عشرة آلاف قتيل منذ بدء عمليات التحالف.. والمجاعة تهدد نحو 14 مليوناً
اليمن – وكالات:
خسرت عائلات في اليمن منازلها ومقتنياتها ومصادر رزقها بسبب الحرب التي تشنها السعودية، إضافة إلى المعارك بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين، لكنها تؤكّد أن النزاع جردها مما هو أكثر قيمة من كل ذلك: كرامتها. واضطر علي محمد مستباني مع زوجته وأطفالهما الستة إلى ترك قريتهم بمحافظة حجة شمال غرب اليمن قبل سنوات واللجوء إلى مخيم الخديش في المحافظة ذاتها بسبب الضربات الجوية التي تنفذها طائرات التحالف السعودي ضد مواقع للمتمردين. وقال في خيمة تؤوي عائلته في الخديش إن إقامته بقريته وسط الغارات التي غالباً ما تتسبب بمقتل مدنيين “كان أمراً مهيناً” بسبب الرعب الذي كان يعتريهم كلما سمعوا أصوات القصف. وتابع “الآن وجودنا في هذا المخيم أكثر ذلاً حتى”، مضيفاً “حالتنا من سيئ لأسوأ، لم يعد لدينا حتى ثمن المواصلات للذهاب إلى السوق، ولا ثمن الدقيق”.
ونزح أكثر من مليوني يمني عن منازلهم منذ اندلاع الحرب في 2014، خصوصاً بعدما تصاعدت حدّتها مع تدخّل السعودية على رأس تحالف عسكري في مارس 2015 دعماً للحكومة المعترف بها في أعقاب سيطرة المتمردين الحوثيين على مناطق واسعة بينها صنعاء. وهناك نقص في الطعام في المخيم. ومعظم الغذاء الذي يستحصل عليه سكان المخيم، يجري طبخه في أوانٍ حديدية مثبّتة في الأرض. ويقول النازحون إن الحياة في هذا المخيم بائسة وصعبة. ويروي يحيى كلعوم كيف فرّ مع عائلته في 2015 إلى الخديش من مخيم آخر في المحافظة ذاتها يدعى المزرق حيث فقد عدداً من أقاربه في غارة جوية في مارس 2015 أصابت المخيم. وأوضح “خرجنا في الليل وهربنا مشياً على الأقدام. سرنا ولم نكن نملك أي شيء سوى الملابس التي كنا نرتديها”، حتى وصلوا إلى الخديش. وقال “نحن نعاني. لا مأوى هنا، ولا مياه، ولا غذاء، ولا بيئة صحية للمحافظة على صحة الأطفال”.
على بعد 300 كيلومتر جنوب حجة، يجلس نازحون بمخيم في الخوخة الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية في محافظة الحديدة، بعدما فروا من بلداتهم القريبة جراء عمليات قصف مصدرها المتمردون الحوثيون. ومن بين هذه البلدات، حيس، الخاضعة لسيطرة المتمردين، والتي اضطرت عائلات كثيرة للفرار منها باتجاه الخوخة (100 كم جنوب مدينة الحديدة) خوفاً من القصف والقذائف. وهرب محمد يحيى غالب مع أولاده إلى المخيم في الخوخة بسبب “القصف الشديد والمفاجئ في الليل والنهار”، حسبما يقول. وفي حيس التي تبعد نحو 30 كم عن الخوخة، تتناثر شظايا القصف في كل مكان في شوارع البلدة، وتبدو المنازل والأحياء شبه مهجورة، بينما أغلقت المحلات والمباني التي تضررت من القصف، أبوابها. وتوصّلت الحكومة اليمنية والمتمرّدون في محادثات في السويد اختتمت الأسبوع الماضي إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار في محافظة الحديدة بعد أكثر من أربع سنوات من الحرب.
ودخلت الهدنة حيز التنفيذ منتصف ليل الاثنين الثلاثاء. لكن الاشتباكات لا تزال رغم ذلك تدور بين الحين والآخر في حيس وفي مناطق أخرى في المحافظة الواقعة في غرب البلد الفقير. وبالنسبة إلى إشراق صالح، التي فرّت أيضاً من حيس إلى الخوخة، فإنها ترغب فقط بتعليم أطفالها. ونتمنى من أي منظمة أن تساعدنا في تعليمهم”.
وتصف الأمم المتحدة الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها الأكبر في العالم. وقتل نحو عشرة آلاف شخص في النزاع اليمني منذ بدء عمليات التحالف في 2015، بينما تهدّد المجاعة نحو 14 مليوناً من سكان البلاد. وقرّر محمد صالح عسيلي وعائلته المؤلفة من نحو 100 شخص ترك حيس قبل نحو عام تقريباً. وكان يعمل كسائق شاحنة، ولكنه أصبح اليوم عاطلاً عن العمل.