بين فترة وأخرى تتعالى أصوات شعبية ورسمية في اليمن تقول صراحةً: إن “السعودية تقف وراء عدم الاستكشاف والتنقيب عن الثروة النفطية في بعض المناطق اليمنية”، بل إنها تذهب إلى أن “المملكة أجبرت الدولة اليمنية على عدم الإنتاج من مناطق أكدت عمليات استكشاف أنها تحتوي على نفط”، كما في محافظة الجوف الواقعة شرقي البلاد والمتاخمة للحدود السعودية.
ما يعزز هذه الاتهامات توقف عمليات التنقيب فجأة من خلال شركة “هنت” الأمريكية بمحافظة الجوف في ثمانينيات القرن الماضي.
وتشير الروايات إلى أن زعامات قبلية موالية للسعودية وقفت خلف منع عمليات التنقيب قبل أن تعود في عام 2013، بتوجيه من الرئيس عبد ربه منصور هادي، إلى إعادة عمليات الاستكشاف والتنقيب، التي استهدفت حفر أربع آبار في منطقة الخسف بالجوف فيما يُعرف بالقطاع 18؛ لكنها واجهت تصعيداً سعودياً من خلال ملف ترحيل المغتربين اليمنيين.
وما يزيد الأمر غموضاً عدم إعلان الشركة نتائج أعمالها التي توقفت دون إيضاح.
ووقعت السعودية واليمن عام 2000 في مدينة جدة اتفاقية تقضي بألا يتم التنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما في منطقة تبعد 40 كيلومتراً عن الحدود، إلا بموافقة كلا الجانبين اليمني والسعودي. وأشارت صحيفة صوت الشارع اليمنية إلى أن الحكومة السعودية تجاهلت رسائل الحكومة اليمنية بهذا الشأن، وعندما أرسل اليمن وفداً إلى السعودية أبقوه في الفندق، وعاد من دون أن يحصل على أي معلومات.من جهته، أكد دبلوماسي يمني برتبة “سفير”، عمل سابقاً ضمن البعثة الدبلوماسية اليمنية، في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن السعودية تقف وراء منع التنقيب، ليس فقط في محافظة الجوف، بل الحُديدة أيضاً.
السفير، الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه، قال: إن “المملكة استغلت ضعف إمكانات الحكومة اليمنية، التي لا تستطيع تحمُّل نفقات عمليات التنقيب والاستكشاف الضخمة، كما أنها كانت تعرقل أي محاولة اتفاق مع شركات أجنبية أخرى”.
وقال المتخصص بالشأن الاقتصادي اليمني هشام البكيري،: إن “القطاع النفطي في اليمن ما يزال بِكراً وواعداً”، مشيراً إلى أن “هناك تقارير لمؤسسات غربية تتوقع وجود كميات نفطية كبيرة في باطن الأراضي اليمنية، إلا أن ضعف سلطة الدولة ومؤسساتها العسكرية والأمنية والاقتصادية من أكبر العوائق التي تمنع الاستكشافات النفطية”.
وفي حديثه لـ ”الخليج أونلاين” ، لم يستبعد البكيري أن “تقوم السعودية بهذه الممارسات، فلديها سوء نية تجاه اليمن.
منذ قيام الثورة اليمنية، في فجر 26 سبتمبر 1962، والمملكة تتدخل بكل ثقلها في تشكيل البنية السياسية والعسكرية والاقتصادية للدولة اليمنية، وتعيد تشكيل مراكز نفوذ التركيبة الاجتماعية اليمنية بما يخدم إبقاء الدولة اليمنية في إطار نفوذها” .
وأوضح أن القطاع النفطي من أهم ركائز الاقتصاد اليمني؛ فهو يغطي أكثر من ثلثي الميزانية العامة رغم محدودية الاستثمارات بهذا القطاع الحيوي، “فأي إجراءات تتخذها السعودية لمنع اليمن من التنقيب والاستكشافات النفطية في الجوف، تعمل على إبقاء أوضاع اليمنيين الاقتصادية متدهورة، وتحت رحمة سياساتها الخطأ، لجعل اليمن بؤرة فقر واحتراب يستنزف مقومات الدولة وطاقة اليمنيين للحيلولة دون بناء دولة قوية”.
وبحسب البكيري، فإن السياسة السعودية الساعية إلى حرمان اليمنيين من نفطهم مستمرة إلى اليوم، فالتحالف الذي تقوده المملكة لدعم الشرعية لم يسمح للحكومة اليمنية بإعادة إنتاج النفط وتصديره كما كان قبل انقلاب الحوثيين، في حين أسهم عدم تطبيع الأوضاع بالمناطق المحررة في عدم عودة الشركات النفطية الأجنبية المستثمرة بقطاعات النفط، وهو ما يحرم الحكومة من استغلال عوائده في تنشيط الوضع الاقتصادي، وإيقاف تدهور العملة، وتحسين الحالة المعيشية للمواطن اليمني.